هل تعدلت «المادة الثامنة» في الدستور..؟!

هل تعدلت «المادة الثامنة» في الدستور..؟!

من‭ ‬المعروف‭ ‬أن‭ ‬الدستور‭ ‬السوري‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬قيادة‭ ‬حزب‭ ‬البعث‭ ‬للدولة‭ ‬والمجتمع‭ ‬قد‭ ‬تم‭ ‬تعديله‭ ‬في‭ ‬دستور‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2012،‭ ‬والذي‭ ‬نص‭ ‬على‭ ‬إلغاء‭ ‬هذه‭ ‬المادة‭ ‬وتعويضها‭ ‬بمادة‭ ‬جديدة‭ ‬تنص‭ ‬على‭ ‬التعددية‭ ‬والديمقراطية‭ ‬الفعلية‭.. ‬

 

والحقيقة‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬المادة‭ ‬هي‭ ‬الأساس‭ ‬القانوني‭ ‬والسياسي‭ ‬والفكري‭ ‬لسيادة‭ ‬الحزب‭ ‬الواحد‭ ‬التي‭ ‬فعلت‭ ‬ما‭ ‬فعلت،‭ ‬والذي‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬طريق‭ ‬مسدود‭ ‬و‭ ‬إلى‭ ‬انفجار‭ ‬أزمة‭ ‬سورية‭ ‬شاملة‭ ‬تعصف‭ ‬بالبلد‭ ‬منذ‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭.‬

السياسات‭ ‬الليبرالية‭ ‬والقوانين

منذ‭ ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬عقداً‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬بدأت‭ ‬المطالبة‭ ‬بالخصخصة‭ ‬وبيع‭ ‬القطاع‭ ‬العام،‭ ‬وصدرت‭ ‬قوانين‭ ‬بتشجيع‭ ‬الاستثمار‭ ‬حتى‭ ‬وصلنا‭ ‬إلى‭ ‬عهد‭ ‬حكومة‭ ‬العطري‭ ‬والدردري‭ ‬والتي‭ ‬جاءت‭ ‬عقب‭ ‬مؤتمر‭ ‬حزب‭ ‬البعث،‭ ‬الذي‭ ‬أقرّ‭ ‬صراحةً‭ ‬بمقولة‭ ‬‮«‬اقتصاد‭ ‬السوق‭ ‬الاجتماعي‮»‬‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬حقيقة‭ ‬اقتصاد‭ ‬سوق‭ ‬رأسمالي‭ ‬وخاصة‭ ‬الرأسمالي‭ ‬الطفيلي‭ ‬مما‭ ‬فتح‭ ‬أوسع‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬تركيا‭ ‬والخليج‭ ‬وضرب‭ ‬مختلف‭ ‬القطاعات‭ ‬الصناعية‭ ‬والزراعية‭ ‬السورية‭ ‬المنتجة‭ ‬العامة‭ ‬والخاصة‭.‬

ومن‭ ‬هنا‭ ‬بالذات‭ ‬فإن‭ ‬الشق‭ ‬الإقتصادي‭ ‬الليبرالي‭ ‬الطفيلي‭ ‬ترافق‭ ‬مع‭ ‬خنق‭ ‬الحريات‭ ‬السياسية‭ ‬والحزبية‭ ‬وسيطرة‭ ‬العقلية‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬طول‭ ‬البلاد‭ ‬وعرضها‭ ‬وبدأ‭ ‬الاحتقان‭ ‬والتوتر‭ ‬والوضع‭ ‬المعيشي‭ ‬والفرز‭ ‬الطبقي‭ ‬الشديد‭ ‬يزداد‭ ‬عمقاً‭ ‬بين‭ ‬السوريين‭.‬

الإنجازات‭ ‬البائسة‭ ‬والتعتيم

في‭ ‬حين‭ ‬كان‭ ‬الإعلام‭ ‬الرسمي‭ ‬السوري‭ ‬المتخلف‭ ‬والبيروقراطي‭ ‬لا‭ ‬يجيد‭ ‬إلا‭ ‬عبارات‭ ‬التمجيد‭ ‬وتضخيم‭ ‬الإنجازات‭ ‬البائسة‭ ‬والتعتيم‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الظواهر‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬تهز‭ ‬المجتمع‭ ‬السوري‭ ‬حتى‭ ‬وصلت‭ ‬الأمور‭ ‬إلى‭ ‬انفجار‭ ‬الأزمة‭ ‬الطاحنة‭ ‬والتي‭ ‬ظن‭ ‬البعض‭ ‬من‭ ‬السوريين‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬أنها‭ ‬ظاهرة‭ ‬عرضية‭ ‬ستمر،‭ ‬وأنها‭ ‬مجرد‭ ‬مؤامرة‭ ‬وستنتهي‭ ‬قريباً‭. ‬ولكن‭ ‬الغالبية‭ ‬من‭ ‬السوريين‭ ‬تيقنت‭ ‬أخيراً‭ ‬أننا‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬أزمة‭ ‬شاملة‭ ‬تنذر‭ ‬بتدمير‭ ‬الوطن‭ ‬وتقسيمه‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يتحد‭ ‬الوطنيون‭ ‬موالاة‭ ‬ومعارضة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التوافق‭ ‬والتفاهم‭ ‬على‭ ‬سورية‭ ‬الجديدة،‭ ‬والذي‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬مؤتمر‭ ‬جنيف‭-‬2‭ ‬الدولي‭ ‬فرصتنا‭ ‬الأخيرة‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬ملاحظاتنا‭ ‬عليه،‭ ‬ولكنه‭ ‬مؤتمر‭ ‬دولي‭ ‬قد‭ ‬يفرض‭ ‬حلاً‭ ‬سلمياً‭ ‬لسورية‭ ‬الموحدة‭.‬

الواقع‭ ‬وعقلية‭ ‬المكابرة

ومن‭ ‬هنا‭ ‬بالذات‭ ‬يتساءل‭ ‬الكثيرون‭ ‬كيف‭ ‬يتصرف‭ ‬قسم‭ ‬هام‭ ‬من‭ ‬النظام‭ ‬بعقلية‭ ‬الماضي‭ ‬وعقلية‭ ‬التفرد‭ ‬والمكابرة؟‭ ‬وكأن‭ ‬شيئاً‭ ‬لم‭ ‬يتغير‭ ‬في‭ ‬البلد‭ ‬رغم‭ ‬شلالات‭ ‬الدماء‭ ‬وبحر‭ ‬الدموع‭ ‬التي‭ ‬تسيل‭ ‬كل‭ ‬يوم‭.. ‬فيأتي‭ ‬الإعلام‭ ‬الرسمي‭ ‬ليسلط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬نشاط‭ ‬هذا‭ ‬المسؤول‭ ‬في‭ ‬حزب‭ ‬البعث‭ ‬أو‭ ‬ذاك،‭ ‬وكأنه‭ ‬الوحيد‭ ‬في‭ ‬البلد‭ ‬رغم‭ ‬الترخيص‭ ‬لعشرة‭ ‬أحزاب‭ ‬وطنية‭ ‬جديدة‭ ‬والتي‭ ‬لها‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬الإعلام‭ ‬والدعم‭ ‬المالي‭ ‬والمشاركة‭ ‬الفعلية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مناحي‭ ‬الحياة‭.. ‬

وحتى‭ ‬الآن‭ ‬أمين‭ ‬الفرقة‭ ‬الحزبية‭ ‬مسؤول‭ ‬حتى‭ ‬عن‭ ‬توزيع‭ ‬الغاز‭ ‬والمحروقات‭ ‬ويتدخل‭ ‬بتوزيع‭ ‬الإغاثة‭ ‬المقدمة‭ ‬للشعب‭ ‬السوري‭ ‬من‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وكأنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬إلا‭ ‬حزب‭ ‬البعث‭.‬؟‭ ‬

إنه‭ ‬منطق‭ ‬غريب‭ ‬وعجيب‭ ‬فرغم‭ ‬كل‭ ‬الدماء‭ ‬ورغم‭ ‬انشقاق‭ ‬قياديين‭ ‬أمثال‭ ‬‮«‬عبد‭ ‬الحليم‭ ‬خدام‭ ‬–‭ ‬رياض‭ ‬حجاب‭ ‬–‭ ‬مناف‭ ‬طلاس‭ ‬وغيرهم‮»‬‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الرفاق‭ ‬البعثيين‭ ‬يحاولون‭ ‬إعطاءنا‭ ‬دروساً‭ ‬بالوطنية؟‭!‬