من الذاكرة : والإصبع مازالت على الزناد!
زارني ليلة أمس رفيقي وصديقي القديم أبو نبيل ليفضي إلي بمكنون نفسه، ومن ذلك قوله: ألا ما أسوأ وأوضع أولئك الذين جبلوا من عفن الغدر والخيانة الآسن، الذين بحت أصواتهم وهم يستعْدون معسكر الأعداء أن يضرب سورية الغالية، الذين كرس لهم الرأسمال المتوحش إعلامه وشاشات فضائياته، ليصفعوا عيوننا وآذاننا بنذالاتهم.
وفي الصف الأمامي منهم أردوغان ووزير خارجيته و«أمين» عام الجامعة العبرية وسعود الفيصل حفيد أبي رغال، وما أدراك من هو أبو رغال؟ ذاك الذي «دلّ» الأحباش على طريق مكة ومداخلها، ليدهموا أهلها بجحافلهم التي تحرق الأخضر واليابس، وفي الصف الأخير يحتشد الأعوان الأزلام من محترفي الخيانة من كل شاكلة ولون، وبينهم أدعياء اليسار الذين ما كانوا يوماً بل ساعة يساريين، فاليسار هو الوجه الناصع المشرق لملايين ملايين المناضلين في صف الإنسانية ضد كل أعدائها.
وهنا سألته: لماذا أنت متألم إلى هذه الدرجة؟!
فأجابني: لقد أذهلني قول «.....» ــ وهو أحد المتساقطين: إنه سوف يذبح خروفاً ويوزع لحمه إن ضربت أمريكا دمشق!!
وتابع صاحبي منفعلاً: لقد أحسست ببركان عاصف يجتاح أعماقي، فأخرست ذلك الموتور المتساقط بما يستحق من جواب حازم وحاسم فهو أرخص من رخيص وأوضع من وضيع، إنه خائن. ألا شتان ما بين المناضل والوضيع!
وبعد أن هدأت نفسه قليلاً تابعنا حديثنا مستذكرين أحداثاً وأسماء مشرفة احتلت الصدارة في خمسينيات القرن الماضي ضمن موكب البطولة والأبطال منذ معركة ميسلون الخالدة وبطلها يوسف العظمة ورجال الوطن وثواره ومناضليه الميامين إلى يومنا هذا. ومن بين تلك الأسماء الضابط الشهيد جول جمال بطل ملحمة تدمير البارجة الفرنسية «جان بارت»، والرئيس شكري القوتلي وذهابه إلى موسكو أيام العدوان الثلاثي على مصر سعياً وراء متابعة إعداد العدة لمجابهة الغزاة.
واسترجعنا من الذاكرة ما كان يردده الناس حينها عن تلك الزيارة الهامة، من أن الرئيس القوتلي عندما جلس مع قادة الاتحاد السوفياتي إلى مائدة الطعام لم يأكل، وحين سئل عن سبب ذلك أجاب:
كيف لي أن استسيغ طعاماً والقنابل تفتك الآن بشعبنا في مصر. فقيل له: طب نفساً، فلن يكون إلا ما ترضاه فنحن معكم قولاً وفعلاً. وكان الإنذار السوفياتي الشهير.
وتذكرنا معاً مشاركتنا في الحشد الكبير باستقبال الرئيس القوتلي العائد من موسكو في مدخل دمشق وهو يهتف بالمحتشدين: أبشروا أيها الشعب العظيم، لقد أحضرت لكل واحد منكم سلاحاً لندافع عن الوطن ضد الغزاة الانكليز والفرنسيين وصنيعتهم إسرائيل.
والمعركة مازالت مستمرة!