دير الزور الجثامين.. مقابل إعادة الكهرباء!

دير الزور الجثامين.. مقابل إعادة الكهرباء!

ما زال وهم الحسم والإسقاط مسيطراً.. ما زال وهم التحرير والتطهير مسيطراً.. وما زالت الممارسات التي تعمق الأزمة وتزيد التوتر مستمرة.. وما زال الوطن والمواطن في الطرفين يعاني ويدفع ضريبة التعنت سواء من دماء أبنائه أو خراب بناه التحتية والخدمية.. والمتشددون من الطرفين يرفضون وقف العنف والحلول السياسية..

معارك وشهداء تكاد تكون الاشتباكات شبه يومية على أطراف مطار دير الزور والقرى المحيطة به كالمريعية وحويجة المريعية والجفرة ويسقط العديد من الشهداء والجرحى من الطرفين سواء في الاشتباكات المباشرة أو القصف المتبادل أو الإغارة المتبادلة، وآخرها في الأسبوع الماضي حيث شنت القوات النظامية هجوماً على حويجة المريعية رداً على هجوم المسلحين على قرية الجفرة وقد سقط ستة من المسلحين قتلى واحتجزت جثامينهم..

قطع الكهرباء

 ورداً على احتجاز الجثامين قام المسلحون يوم الجمعة 28/2 بضرب وتفجير خط أنابيب الغاز الذي يغذي محطة التّيم الكهربائية التي تزود المدينة وأجزاء من المحافظة بالتيار الكهربائي مما أدّى إلى انقطاعه إلى اليوم ومنعوا ورشات الصيانة من تصليحه. وهو ما انعكس على حياة المواطنين الأبرياء وعلى سبيل المثال للآن لم يستطع العاملون فيما تبقى من مؤسسات الدولة من قبض رواتبهم بسبب انقطاع التيار عن أجهزة الحاسوب وفي كل مرة يصادف انقطاعه معها ناهيك عن الإنارة وغيرها..

وساطات للحل

ومنذ تاريخه قام العديد من الوسطاء بمحاولات بإشراف الهلال الأحمر في دير الزور لتسليم الجثامين لذويهم مقابل السماح لورش الصيانة بإصلاح خط الغاز التابع لشركة الفرات للنفط ومن المتوقع كما أكدت الأنباء الواردة أن يتم الموافقة على ذلك مساء اليوم الجمعة مع إغلاق تحرير هذا العدد من قاسيون، على أن تتم بدء إصلاح الخط يوم السبت 8/3.
لا شك أن استمرار القتال واستمرار الممارسات الناجمة عنه وقطع التيار الكهربائي وغيرها من الممارسات وانعكاساتها على المواطنين الأبرياء يتحمل مسؤوليتها الطرفان ولا بديل عن إيقاف العنف والحل السياسي وهذا ما تريده غالبية الشعب الذي أنهكته الأزمة..

...والسل يظهر مجدداً..!

إذا كان التهميش والنهب والفساد قد أبقى المنطقة الشرقية دون تنمية، فإنّ السياسات الاقتصادية الاجتماعية الليبرالية التي طبقت في السنوات الأخيرة قد أدت إلى تدني المستوى المعيشي وتراجع دور الدولة وبالتالي انفجار أزمةٍ شاملة...واستمرار الأزمة على مدى ثلاث سنوات قد أدّى إلى انهيار معيشي وخدمي كبير وخاصةً الوضع التعليمي والصحي..

لقد أدّى غياب دور الدولة التام في ريف دير الزور وسيطرة المسلحين المطلقة إلى انهيار في الوضع الخدمي عموماً والصحي خصوصاً وعادت أمراضٌ كثيرة للظهور مجدداً كالسل والتهاب الكبد الوبائي وشلل الأطفال والجرب، وانتشرت أمراضٌ كانت محدودة كالأمراض الصدرية والقلبية والنفسية والسرطانية وظهرت أمراض جديدة وأخطرها التشوهات الخلقية..

الفقر والتلوث

التهميش والنهب أبقيا المنطقة دون تنميةٍ حقيقية مما أدى إلى ارتفاع نسب الفقر والبطالة رغم أن المنطقة غنية بالثروات النفطية والمائية والزراعية التي كانت تذهب إلى جيوب الفاسدين الكبار في النظام، فإنّ نهب اللصوص والتلوث الناجم عن تقطير النفط البدائي والحصار وقطع الطرقات قد ضاعف النتائج عشرات المرات واغتنى المسلحون ومدّعو الثورة كما الفاسدين الكبار في النظام..

السلّ يظهر مجددا

في مدينة العشارة والقرى والبلدات التابعة لها شخصت فعليا تسع حالات إصابة بمرض السل (سبعة رجال وامرأتان) وتتراوح أعمار المصابين بين 25 والـ 85 عاماً.
وهنالك حالتان منها أصبحتا مزمنتين وتحتاجان علاجاً (ثنائياً ورباعياً) ولا يوجد علاج متوفر بين أيدي الكادر الطبي في المنطقة وإن وجد فغالبية المصابين من الطبقة الفقيرة التي لا تستطيع شراء الدواء من السوق السوداء ناهيك عن الخوف من الوضع الاجتماعي للمصاب إن علم من حوله بالمرض .
أكدت الأنباء ضرورة مناشدة الجهات المعنية حكوميا (مديرية صحة دير الزور) أو فرع الهلال الأحمر بالمحافظة لتأمين جرعات الدواء لمدينة العشارة والقرى المحيطة بها...!؟
يذكر أن منطقة العشارة وما حولها تتأثر بشكل مباشر من دخان حراقات النفط المسروق الذي بات يتسبب بأمراض لا حصر لها سنأتي على ذكرها لاحقاً حال توفر المعطيات الرسمية وفي مقدمتها مرض السرطان .
وتجدر الإشارة إلى أن: السلُّ هو عدوى جرثومية تسبِّب من الوفيات في العالم أكثر ممَّا تسبِّبه أي عدوى أخرى، وتكاد تكون انقرضت في سورية وهاهي تعود مجدداً.