وزارة التعليم العالي وذهنيّة الإصلاح! كلية الفنون الجميلة نموذجاً
في كل أكاديميات العالم، لدى تقدّم الطالب الراغب بالدراسة فيها، تُعطى الأهمية لقدرات هذا الراغب وموهبته وإمكانية انسجامه فيما اختاره، وخاصةً في مجال الفنون (موسيقا، مسرح، فنون جميلة.. إلخ).
وهذا ما كان يحصل - بشكلٍ جزئي - في كلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق منذ تأسيسها وحتى عام 2012 . فقد كانت معايير قبول الطالب المتقدّم إليها تعتمد على المعادلة التالية: (50% درجة امتحان قبول الطالب – 50% درجة حصوله على الشهادة الثانوية). وعلى ضوء ذلك يتم قبول عدد من الطلاب وفق سياسة الاستيعاب المعتمدة. وهذه المعايير تعتبر متخلفة وجائرة بحق الموهوبين ممّن لم يتمكّنوا من الحصول على علامات عالية في الثانوية. ومع ذلك تعتبر هذه المعايير (مثالية) قياساً بما حصل بعدها. ففي مطلع عام 2013 أُلغيت تلك المعادلة وتم اعتماد درجة نجاح الطالب في الثانوية كأساس في القبول، أما الاختبار الذي يُجرى للطلاب المتقدّمين فنتيجته تعتمد في السماح للطلاب بالمشاركة في المفاضلة الجامعية. وأصبح المعيار الوحيد لقبول الطالب في استكمال تحصيله العلمي هو علامات البكالوريا فقط. بغضّ النظر عن كيفية حصوله على علاماته وخاصةً في ظلّ الأزمة التي تعيشها سورية وبآلية الامتحانات بشكلٍ عام. واضعين على الرفّ موهبة الطالب التي يفترض أن تكون عملياً ومنطقياً العامل الرئيس في قبول الطالب.
ومن المألوف والمعروف أن الموهوبين فنياً غالباً ما يكونون غير متفوقين بالدراسة النظرية، وبالتالي فإن درجة نجاحهم في الثانوية تكون متواضعة قياساً بغيرهم. ما يحول دون قدرتهم على الانخراط في مشروع حلم حياتهم في الجامعات السورية. ومن غير المعقول في مطلع كل عام دراسي أن يتقدّم آلاف الطلاب إلى كلّيتي العمارة والفنون ويقبل فيهما الطلاب الحاصلون على درجات أعلى في الشهادة، على حساب عشرات الموهوبين الحقيقيين.
واقع كلية الفنون الجميلة في جامعة تشرين:
تم إحداث الكلية بموجب المرسوم /109/ لعام 2012 على مبدأ ((نُحْدِثُ الكلية أولاً بقرار إداري، ثم نتكل على الله ونسعى في مناكبها لتجهيز مقرّها!)) إذ لا يوجد حتى الآن مبنى مستقل لها، بالرغم من وجود مساحات شاسعة يمكن استثمارها بالبناء. وتفتقر الكلية إلى الكوادر التدريسية، والتي يمكن التغلّب على هذه المعضلة بإيفاد المتفوّقين إلى الخارج، ومن ثم عودتهم للتدريس فيها. وعلى الأساتذة في هذه الكلية، على قلّتهم، أن يتدبّروا أمورهم بأنفسهم في إيجاد القاعات الشاغرة لإعطاء المحاضرات فيها. وقد (منّت) عليهم كلية العمارة، المشرفة إدارياً على كلية الفنون، بقاعة وحيدة لا شريكة لها لكل أنشطة طلاب الفنون، الذين سيزداد عددهم من عام إلى آخر. علماً أنه يوجد العديد من القاعات المخصصة لأغراض غير تدريسية، كالقاعات المخصصة للشعب الحزبية وفرع البعث وللاتحادات الطلابية العربية والمحلية وغيرها.. وتشغل هذه القاعات قسماً هاماً من بناء الجامعة. ضاربين عرض الحائط بالدستور الجديد بعد غياب المادة الثامنة سيئة الصيت والذكر، وكأن شيئاً لم يكن.
فهل نحلم بالحكومة الانتقالية القادمة استناداً لمؤتمر «جنيف2» لتدارك هذا الخلل في مؤسساتنا التعليمية؟ أم ستستمر سياسة الترقيع في المعالجة كما هو ديدن كل وزارات الدولة؟