في ظل غياب «الوطنية» ازدهار شبكات الاتصال «التركية» في القامشلي
مهند كامل الحميدي مهند كامل الحميدي

في ظل غياب «الوطنية» ازدهار شبكات الاتصال «التركية» في القامشلي

استحوذت شبكات الهواتف النقّال التركية على أسواق المناطق الحدودية مع تركيا بعد لجوء الكثير من الأهالي إلى استخدامها، في ظل الانقطاع شبه التام في شبكة الاتصالات «الخليوية» و«الانترنيت» التابعة للشركات الخاصة السورية (سيريتيل- إم تي إن) منذ أكثر من سنة،.

بالإضافة إلى قطع الاتصال الأرضي القطري في كثير من الأحيان، ما أدى إلى صعوبة التواصل مع الداخل السوري

وتغطي شبكات الاتصال التركية (تركسيل- فودافون- آفيا) المدن والبلدات الواقعة على الشريط الحدودي مع تركيا، حتى باتت رؤية أهالي القامشلي يستخدمون الشبكات التركية أمراً ليس بالمستغرب.
وتغيب الأرقام والإحصائيات الدقيقة حول قيمة استهلاك الاتصالات التركية، بسبب عدم وجود إحصائيات رسمية يمكن العودة لها، ما دفعنا إلى الاستئناس بأرقام تقريبية من خلال لقاء بعض أصحاب المحال التي تتعامل ببيع الخطوط التركية، ويُقدَّر عددها بأكثر من 75 محلاً.
معظم المحال تتعامل ببيع وتعبئة الخطوط التركية
قال أحد أصحاب محال الاتصالات إن معظم المحال في المدينة باتت تتعامل ببيع وتعبئة الخطوط التركية لتلبية حاجة السوق المتزايدة إلى وسائل الاتصال، وإنه يبيع في اليوم الواحد نحو أربعة خطوط، بالإضافة إلى تعبئة ما يقارب 8-12 بطاقة تبلغ قيمة الواحدة منها 21 ليرة تركية (نحو 2600 ليرة سورية) ولأن الخطوط التركية بحاجة إلى تسجيل الجهاز لدى الشركة التركية كان لزاماً على المواطن الراغب بالحصول على خط تركي شراء جهاز من نوع «سامسونغ» وتسجيله لتصل كلفة الجهاز الواحد إلى أكثر من 4000 ليرة سورية.
وقال أحد المواطنين إن «شركات الاتصالات الخليوية السورية أضرت بأهالي القامشلي بسبب انقطاعها شبه التام حيث أصبحنا نعيش حالة من العزلة والانقطاع عن الداخل السوري ما عطل الأشغال وأضر بالمرضى الذين يحتاجون إلى علاج أو مراجعات لأطباء ومستشفيات مدن الداخل، ودفع بالكثيرين إلى اللجوء لاستخدام الشبكات التركية».
الاتصالات الخليوية                 تتنصل من المسؤولية!
وأضاف المواطن «لدى مراجعتي لفرع شركة سيريتيل في القامشلي للاستفسار عن سبب الانقطاع، أجابني الموظف أن السبب الرئيسي لقطع الاتصالات عائد للأعمال التخريبية واتساع رقعة المعارك التي كثيراً ما تضر بالأبراج الخليوية المنتشرة في عموم البلاد، علماً أن الشركة ما زالت تطالب عملاءها المشتركين بالخطوط لاحقة الدفع بفواتير شهرية قيمتها 450 ليرة رغم انقطاع الاتصال». مستغرباً تحميل الشركة للمواطن المسؤولية الكاملة عن تحطم الأبراج، وتنصلها من مسؤولياتها في ترميم الأبراج واستبدال التالف منها، كما استغرب انقطاع الاتصال في القامشلي-التي تشهد استقراراً نسبياً- في حين نجد أن الكثير من المدن الساخنة في الداخل السوري كحلب ودير الزور لم تنقطع عنها الاتصالات، إلا لفترات محدودة.
وقال مواطن آخر « قمت باللجوء إلى شراء خط تركسيل رغم كلفته العالية نسبياً بسبب انقطاع الاتصالات السورية وحاجتي الماسة إلى التواصل مع أقاربي في دمشق، وكوني أعمل تاجراً للمواد الغذائية فأنا بحاجة للاتصال مع التجار في مناطق الداخل السوري لتأمين حاجة محلي من المواد الغذائية والسلع، بالإضافة إلى ضرورة التواصل لمعرفة الأحداث وتطورات الوضع الراهن في سورية عموماً».
المواطن هو الخاسر الأكبر
في ظل هذا التردِّي في الاتصالات السورية ودخول الشركات الأجنبية الأسواق المحلية، يبقى المواطن هو الخاسر الأكبر في هذه المعادلة، ليرتفع إحساسه بالغبن والتهميش من دولته، ويضاف إلى ذلك خسارة الشركات السورية لسوق المناطق الحدودية؛ وخاصة سوق القامشلي النشط، لأن الكثير من الأهالي لديهم أقارب مغتربون يتواصلون معهم، أو أقارب يقيمون في مدن الداخل السوري، كما أن خروج الشركات السورية من الأسواق يهدد بالضرورة مستقبل العاملين فيها إذ من المتوقع أن ينالهم الضرر؛ من تسريح أو فصل مستقبلاً.
بقي أن نشير إلى أن غياب الدولة الفعلي عن المناطق الحدودية يفتح المجال لمزيد من التغلغل الاقتصادي والسياسي والأمني مع كل ما يحمله ذلك من تبعات مباشرة أو على المدى الطويل.