دير الزور: هل بدأت الأزمة بـ«الانفراج»..؟
وأخيراً، أعلن محافظ دير الزور أنّ طريق تدمر الذي كان مغلقاً منذ 4 أشهر أصبح مفتوحاً لمرور «المساعدات الإغاثة الإنسانية»، ودخلت قافلتان تحملان 100 طن من مادة الكلور اللازمة لتعقيم مياه الشرب..
هذا الحصار المتبادل والمزدوج على المحافظة ريفاً ومدينةً من الجهات الرسمية والمسلحين بانتماءاتهم المتعددة من داعش والنصرة والجيش الحر وغيرهم، والذي كان ضحيته المواطنون الأبرياء الذين حرموا من أبسط حقوقهم الإنسانية وهو حقّ الحياة التي كانت مهددة بالموت مرضاً وجوعاً وعطشاً ناهيك عن القتل والخطف والاعتقال وغيرها من أشكال الموت.
الطريق مفتوح ولكن..؟
إنّ فتح الطريق أمام المساعدات الإغاثية الإنسانية يعني بقاءه مغلقاً أمام حركة السيارات ووسائل نقل الركاب التي تضطر للذهاب إلى حمص ومنها إلى السلمية فالرقة للوصول إلى دير الزور عبر طريق قصر الحير الشرقي في البادية لمدة 18 ساعة، ويعني بقاء أعباء أجور السفر التي تضاعفت عشرة أضعاف على الأقل، فالمواطن كان يدفع 350 ليرة والآن يدفع 3500 ليرة ذهاباً ومثلها إياباً وهو ما يعادل نصف راتبه أو ثلثه في أحسن الأحوال، وهو خاضع تحت رحمة أصحاب السيارات والباصات و«الوشيشة» التابعين لهم دون أن يحاسبهم أحد وخاصةً خط دير الزور..
بينما وصل الأمر أن يدفع المواطن الذي يذهب إلى البوكمال حوالي15000 ألف لسائقي السرافيس الذين يضطرون لنقلهم عبر طرق برية وترابية في البادية.
ما بين المحافظ واللجنة الوزارية..!
وكانت لجنة وزارية برئاسة وزير العدل قد زارت المدينة الأسبوع الفائت وطالب المحافظ بـ400 مليون ليرة للأسر المتضررة، بينما هي قدمت 800 مليون ليرة..
وهنا نتساءل ما هي المعايير التي اتبعها المحافظ في تحديد هذا المبلغ الزهيد، وما هي المعايير التي اتبعتها اللجنة الوزارية.. ولماذا هذا التباين؟ وقبل أن نحدد موقفاً اتجاه ذلك ولنكون واقعيين تعالوا لنحسب حسبةً بسيطة.
المسجلون نصف المهجرين..
عدد المهجرين من بيوتهم من أبناء المحافظة في داخلها وخارجها حوالي 700 ألف مواطن في 93 ألف عائلة، منهم 45500 عائلة موجودون في المدينة وفق دفاتر العائلة وحسب إحصائيات فرع الهلال الأحمر بدير الزور، ومرشح أن يرتفع العدد إلى 60 ألفاً، وإذا وزعنا المبلغ على هؤلاء فقط تنال كل أسرة حوالي17000 ليرة فماذا يفعل هذا المبلغ أمام حجم الخسائر والدمار..؟ وماذا يفعل باتجاه تأمين لقمة المعيشة في ظل هذا الغلاء الناري..؟ فهل يكفي مدة أسبوعين معيشة فقط..!؟
بين الحلول الوهمية والواقعية..
لا شكّ أن المبلغ الذي طالب به المحافظ «400 مليون» ليس زهيداً فقط وإنما يكاد يكون لاشيء، وهذا إمّا يدل على لا مبالاة وهو مصيبة أو على جهل بالواقع والمصيبة هنا أعظم.. أما المبلغ الذي قدمته اللجنة الوزارية فهو كما يقول المثل الشعبي لا يعادل من الجمل أذنه ولا يسمن ولا يغني من جوع..
إنّ ما يحتاجه الشعب عموماً وأبناء دير الزور خصوصاً في هذه الظروف المأساوية ليس مِنةً من أحد.. وإنما هو حقّ لهم يكفله الدستور والقانون.. كما من حقّهم أن تُعاد لهم أموالهم ومنازلهم التي نهبها وسرقها بعض من الشبيحة أو الذبيحة.