مازوت الشتاء.. تحدٍ جديد يواجه الحكومة وآليات التوزيع في حقل التجريب

مازوت الشتاء.. تحدٍ جديد يواجه الحكومة وآليات التوزيع في حقل التجريب

رفعت الحكومة سعر البنزين، وتتقدم المقترحات لرفع سعر المازوت والغاز المنزلي، وسط تخلي الكثير من السوريين عن الوقود الأساسي للتدفئة أي المازوت خلال الأزمة، فإن الكثير منهم يقتطع خلال عام كامل من دخله، أو يخزن راتب شهر كامل، أو يستدين ليؤمن «مازوتات» الشتاء..

ولكن الكثير من هؤلاء لم يحصلوا في الأعوام الماضية على ما ادخروا للحصول عليه بعد أن أمنت فوضى التوزيع وسمسرة التهريب تأمين حاجة السوق غير النظامية قبل تأمين حصتهم..ارتفع سعر مادة المازوت هذا العام عن العام الماضي بمقدار الضعف تقريباً، ومن المتوقع أن يشكل هذا الارتفاع رادعاً للكثير من الأسر السورية عن استجرار حصتها من المادة خلال موسم الشتاء، بسبب سوء الحال المعيشية لنسبة كبيرة من المواطنين السوريين مع ارتفاع أسعار مستلزمات الشتاء بالمجمل وتضاعف أسعار بقية السلع والمواد اليومية وغيرها، إلا أن عملية التوزيع لمن يؤمن مبالغ التدفئة تبقى عبئاً إضافياً يثقل السوريين..
وتصل تكلفة المازوت على العائلة السورية الواحدة في حال حصلت على كمية 400 ليتر وفي حال بقي السعر النظامي الحالي عند مستوى 61 ل.س /ليتر، إلى 24400 ل.س

توزيع الحكومة: بطاقات.. دفاتر عائلية.. محطات.. «لاجديد»
بادرت الحكومة ممثلة بوزارة النفط وشركة سادكوب إلى تطمينات متكررة كما في كل عام حول حرصها على تأمين مازوت التدفئة لهذا العام واتباعها أساليب وآليات تضمن وصوله للجميع، مخصصة كل عائلة بكمية 400 ليتر عبر دفتر العائلة بسعر 61 ل.س/ ليتر، وإن اختلفت الأساليب المتبعة في كل محافظة وفق ما تقرره لجنة المحروقات فيها.
وبدأت مديريات محروقات في بعض المحافظات بعملية توزيع مازوت التدفئة منذ حوالي شهر، ومنها محافظة درعا ومحافظة دمشق وريفها، في حين شهدت محافظات طرطوس وحماة العام الماضي معاناة حقيقية في توزيع المادة وذلك لعدم حصول العديد من القرى على مخصصاتهم بسبب التلاعب والمحسوبيات، فيما لم تخل منطقة بطبيعة الحال من التلاعب بالكميات الموزعة بتوزيع أقل من الكمية المقررة أو نقلها للسوق..
ومع التجارب غير المرضية التي مر بها المواطن السوري مع تأمين مازوت الشتاء، تبدو مظاهر التخوف والقلق من تكرار معاناته على مدى عدة سنوات، بسبب السيناريوهات غير الفاعلة التي اتبعتها الحكومة وخاصة بعد ارتفاع سعر المادة لأضعاف مضاعفة وصولاً إلى سعرها الحالي.. فماذا تخطط الحكومة في دمشق التي تبلغ بالعدد الكبير من السكان الذي يؤمها اليوم أكثر حالات الفوضى والنقص..

400 ليتر لكل عائلة في دمشق
ومن جانبها مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك أوضحت دورها فيما يتعلق بعملية توزيع المازوت، بتوزيع مراقبين على المحطات والخزانات للإشراف على التوزيع وتفريغ صهاريج المازوت الواردة إليها، وتنظيم محاضر أصولية بذلك.
أما محروقات دمشق فحددت من جانبها مراكز وكميات المازوت المقرر توزيعها للعائلات ضمن مناطق المحافظة بمحطة جنوب غرب الميدان ومحطة مساكن برزة، وبمعدل 400 ليتر/ عائلة، بسعر 61 ل.س/ ليتر متضمنة أجور النقل.
وتوجد في دمشق 13 محطة وقود تحتوي على المازوت، و25 خزاناً منتشراً في الأحياء لبيع المازوت مباشرة للمواطنين، والحكومة تنحصر بمحطتين..

و200 ليتر في الريف !!
وانطلاقاً من كون محافظة ريف دمشق الأكثر تشتتاً مناطقياً وكبر مساحتها الجغرافية، توجهت (قاسيون) إلى مديرية المحروقات فيها بالاستفسار عن خطط العام الحالي لتوزيع مادة المازوت.
وقال مدير محروقات ريف دمشق علي غانم إن «عمليات توزيع مازوت الشتاء لهذا العام تتم وفق آليتين متكاملتين، تبدأ بقيام كل أسرة بالتسجيل عبر دفتر العائلة في البلدية التابعة لها على كمية 200 ليتر كدفعة أولى، لتحصل على قسيمة إشعار بالتسجيل، ثم تقوم البلدية بتنظيم جداول بالمسجلين لديها وترسلها لمديرية المحروقات، التي تقوم بدورها بتخصيص محطات لتوزيع المادة تحت إشراف لجان مختصة والمجالس المحلية، ليتم تدقيق جداول التنفيذ، حيث لا يتم إرسال طلبية للمحطة إلا بانتهائها من توزيع الكمية الأولى وفق الجداول المسلمة لها».
وأضاف غانم إنه «يمكن أيضاً التسجيل في فرع محروقات ريف دمشق مباشرة، وذلك للمناطق القريبة من دمشق، حيث يتم تلبية الطلبات من مركز توزيع قطنا الذي تم زيادة سعته التخزينية إلى 255 ألف ليتر».
ولفت علي إلى «وجود 105 سيارات مرخصة تعمل على إيصال المازوت للمنازل».

خصوصية المنطقة و«عدالة التوزيع»
وفيما يتعلق بالمناطق الباردة والكميات المخصصة لها، أوضح مدير محروقات ريف دمشق أن «من مهام لجنة المحروقات متابعة الكميات التي تحتاجها كل منطقة في كل الأوقات، وستتخذ اللجنة ما هو ملائم لتلبية حاجة المناطق الباردة وذلك بتوزيع الكميات الشهرية على كامل المحطات والفعاليات حسب خصوصية كل منطقة»، منوهاً إلى أن «عدالة التوزيع هي البوصلة التي نعمل وفقاً لها ونسعى لتحقيقها في كل المناطق».
وحول الرقابة ومتابعة التنفيذ، قال علي إن «مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك تعتبر الجهة الوصائية في عملية الرقابة، لكن لجنة المحروقات فعّلت الرقابة على مستوى المحافظة بدءاً من وصول المادة للمحطة مروراً بعملية التوزيع عبر القوائم حتى إرسال الطلب مجدداً».
وكان رئيس عمال نقابات النفط علي مرعي حذر من أزمة مازوت كبيرة ستشهدها محافظة ريف دمشق خلال الشتاء القادم، إن لم تسرع «شركة محروقات» بإيجاد مقر لفرعها وخزاناتها بدلاً من مقرها وخزاناتها المخربة في منطقة القدم، والتي كانت تستوعب مئات الملايين من الليترات وتسد حاجة المحافظة كلها، معتبراً قرار الحكومة تخصيص كل عائلة بـ 400 ليتر مازوت، لن يقدم ولن يؤخر في حال عدم التصدي لهذه المعطيات التي تسببت بأزمة الشتاء الماضي التي حرمت خلالها النسبة العظمى من المواطنين من مازوت التدفئة، فعدد الطلبات المسجلة يومياً كان يصل إلى 4 آلاف طلب، على حين لم تتح الإمكانات سوى تلبية ألف طلب يومياً، أي كان هناك ثلاثة آلاف طلب تتراكم يومياً ولم تُلب إلا حاجة جزء يسير من المواطنين المسجلين.

آخر أخبار النفط ومشتقاته..
بلغ معدل إنتاج النفط في سورية خلال النصف الأول من العام الجاري، 39.398 برميل يوميا، فيما أفاد وزير النفط سليمان عباس، أيار الماضي، أن الحظر على النفط السوري والأحداث التي تمر بها البلاد، أديا إلى انخفاض كمية النفط المنتج في سورية من 380 ألف برميل إلى 20 ألف برميل يومياً.
وتعرض قطاع النفط منذ بدء الأزمة إلى خسائر كبيرة جراء عقوبات اقتصادية أحادية الجانب فرضت عليه، في حين يسيطر مسلحو المعارضة على جزء كبير من الآبار النفطية المتركزة في الشمال الشرقي في سورية، وفقا لتقارير إعلامية، فيما ذكرت وزارة النفط في وقت سابق أن حجم خسائرها المادية المباشرة وغير المباشرة فاقت الـ500 مليار ليرة.
وبررت الحكومة السورية رفع أسعار المشتقات النفطية ومنها المازوت إلى زيادة تكاليف تأمينه بسبب ارتفاع سعر القطع وانخفاض قيمة الليرة السورية في ظل العقوبات الاقتصادية، حيث ذكر رئيس الحكومة  وائل الحلقي سابقا أن «سعر ليتر المازوت قبل الأزمة كان يكلف الدولة 14 ليرة وتبيعه بـ 7 ليرات، في حين يكلفها اليوم 200 ليرة وتبيعه بـ 60 ليرة، أي أنها كانت تدعمه قبل الأزمة بنسبة 100 %واليوم تدعمه بنسبة 500%»، مبيناً أن «سياسة الحكومة هي تأمين الموارد التي تفي من خلالها بمتطلبات المواطنين».‏