«العيش المشترك» في الحسكة: زاوية جديدة للرؤية يطلقها نشطاء مدنيون
تعكف مجموعة من الناشطين المدنيين في مدينة القامشلي على إطلاق سلسلة حلقات نقاش تتناول العيش المشترك بين أبناء محافظة الحسكة متعددة الأعراق والاثنيات من زاوية جديدة تبحث في صمامات الأمان المجهولة التي أفشلت سلسلة نشاطات احترافية يريد أصحابها إشعال اقتتال أهلي على خلفية الصراع الذي تشهده سورية منذ نحو ثلاث سنوات.
لا يمكن حصر عدد الندوات والمحاضرات والبيانات السياسية التي أقيمت خلال السنوات الثلاث الأخيرة، حول العيش المشترك في المحافظة والمخاطر التي تتهدده، وهي في مجملها تحذر من عواقب الانزلاق في حرب أهلية، لكن فكرة جديدة يعمل عليها نشطاء مدنيون تقوم على أن هذه الندوات والمحاضرات والنشاطات غير المبررة قد تكون «مشجعة» على الاقتتال الأهلي بشكل متعمد أو عفوي أكثر مما تنطوي عليه في الظاهر حول دورها التوعوي والتثقيفي.
السلم الأهلي ومحاولات الفتنة
وعلى أرض الواقع لا يمكن تسجيل أي بوادر اقتتال أهلي في المحافظة ولا حتى على مستوى الحالات الفردية، فالمواجهات المسلحة التي تشهدها بعض بلدات المحافظة طرفاها خاضعون لثنائية موالٍ ومعارض ولا يرتبطون بأي مجموعة عرقية أو اثنية.
ويقول «أسامة أحمد»، وهو أحد المبادرين إلى الدعوة لحلقة النقاش الموسعة، إن «الفشل في تسجيل أي بوادر لحرب أهلية في المحافظة حتى على مستوى حالات فردية يطرح سؤالاً مشروعاً حول وجود صمامات أمان قوية تقف في وجه أي محاولة لزرع فتنة اقتتال أهلي».
«بيت مانديلا»..
ويرى أسامة، الذي يدير مع مجموعة من الشباب مركزاً لنشر ثقافة السلام تحت اسم «بيت مانديلا»، إن «الحديث عن السلم الأهلي والعيش المشترك ومخاطر الاقتتال الأهلي يوحي بأن حرباً أهلية على الأبواب، لكن متابعة بسيطة لترابط المجتمع تعكس ما هو مغاير لذلك تماماً، لم يتغير أي شيء في علاقات الناس».
وتستند حلقة النقاش التي سيدعى لها عدد كبير من القوى السياسية والمثقفين والمهتمين بالشأن العام في المحافظة إلى افتراض جديد يقول «إن المجتمع عصي على الانزلاق لحرب أهلية، ويبدو أنه يمتلك صمامات أمان لابد من تحديدها والعمل على دعمها».
مخاوف «مبرمجة»!
وتشهد مدن المحافظة الرئيسية ولاسيما القامشلي نشاطاً ثقافياً مستمراً تشرف عليه مجموعة كبيرة من الأحزاب والقوى ومنظمات المجتمع المدني، التي ولدت في ظل الأزمة التي تشهدها البلاد، ولا يخلو يوم من وجود أكثر من محاضرة أو عرض فيلم سينمائي، أو معرض فني، أو حلقة نقاش حول قضية معينة.
ويقول أسامة إن الحديث عن الاقتتال الأهلي وعواقبه يأتي ضمن منظومة مبرمجة شاملة تبدأ من الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة وتنتهي عند بيانات ومحاضرات محلية، مخاوفهم غير مبررة ولا تستدعي كل هذا القلق، إلا إذا كانوا يريدون لهذه الحرب أن تندلع.
التهويل..
ولا تلقى ندوات السلم الأهلي والمحاضرات والبيانات المتعلقة به أي اهتمام من عامة المواطنين، ويمكن أن نلاحظ أن أغلب حضورها وروادها هم من مجموعة شبه ثابتة من «النخب السياسية والثقافية».
والعام الماضي تدخلت أحزاب سياسية ونخب ثقافية لحل مشكلة شخصية بين عائلتين في مدينة القامشلي، في إطار جهود ميدانية لمنع تطورها لفتيل اقتتال أهلي، لكن جهودهم لم تلقَ أي اهتمام من العائلتين وتم الصلح بشكل عائلي يعكس رغبة ضمنية بعدم تهويل ما هو صغير وطبيعي.
وختم الناشط « أسامة» حديثه قائلاً: «نحن نهدف من نشاطنا أن نعمل باتجاه معاكس لهذه المنظومة ونواياه المبيّتة، فالناس ليس لديهم مشكلة في العيش المشترك، إنهم يمتلكون صمامات أمان ويجب على النخب الثقافية والسياسية أن تعي ذلك».