وخزات مازوتية
أدت أزمة نقص المازوت والغاز إلى استياء شعبي عارم في طول البلاد وعرضها. ترى الناس أرتالاً وطوابير طويلة في الكازيات، وفي مراكز الحصول على الغاز، وجوه مكفهرة تنقط غضباً وحقداً وانتقادات قاسية لا تخلو من الشتائم بحق من يسبب هذه الأزمة. أحدهم سأل منتقداً شاتماً: من ترى يسبب هذه الأزمة رغم أن وزارة النفط تؤكد توفر المازوت في البلد؟.
أجابه آخر: إذا لم تكن السلطة نفسها تسبب هذه الأزمة، انطلاقاً من الدويخة لإلهاء الشعب بالركض هنا وهناك ليؤمن ضرورياته، كما كان يجري في ثمانينيات القرن الماضي، فهم المهربون اللصوص.
سأله: عجيب غريب، في ظل هذه الأجهزة الأمنية التي تراقب تحركات المواطن وتحصي أنفاسه، لا تستطيع السلطة منع تهريب المازوت؟.
فأجاب: نعم لا تستطيع لأن حاميها حراميها، ولأن المهربين الكبار، هم بعض المتنفذين الكبار.
تدخل أحدهم في الحديث وقال معلقاً بلهجة مرحة تولد من قلب الألم: سمعت أن عدة دوريات جمارك تعاونت مع بعضها، وتمكنت من حصار مهرب في أحد شعاب جبالنا الحدودية في الشمال، وأوسعوه ضرباً، وصادروا دراجته الهوائية و«بيدونه» الذي يحتوي على ستين لتر مازوت، وقدموه للقضاء لينال جزاءه العادل، لجرعته التي تسببت في خلق أزمة مازوت في القطر.
تدخل أخر ينسج على منوال الأول وقال: سمعت أن دورية جمارك تمكنت من اعتقال شخص يحمل عشرة آلاف لتر مازوت في طريق مخفية في جبل حدودي، فما كان من السائق إلا أن اتصل بأحدهم، وبعد دقائق رن هاتف قائد الدورية بتوبيخات لاذعة لتصرفه بحجة أنه أخطأ، وأمره بإخلاء سبيله.
لكن رئيس الدورية قال في نفسه متأسفاً: «قلنا اجتنا رزقة كبيرة، يلعن حظنا شو عاطل اليوم».