المهجرون والمحاصرون والبطاقة التموينية..!

المهجرون والمحاصرون والبطاقة التموينية..!

كانت وما زالت غالبية القوانين والقرارات والتعليمات النافذة لها تتعامل مع المواطن كمتهم حتى تثبت براءته وذلك من خلال تعقيداتها والبيروقراطية والوساطة بينما تتيح للفاسدين الكبار ممارسة الفساد دون أن تتم محاسبتهم وإن تم كشفهم غالباً ما يتم نقلهم وترقيتهم  وتقع برأس الصغار..

وقبل الأزمة كان الحصول على المواد المدعومة بالبطاقة التموينية يتم بصعوبةٍ كبيرة، أمّا الآن فقد تضاعفت كثيراً وازدادت الحاجة لها بسبب الغلاء وارتفاع الأسعار نتيجة الأوضاع الأمنية ونقص المواد والفساد، في الوقت الذي تطالعنا الحكومة العتيدة بأن المواد متوفرة في منافذ البيع، والأنكى من ذلك أنه تم رفع أسعار السكر والرز المدعومين بنسبة الثلثين، علماً أنه منذ سنوات ألغي الشاي والزيت من البطاقة نهائياً.
بين الحصار والمنع
أمّا المواطنون المحاصرون في المناطق المتوترة أو التي تخضع لسيطرة المسلحين فهم محرومون من الاستفادة منها إمّا لغياب المؤسسات والعاملين فيها بعد أن نهبت، أو لعدم تمكنهم من الذهاب فرادى إلى المناطق الآمنة بسبب خطورة ذلك على حياتهم والاستلام حصرياً بيد صاحب العلاقة. وعلى سبيل المثال كلفت حوالي 700 أسرة من بلدة الشميطية الواقعة في ريف دير الزور الغربي مختارهم باستلام موادهم وحصل على موافقة المحافظ السابق والمكتب التنفيذي للمحافظة وحصل على موافقة وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك والمدير العام للمؤسسة الاستهلاكية، لكنه بعد ذلك فوجئ بتوقيف ذلك بسبب قرار أمني صدر منذ أكثر من شهر يمنع تسليم المواد بشكلٍ جماعي، فقدم كتاباً إلى تلك الجهة الأمنية منذ شهر ولم يحصل على رد إلى الآن علماً أن المواطنين لم يحصلوا على حصصهم منذ أشهر على الأقل، وخاصةً أن رفع سعر السكر والرز المدعوم سيكلف هذه الأسر الآن مبالغ طائلة أخرى.
حلم الحصول على «بدل فاقد»!
أمّا المواطنون المهجرون من مناطق التوتر والذين خرجوا بأرواحهم وثيابهم فقط، ودمرت بيوتهم وحرقت وفقدوا كل وثائقهم ومن بينها بطاقة التموين وهم بالآلاف، وحاولوا الحصول على بدل فاقد عن كل الوثائق فقد سهّلت لهم وزارة الداخلية ذلك بالسماح لهم بإجراء ضبط شرطة في أماكن تواجدهم بغض النظر عن مكان الواقعة، وبناءً على ذلك حصلوا على الشهادات التعليمية والعلمية وغيرها، وعند مراجعة وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك كانت التعليمات بمنع ذلك وبعد المطالبة جرى تعديلها من قبل عمليات الوزارة واتخذ قرار بتسهيل ذلك، لكن فوجئ المواطنون أن طلبهم سيذهب من الوزارة إلى محافظتهم للحصول على موافقة اللجنة الفرعية فيها والمكونة من مديريتهم وعضو المكتب التنفيذي المختص وغيرهم، ولا يمكن إرساله بالفاكس لأن اللجنة الفرعية تشترط الحصول على نسخة مصدقة من الضبط وليس صورة عنه، وهو ما سيستغرق وقتاً طويلاً بينما معاناة المواطنين المهجرين تزداد سوءاً يوماً عن يوم!.
الازدواجية بين الوزارة والمحافظة؟
فلماذا هذه الازدواجية بين الوزارة والمحافظة؟ والشيء الذي يلفت الانتباه أن البعض يبرر هذا التعقيد والتشديد بأن الدعم بالبطاقة التموينية يكلف الدولة 23 مليار ليرة سنوياً وكأن المواطنين كلهم لصوص أو نصابون ومحتالون، وحتى وإن وجد بعض ذوي النفوس الضعيفة وهم مؤكد قلة بالنسبة للفاسدين الكبار وحجم نهبهم، فهذا لا يبرر هذه المعاملة للمواطنين الذين سحقتهم الأزمة وهم من الفقراء المسحوقين الذين يطالبون بحقوقهم..
إننا نتوجه إلى الوزير المختص ورئاسة مجلس الوزراء وكل المسؤولين بإصدار القوانين والقرارات والتعليمات اللازمة بالسماح لهؤلاء المواطنين بالحصول على مخصصاتهم وبطاقاتهم بأسرع وقت ممكن وتقديم كل التسهيلات اللازمة لتخفيف معاناتهم وتعزيز ثقتهم بالوطن والمحافظة على كرامتهم.