القطاع التعليمي في طريقه للانهيار.. فهل من السبيل للإصلاح؟!
يبدو من الواضح على مدى الأزمة الحاصلة في سورية، والمستمرة منذ ما يزيد على تسعة أشهر حتى الآن، والتي أسفرت عن تخبط أرهق البلاد والعباد على جميع الأصعدة والمستويات، يبدو أن الوزراة وحتى المدارس لم تنجُ من براثن هذه الأوضاع المتفاقمة والتي انفجرت في سورية.
ولعل ما زاد من آثار هذه الأزمة على الناحية التعليمية هو ارتفاع الفساد بين المدراء الموجودين وسوء مستواهم الإداري والمناهج الموضوعة التي لا تتناسب إطلاقاً مع القدرات العقلية والإمكانات الاقتصادية والمادية لمعظم الطلاب، ناهيك عن سوء التخطيط الإداري والتعليمي الواضح في العملية التدريسية، يضاف إلى ذلك الإصرار بل والزيادة من استخدام الشعارات الحزبية ودورس القومية التي لا تتناسب مع الفترة الراهنة التي تشهد حراكاً شعبياً سياسياً يكاد يعمّ البلاد، ولا يخفى على أحد الآن أن المشاكل التي تتعرض لها العملية التعليمية في سورية كثيرة ومتعددة، وعلى ما يبدو فهذه هي البداية فقط، إذ أن ما يجري في حصص القومية من تغيب في معظم المدارس دليل واضح على وجود تسيب كبير في هذه المدارس، ناهيك عن خروج الطلاب في المظاهرات وتأييدهم للحراك الشعبي بمعظم المناطق في ريف دمشق، ما دفع بعض المحسوبين على الأجهزة الأمنية إلى التهور والتصرف بهستيريا مع شباب المستقبل وذلك ما يزيد من دمار القطاع التعليمي في الفترة الراهنة، والذي أصبح على وشك الانهيار، فالمشكلة هنا ذات بعدين واضحين تماماً.
فمن الناحية الأولى: هناك غياب لسيطرة المدرسين والمدراء على المدارس، وهذا أمر واضح في معظم المدارس السورية.
ومن الناحية الثانية: هناك الإصرار على استخدام الحل الأمني ضد بعض التلاميذ الذين يتظاهرون متعاطفين مع الحراك الشعبي، ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى اعتقالهم وتجاهل كونهم من الأطفال، ما أدى إلى زيادة قلق الأهالي على أبنائهم، وجعل معظم التلاميذ والطلاب إما يتغيبون عن المدارس أو يلتحقون بالحراك الشعبي بشكل كلي في بعض الأحيان.
وأيضاً، عندما نتناول الحديث عن المدارس في الفترة الحالية لا ننسى الحديث عن المدرسين، فأوضاعهم تزيد من تردي وسوء العملية التعليمية في البلاد، لاسيما وأن هناك عدداً كبيراً من المدرسين في مدارس البلاد هم من الوكلاء غير الأصليين المثبتين، فهم بالتالي لا يحصلون على مرتبهم بشكل شهري بل بشكل فصلي مع مجموعة من الاقتطاعات دون مراعاة للأوضاع الاقتصادية الراهنة، كما ويتم عزل المدرسين الوكلاء في لحظة حضور المدرس الأصيل للمادة أو نقلهم إلى أماكن بعيدة جداً عن أماكن إقامتهم، ذلك بغض النظر عن المراقبة الأمنية الشديدة التي يخضع لها المعلمون والمتابعة الدقيقة لتصرفاتهم خلال الأزمة الراهنة، وهو ما جعل الكثير من المدارس السورية بحاجة إلى مدرسين خصوصاً في مواد الاجتماعيات والقومية. يمكن القول إن القطاع التعليمي السوري وصل إلى وضع مزر لا يحسد عليه، ولعل الأزمة الراهنة وما حملته من التصعيد المستمر تعدّ السبب الرئيسي لما يحصل في القطاع التعليمي الآن، وهذا ما يجب أن يدفع الجميع إلى العمل لإيجاد حل يضمن الإصلاح والتنظيم الإداري بشكل مناسب، طبعاً مع مراعاة التدقيق للمناهج، لعلنا نستطيع إصلاح قطاع وركيزة أساسية من ركائز الدولة السورية التي نريدها جميعاً أن تستمر وتعمر من جديد.