جولات جنيف-2... الشارع السوري غير متفاجئ بـ«النتائج»
تتعدد آراء السوريين وتختلف من مؤتمر جنيف 2 الدولي، والآمال المعقودة عليه تشكيكاً من البعض، وتفاؤلاً من البعض، ورفضاً قطعياً من بعض آخر. لقد أسدل الستار على مجريات الجولة الثانية من مؤتمر جنيف وبقي موعد الجولة الثالثة غير محدد
مما دعا إلى تشاؤم الكثير من مراقبي المشهد السوري. فيما بقيت معظم تصريحات الوفود المفاوضة متفائلة. حيث اعتبر وزير الخارجية السورية ورئيس الوفد الحكومي المفاوض إلى جنيف وليد المعلم أن الجولة الثانية من مؤتمر جنيف 2 لم تفشل على عكس بعض التحليلات الإعلامية التي ظهرت.
المشاورات مازالت «قائمة»
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أعلن أنه من غير المقبول على الإطلاق الحكم بالفشل على مؤتمر «جنيف 2» والتحول إلى السيناريو العسكري في سورية.
وقال لافروف إن «الجميع يتحدثون عن عدم وجود حل عسكري، لكن على هذه الخلفية تتزايد المحاولات الرامية إلى الحكم بالفشل على جنيف 2».
ومن جانبه قال وزير الخارجية الأمريكية جون كيري «إن المشاورات في إطار مؤتمر جنيف 2 حول سورية ما زالت قائمة، ولا يمكن انتظار اتفاقات خلال اجتماعين أو ثلاثة».
أما المبعوث الأممي والعربي المشترك إلى سورية الأخضر الإبراهيمي الذي كان قد أعلن أن لديه أطناناً من الصبر فقد أعتذر في نهاية الجولة الثانية من مؤتمر جنيف من الشعب السوري لعدم التمكن من تحقيق شيء خلال المفاوضات. و تابع الإبراهيمي «أعتقد أنه من الأفضل أن يعود كلّ طرف ويفكر في مسؤولياته وما إذا كان يريد لهذه العملية أن تستمر».
استطلاع رأي الشارع..
الشارع السوري كان له رأيه بجولة المفاوضات في جنيف، «قاسيون» استطلعت رأي الشارع وعادت بعيّنة عن هذه الآراء.
«وليد خليل»، رجل في العقد الرابع من العمر يعمل موظفاً في إحدى الشركات الخاصة، يقول «أنا لست مع التفاوض منذ بداية الأمر، فالطرف الآخر أي المعارضة الخارجية لا يملك أي قرار وقراراته هي رهن الخارج، والتفاوض معه مضيعة للوقت، وأتمنى أن لا نذهب مرة ثانية للتفاوض».
في حين تحدث «سعيد الخضر»، مدرس لغة إنكليزية، قائلاً «تابعت الجولة الأولى والثانية من المفاوضات وكانت النتائج بعدم التوصل لحلول بأقرب وقت واضحة للجميع، لكن وبعد ثلاث سنوات من الحرب أتمنى أن نتوصل لحل لنستطيع إكمال حياتنا وأنا مع الذهاب إلى جنيف.
أما «أم سومر»، وهي سيدة فقدت أحد أبنائها في الأحداث الدائرة، تقول بألم «أنا لست مع التفاوض مع من قتل أبناءنا ودمر حياتنا وكنت متأكدة من النتائج التي خرج المتفاوضون بها»، وتضيف «قد أجزم أن المفاوضات قد تستمر إلى سنوات دون التوصل إلى نتائج حاسمة».
المزيد من «الجولات»..
بدوره «عادل مالك»، وهو طالب في كلية العلوم السياسية، أكد بأنه «لم يعد أمر التفاوض في جنيف بيد السوريين وحدهم، فهناك شركاء إقليمين لديهم مصالح في سورية وسوف يدافعون عنها، لذلك التفاوض خرج من يد السوريين وسوف نشهد عدداً كبيراً من الجولات قبل التوصل إلى بداية الحلول للمشكلة السورية»، وأضاف «أتوقع أن نشهد المزيد من اللقاءات والجولات طالما أن الطرفين اتجها إلى طاولة الحوار».
في حين تحدثت «مزنة .ش»، وهي مدرسة في إحدى الجامعات السورية، قائلة «أنا مع التوجه إلى التفاوض والجلوس إلى طاولة واحدة مع المعارضة الخارجية، لكن كنت أتمنى أن تكون مشاركة المعارضة أوسع في المباحثات، كما أتمنى أن تحظى المرأة السورية بنسبة تمثيل أفضل مما هي عليه سواء بالوفد الحكومي السوري أو وفد المعارضة، لأنه إلى الآن مشاركة المرأة هي مشاركة شكلية فقط خاصة أن النساء في سورية كن من أكثر الأطراف تضرراً في الأحداث السورية».
بين التفاؤل والتشاؤم
وذهب «جميل خالد»، وهو صاحب بقالية، إلى أنه مع التفاوض إذا كان سيحمل حلاً للأزمة السورية «ومع أي حل يوقف هدر الدماء السورية ويوقف الدمار الذي نعانيه فنحن بحاجة إلى عشرات السنوات لنعيد سورية كما كانت. غير أني غير متفائل بالنتائج التي سيصل إليها المجتمعون في جنيف».
أما السيدة «سعاد محمود»، وهي في الثلاثينيات من عمرها ومهجرة من منزلها، فقد تحدثت لنا بألم وحسرة «لقد تهجرت من منزلي وربما تدمر منزلي لكني لست مع التفاوض بجنيف ولست مع التفاوض مع القتلة ولا أعتقد أن التفاوض معهم سيوصل البلد إلى حل نهائي للأزمة».
وبدوره قال «شادي .ع»، وهو طالب في كلية الحقوق بجامعة دمشق، «أنا لست متفائلاً من أي جلسات تفاوض والحل هو حل عسكري ولن يكون غير ذلك فالتفاوض لن يقدم أي حل».
أما «حسين عبدالله» فقد أكد بأنه «لو كان النظام يريد الحل لما وصلت الأمور إلى هذا المستوى أصلاً، أنا لست مع التفاوض مع هذا النظام، ومع أي أسلوب آخر للتخلص منه».
جنيف خطوة إلى الحل
في حين تحدثت الطالبة الجامعية «راميا كيوان» لنا وهي متفائلة بإمكانية الحل السلمي للأزمة في البلد، قائلة «أنا مع الحل السياسي لحل الأزمة السورية، ولا أجد أن الأمور قد وصلت إلى أفق مسدود فالتوجه إلى جنيف كان خطوة جيدة نحو البداية، وما أتمناه هو الإسراع في هذه الخطوات لأننا كسوريين لم نعد نحتمل الخسائر البشرية والمادية التي تتكبدها البلاد في حال عدم التوصل إلى وقف العنف وبدء العملية السياسية في سورية».
وبدوره أكد «محمد .ش»، وهو أب ذاق الأمرين باستشهاد ابنه في الأحداث الحالية، بأنه مع مسألة التفاوض وأن تنتهي مأساة السوريين بأقرب وقت «لأن سورية تفقد جيلاً كاملاً من شبابها الذي كانت تفتخر به دائماً».
وأيضاً أيد «قصي علي»، صاحب مكتبة، فكرة التفاوض في جنيف وغير جنيف ولكن «بشرط أن يكون هناك نية في التوصل لحل للأزمة السورية».
مزاج الشارع السوري
«قاسيون» إذ تطرح رأي هذه العينة من السوريين، التي تعكس الأمزجة المتنوعة في الشارع السوري، بغض النظر عن الموقف منها، حاولت أن تكون موضوعية في طرح وجهات النظر المختلفة حول جنيف، بغض النظر عن المزاج السائد المطالب بالحل السياسي، وعلى العموم تشير الوقائع الملموسة وفي مختلف مناطق البلاد، وما أعلن من تسويات، وما هي في طريقها إلى الإعلان، وحالة الرفض بين صفوف من بعض من يحسبون على الموالاة أو المعارضة لاستمرار الوضع الحالي، إن مزاج أغلب الشعب السوري يتجه نحو ضرورة وضع حد للكارثة الإنسانية، وضرورة تجاوز المأزق الذي وصلت إليه البلاد، وإذا كان الوعي الشعبي يعبر عن ذلك بطريقته من قبيل: «بدنا نخلص»، «حاجتهون»، «بدنا نعيش».. فإن ذلك يجب أن يتجسد على الأرض، من قبل القوى السياسية بدعم انعقاد جنيف وتفعيل دوره، بما فيه اشراك تلك القوى التي تعبّر عن مزاج أغلبية السوريين.