أمام مرأى محافظة ريف دمشق.. مخالفة بناء واضحة في دف الشوك والمتعهد يتوعد
يبدو أن الفساد المستشري في البلديات والمكاتب الفنية لم يتأثر قيد أنملة بالقضية الوطنية والمحنة التي تمر بها البلاد، أو لعله كما كل الفاسدين الكبار من صيادي الأزمات التي تنتظر الفرصة السانحة للقبض على الفريسة مهما كان الثمن، وذلك على حساب دم الشهداء والأوطان، فالإدارة في معظم البلديات ما تزال تغض النظر عن المخالفات الجارية والقائمة على قدم وساق، مقابل بدلات مالية يتقاضاها المراقب ورئيس الوحدة الإدارية تقدر ثمن الرشوة بما تتناسب مع حجم البناء ومدته، وعلى الرغم من صدور القوانين التي تهدف إلى قمع مخالفات البناء ووضوحها في حالة المخالفة، وخاصة المواد التي تجيز فيها استخدام العقوبات الشديدة التي نصت عليها هذه القوانين، فإلى الآن ما زلنا نشهد الكثير من مخالفات البناء والأخص والتي تقدر بالآلاف من المخالفات التي شيدت أثناء الأحداث وفترة الاضطرابات وأمام أعين تلك البلديات.
لن تنفع الإدارات الحجج التي تخلقها للتهرب من المسؤولية، لأنها وبكل بساطة كان بإمكانها ردع أية مخالفة، وخاصة تلك التي تشكل خطورة على البناء المشيد أصلاً للطوابق المحددة حسب الدراسة الهندسية، وما يزيد أكثر في حجم المخالفات أن المشتكي حين يقدم أي شكوى يدخل في متاهة لا خروج منها لعدم وجود ربط «مفتعل» بين البلديات ولجنة الهدم المركزية والمحافظة والإدارة المحلية، فالقضية تجري كما يلي: عندما تتم الشكوى على بناء مخالفة تتم الشكوى إلى البلدية المختصة، التي تتذرع بأن قرار الهدم عائد للجنة الهدم المركزية، وعندما تتم الشكوى إلى هذه الأخيرة يجري التذرع بعدم وجود قرار من المحافظ بالهدم، حيث يتم تمييع الأمور بحيث يكره المواطن ويشتم الساعة التي قرر فيها تقديم الشكوى، فتكون النتيجة أن تصل الشكوى إلى طريق مسدود، ثم مع مرور الزمن وعلى قاعدة «التقادم»، تبقى المخالفة لتصبح أمراً واقعاً.
والأمر الآخر الذي إن أقر فيه هدم المخالفة طبعاً بعد اتفاق مع صاحب المخالفة، فإن الهدم يتم لجزء بسيط جدا من المخالفة «بلوكة وقسم يسير من الأساسات»، وذلك حسب المبلغ المدفوع كرشوة للجنة الهدم حيث يتم إصلاح ما هدم خلال ساعات من انتهاء عملية الهدم وأمام الجميع وكأن شيئاً لم يكن.
وللتأكيد على من نحن بصدده نورد الشكوى المقدمة من سكان البناء المشاد على العقار/1219/ من المنطقة العقارية شاغور بساتين حي دف الشوك اتجاه محطة الحسين المؤلف من ثلاثة طوابق إلى محافظة ريف دمشق والتي يقولون فيها:
«إنه وبتاريخ 17/10/2011 تقدمنا لبلدية يلدا بشكوى وكان رد رئيس البلدية بانه سيهتم بالموضوع وسيرسل مراقب لقمع المخالفة، وإيقافهم عن العمل، علماً بان صاحب العقار (م.ع) حاول ومنذ ثماني سنوات إتمام البناء، ولكنه منع ولم يأخذ أي ترخيص بسبب هشاشة الأرض وتشقق الجدران طولياً وعرضياً، ومنذ أشهر أعاد التجربة وقمع من البلدية، وأخيراً عهد المذكور(م.ع) الموضوع لمتعهد «واصل» وقال لنا المتعهد: «لي إنجازات كثيرة في المنطقة، وأنا اتصلت برئيس البلدية، الذي قال له، أرضي سكان البناء وليس لدينا مشكلة».
طالبين في ختام شكواهم من محافظة الريف إنصافهم تداركاً لحدوث كارثة لا يحمد عقباها، ونظراً لعدم تجاوب البلدية عاد السكان في 1/12/ 2011، برفع شكوى جديدة لمحافظ الريف الجديد مشيرين فيه إلى «خطورة بناء طوابق إضافية بسبب ضعف في أساسات البناء وهشاشة التربة، علماً أنه تم إلغاء مخالفة سابقة في عام 2003 لنفس السبب، وقد قامت محافظة ريف دمشق بالإيعاز إلى بلدية يلدا لإزالة المخالفة، وتم هدم/8/ أعمدة فقط!!. وبالرغم من ذلك عاد المتعهد ليتابع عملية البناء، ولكنه قبل ذلك قام بتوجيه التهديد والتوعد لمن يحاول أن يمنعه».
وطلب الأهالي من المحافظ «تشكيل لجنة فنية من المحافظة لإجراء اختبار مقاومة البيتون لأعمدة البناء، مؤكدين عدم اعتراضهم على عملية البناء في حال ثبت أنه لا يشكل خطراً وتهديداً على حياة القاطنين فيه».
إن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: هل مطلب سكان البناء صعب إلى هذه الدرجة حتى لا يؤخذ به؟ وعلى من يسند «ظهره» المتعهد الواصل حتى يهدد حياة عشرات المواطنين للخطر دون ان يرف له جفن؟
إن عدم وجود العقوبات الرادعة في القوانين أو عدم تفعيل هذه القوانين وخاصة فيما يتعلق بعقوبة السجن والإزالة الكاملة للمخالفة وعدم التشدد بشكل فعلي في قمع المخالفات، يؤكد أن الفاسدين ما زالوا في مناصبهم على «سن و رمح»، فهل من قوة في المحافظة لردع هذا المتعهد ومخالفته قبل أن تحدث أية كارثة؟!.