لا يموت حق : القضاء المستقل والدولة الديمقراطية

لا يموت حق : القضاء المستقل والدولة الديمقراطية

لا وجود للحرية دون فصل السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية. وما على الحرية أن تخشى أي أمر يتعلق بالنظام القضائي بمفرده لكن عليها أن تخشى كل أمر إذا ما اتحد القضاء مع أي من السلطتين الأخريين، ولذلك يُجمع مُفكرو العالم على أن استقلال القضاء هو الطريق لتحقيق العدالة، وهو الوحيد القادر على تطبيق القانون على الكافة دون تمييز وكذلك حماية الحريات وحقوق الإنسان

 تهدف فكرة استقلال القضاء وتتطلع إلى توفير نظام عمل متكامل للهيئة القضائية، يمكّنها من ممارسة أعمالها في استقلال مالي وإداري متكامل بعيداً عن السلطتين التنفيذية والتشريعية من جهة، ومن جهة أخرى يوفر الأمن الوظيفي لعضو الهيئة القضائية، ويمكنه من أداء عمله بنزاهة وحيادية، ويحميه من تدخل الدولة والغير – أي بعض الأشخاص من داخل الهيئة القضائية أو من خارجها – في أداء عمله.
ويأتي الهدف من المطالبة بالاستقلال التام للقضاء، لتحقيق العدل بين الأفراد من جهة، وأيضاً بين الأفراد والدولة من جهة أخرى، بحيث يكون القانون هو الحاكم الفعلي، ولا مجال للاستثناء من تطبيقه أياً كان منصب الفرد وسلطته.
فالعدل بالنسبة للدولة، هو قاطرة النمو والتنمية، الذي يترتب عليه ازدهارها، فالإنسان بطبيعته قد يميل إلى العدل أو الظلم، ووظيفة القوانين هي الحد من ميول الإنسان ووضع الإطار الذي يمارس الإنسان من خلاله حقوقه وسلطاته، فتوافر السلطة والقوة دون ضابط، يجعل الإنسان يميل إلى الظلم، لذلك نجد أن أكثر أنواع الظلم يتوفر في أنظمة الحكم الفردي، وعلى العكس نجد الدول العادلة تتميز بقضاء مستقل، يكون الحكم الفعلي فيها هو القانون.
وتعليقاً على أهمية القضاء المستقل كتب أحد الرؤساء قائلاً : «الحكومة تحافظ على وعودها أو لا تحافظ على وعودها، من خلال محاكمها وعليه يصبح كفاح الفرد من أجل إقامة حكومة دستورية هو كفاح لسن قوانين جيدة ولكن بالطبع أيضاً لإقامة محاكم مطلعة ومستقلة وغير متحيزة»، وقد تم النص في الدستور المعمول به حالياً على استقلال القضاة والسلطة القضائية، ولكن لم ينص صراحة على تفاصيل تحقيق هذا الاستقلال وأيضاً نجد أن القوانين المنظمة لعمل الهيئات القضائية المعمول بها لا تتفق مع هذا المبدأ لوجود تبعية لوزارة العدل بالسلطة التنفيذية.