لا يموت حق : تعليق على اجتهاد..

لا يموت حق : تعليق على اجتهاد..

ما الفائدة في تعديل قانون العقوبات برفع السقف الأعلى لعقوبة الاحتيال من سنتين إلى خمس سنوات ثم يأتي الاجتهاد القضائي على هدم أركان التجريم التي تؤدي إلى نسف العقوبة وإسقاطها من أساسها بحجة عدم توفر الشروط اللازمة للتجريم .

ما يؤدي إلى تملص المجرم من المسؤولية كلياً، فالإصلاح القضائي لا يكمن أساساً في تشديد العقوبة بقدر ما ينطوي على تبسيط الشروط التي تساعد على الإمساك بالمجرم وسد الثغرات بوجهه وليس كما يفعل الاجتهاد القضائي عندنا في كل يوم حين يفتح الفجوات للمجرم لكي ينفذ منها هارباً من المسؤولية، فصاحب الحق لا يهمه مقدار العقوبة بقدر ما يهمه الوصول إلى حقه المسلوب أولاً وعدم إفلات المجرم من العقوبة ثانياً.
هذا وتنص المادة /641/ عقوبات على الآتي:«كل من حمل الغير على تسليمه مالاً منقولاً أو غير منقول أو أسناداً تتضمن تعهداً أو ابراءً فاستولى عليها احتيالاً....، أو بتصرفه بأموال منقولة أو غير منقولة وهو يعلم أن ليس له صفة للتصرف بها......الخ». لو أمعنا النظر نجد أن هذا النص ينطبق على كل شخص يبيع ملك الغير أو يبيع عقاره أو سيارته مرتين أو أكثر بشرط انتفاء علمه بسقوط صفته وإن الذي يبيع عقاره مرتين أو ثلاثاً يكون في الواقع على علم بانتفاء صفته في التصرف بالمبيع بعد أن باع في المرة الأولى.
يأتي الاجتهاد ليقول «بيع المالك عقاره مرة ثانية لا يشكل جرم الاحتيال طالما أن العقار مسجل باسمه في السجل العقاري ولم ينتقل إلى اسم المشتري الأول»-  قرار 2184 لعام 1974 أساس 2185- المحامون لعام 1975- قاعدة 2159 المجموعة الجزائية للدركزلي.
أي أنه وبحسب رأي الاجتهاد أن التصرف المذكور بالمادة /641/ عقوبات لا ينطبق إلا بحال نقل الملكية في السجل العقاري وبالتالي فإن البائع إذا احتال وباع عقاره عدة مرات وقبض ثمنه بعدد مرات البيع فلا يطاله جرم الاحتيال، والمفارقة أنه بهذا القول فتح فجوة في بنية النص القانوني/641/ عقوبات عام،  مشجعاً البائع الذي باع أكثر من مرة على التملص من المسؤولية والإفلات من العقاب، من خلال شطحات تأويلية لا تمت إلى المنطق القانوني بأي صلة ولا للحقيقة القضائية بأية رابطة، فمن ذا الذي قال إن التصرف لا يقع إلا بنقل الملكية في السجل العقاري؟ ومن منا لا يعلم أن التصرف القانوني يقع بأي شكل من أشكال التصرفات سواء بعقد عادي أو سند رسمي أو حتى بالإقرار أمام القضاء