مناقشات الاجتماع المغلق تطال «أطباء الأسنان» نية مبيّتة تستهدف «استقلالية النقابات» وصلاحياتها

مناقشات الاجتماع المغلق تطال «أطباء الأسنان» نية مبيّتة تستهدف «استقلالية النقابات» وصلاحياتها

استطاع وزير الصحة السوري سعد النايف إراحة صدور أطباء الأسنان وطلاب كليات طب الأسنان بعض الشيء، عندما نفى ما نقلته الصحف ووسائل الإعلام المحلية حول نيته سحب لقب «طبيب» عنهم لعدة أساب كشفتها نقيبة أطباء الأسنان السورية فادية ديب وعرضتها للرأي العام استناداً لما دار بين النايف ونقابات الأطباء السورية في أحد الاجتماعات المغلقة.

نفي النايف لما نقل على لسانه عبر إرساله بيانات صحفية للعديد من الصحف، وظهوره على إحدى الإذاعات للغاية ذاتها، لم يغلق الملف بشكل نهائي، كون النقيبة التي تحدثت عن الموضوع لم تنف ما قالته بعد، وبقيت إشارات الاستفهام تدور حول مصدر معلومات وقائع الجلسة المنشورة على الصحف وبكلام مفصل للوزير النايف.

ردود الفعل على نية سحب اللقب، تفاوتت بين «السخرية والاستهزاء» وبين «الخوف والريبة» من حدوث ذلك فعلاً، حيث قال أطباء أسنان لصحيفة «قاسيون» في استطلاع للرأي، إن «هذا الإجراء إن حدث فنتائجه ستكون خطيرة جداً، وقد يسيء ذلك لسمعة أطباء الأسنان وطلاب الكلية إلى الأبد» مشيرين إلى أنه «ليس من صلاحيات وزير الصحة أن يقوم بمثل هذا الإجراء كون النقابة هي المدافع الأول والممثل الرسمي لهم».

مخاوف رغم النفي 

وتابع الأطباء إن «مثل هذا التصرف لا يمكن أن يكون ناتجاً سوى عن خلاف شخصي بين الوزير وطبيب أسنان أو لخلاف بينه وبين نقابة أطباء الأسنان»، وعن مدى جدية نفي الوزير لما أثير على لسانه، أضافوا إن «النفي أراح صدور أطباء الأسنان وطلاب كلية طب الأسنان  بعض الشيء، كون هذا التصريح سيؤخذ بجدية بعدما نشر بشكل واسع، وسيحاسب الوزير على أثره إن كانت التسريبات المنقولة على لسانه صحيحة وتم سحب اللقب».

ورغم تأكيد بعض الأطباء أن نفي وزير الصحة قد أراح صدورهم، إلا أن البعض الآخر مازال متخوفاً من استمرار وزارة الصحة في سعيها لسحب اللقب بالخفاء بعدما لاقى الطرح «رفضاً واسعاً» لدى الشارع السوري وهو ما دفع النايف إلى النفي علناً بحسب رأيهم، وهنا طالب الأطباء وطلاب كلية طب الأسنان بتصريح واضح من نقابتهم لوضع النقاط على الحروف وتبيان الحقيقة من قبلها كونها هي من أثارت القضية ولم تكذب الخبر الذي نشر على لسانها رغم «انكار» وزير الصحة ذلك جملة وتفصيلاً.

النقابة تهاجم الوزير وتكذب نفيه

وفي متابعة صحيفة «قاسيون» للقضية، تبين أن نقيبة أطباء الأسنان فادية ديب غادرت البلاد في اليوم التالي من التصريح ضمن مهمة رسمية، وهو ما أعاق إعادة تعليقها على نفي وزير الصحة لحديثها، إلا أن أحد أعضاء النقابة أعاد فتح الملف بشيء من الهجوم على شخص وزير الصحة وعلى الهواء مباشرة بمقابلة مع إحدى الإذاعات السورية، حيث اتهم عضو نقابة أطباء أسنان سورية وعضو مجلس الشعب السوري صفوان القربي، وزير الصحة سعد النايف بأنه «كثير زلات اللسان وزلات المواقف» مشيراً إلى أنه عندما نفى ما نشر على لسانه قام «بمعالجة الخطأ بخطأ».

وتابع عضو النقابة «إن وزير الصحة أخطأ في بعض الألفاظ والعبارات خلال أحد اجتماعات مناقشة المرسوم رقم 12 لعام 1970، وكان له زلات لسان كعادته وموقف غريب كما تعودنا عليه في اجتماعات سابقة، ففي الاجتماع كان لوزير الصحة رأي قرر فيه وبحجج غير منطقية، بأنه يجب منح لقب الطبيب للطبيب البشري فقط كونه يدرس الطب مدة 6 سنوات بينما طبيب الأسنان يدرس الطب لمدة 5 سنوات كما لأن طبيب الأسنان لا يتدخل في حياة الإنسان كالطبيب البشري».

القضية أكبر من سحب اللقب

وأضاف القربي إنه «عندما أراد وزير الصحة أن ينفي ما جاء على لسانه في الاجتماعات عبر وسائل الإعلام لم يستطع تدارك الموضوع بل عالج الخطأ بالخطأ، وفي الحقيقة قال الوزير أكثر مما نشر بكلام غير مريح، وللأسف لا أستطيع أن أقوله هنا على الهواء فأنا لا أريد أن أوجه الإحراج لنقيب الأطباء ولا لوزير الصحة لكن جملة -هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون- قد قالها الوزير فعلاً».

المشكلة لا تكمن في سحب اللقب فقط، وإنما تكمن في اقتراحات وزارة الصحة ككل بخصوص التعديلات التي تريد إدخالها في المرسوم 12، وخاصة في ما يتعلق باستقلالية النقابات التي قال عنها القربي إنها «تحوي تعدياً على صلاحيات النقابة وخاصة ما يتعلق بسحب الترخيص الذي أصّر عليه الوزير سعد النايف بأن يكون ذلك في يده بناءً على تقديره فقط، مع الاستئناس برأي النقابة، وهذا ما دفعنا للاعتراض أكثر».

وأشار في حديثه إلى « أن وزارة الصحة عليها أن تقوم بعملها بشكل كامل أولاً قبل أن تتدخل بعمل نقابة أطباء الأسنان، فهي تعاني من مشاكل وضعف بمسألة العلاقات العامة مع كل النقابات» مؤكداً أنه «على الرغم من الضغط الكبير الذي تمارسه وزارة الصحة يمكن لها أن تكون سيدة الموقف ولكن بالتكامل والتعاون مع باقي النقابات».

«وفيما يخص مشروع قرار تعديل المرسوم 12 لعام 1970، فهو يرفع لمجلس الشعب لتتم مناقشته بشكل أعمق، كما لا تمانع النقابة من وجود طرف ثالث قابل للاستماع دون أن يفرض رأيه» بحسب القربي.

وطلب القربي من رئيس مجلس الوزراء وائل الحلقي أن يتدخل لحل هذه المسألة بقوله «نحن نناشد رئيس مجلس الوزراء الدكتور وائل الحلقي بأن يتدخل لحل هذا الموضوع...، لأن معظم جسم المرسوم المعدل وضع عندما كان الدكتور وائل وزير الصحة، وهو أدرى بهذا الموضوع».

تفاصيل القضية

وكانت قد أثارت تصريحات نقيبة الأسنان في سورية فادية ديب، موجة من «الاستياء والسخرية» بالوقت ذاته في أوساط الشارع السوري، بعد قولها إن «وزارة الصحة» تسعى لمحاولة استصدار مرسوم جديد، يتضمن تعديلات مخالفة للدستور على المرسوم رقم 12 لعام 1970 الناظم لعمل ذوي المهن الطبية في سورية، حيث تضمن أحد التعديلات المطروحة من النايف، سحب لقب «طبيب» من أطباء الأسنان.

وأكدت ديب في تصريحاتها أن «وزير الصحة رفض خلال مناقشة التعديلات المقترحة على المرسوم اعتبار أطباء الأسنان أطباء، بحجة أن الطبيب البشري يدرس 6 سنوات، بينما مدة دراسة طبيب الأسنان هي خمس سنوات، وبالتالي لا يستحق لقب طبيب»، موضحةً أن وزير الصحة عبر عن فكرته بالقول: «هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟ فالطبيب البشري يمنح الحياة للمريض أما طبيب الأسنان فيعمل بالأسنان فقط».

فيما أشار أعضاء مجلس الممثلين عن «نقابة أطباء الأسنان»، إلى أن هذه التعديلات ستسبب كارثة لأكثر من 15 ألف طبيب أسنان يعملون خارج سورية، ومع الجهات التي يعمل لديها خارج حدود الوطن، فعندما لا تعترف الحكومة بأطبائها كأطباء، فكيف للدول الأخرى أن تعترف بهم، كما علق الأعضاء على التعديلات المقترحة بالقول: «ما اللقب الذي تريد وزارة الصحة أن تمنحنا إياه كأطباء أسنان إذا أصرت على حرماننا من لقب الطبيب؟».