تعرفة النقل الجديدة تفتح أساليب ملتوية للاستغلال... وباصات «هرشو» الأعلى أجراً في دمشق
عانى المواطن السوري ما عاناه في ظل الأزمة الأخيرة، فتبعات المشكلة السياسية الحاصلة في البلاد، ومنعكساتها على الاقتصاد وغلاء الأسعار الذي جارته الحكومة برفع أسعار موادها المدعومة ومنها المحروقات، ضيّقت الخناق على جيوب المواطنين أكثر فأكثر، وخاصة بعد أن فقد الكثير منهم مدخولهم وأعمالهم السابقة،
وباتوا يصارعون البقاء بين فكي سلبيات القرارات الرسمية من جهة، وألاعيب التجار من جهة أخرى.
وكما التجار وتلاعبهم بالأسعار واحتكارهم للمواد، كان لأصحاب القطاعات الأخرى ممارسات شبيهة، في محاولة للاعتياش على الأزمة، وخاصة قطاع النقل، الذي استغل أسياده غلاء المحروقات لوضع أجرة خيالية بعض الأحيان، بعيداً عن الرقابة، وخاصةً أصحاب شركات النقل الداخلي الذين كان لهم الحصة الكبرى من زيادة التعرفة، بالإضافة إلى نظرائهم من أصحاب السرافيس والتكاسي.
أساليب ملتوية..
وبعد أن قامت محافظة دمشق بتحديد تعرفة النقل للسرافيس والتكاسي والباصات، نتيجة استفحال ظاهرة اتفاق أصحاب وسائل النقل بين بعضهم على تسعيرات تشبع رغباتهم وأطماعهم في الربح السريع، انتقل هؤلاء إلى أساليب أخرى، استغلوا من خلالها التسعيرة الجديدة ليزيدوا من أرباحهم أكثر من الارباح التي جنوها قبل صدور القرار، إضافة إلى عدم التزام بعضهم بالتسعيرة من أساسها وكأن شيئاً لم يصدر بهذا الخصوص.
واشتكى عدد من المواطنين لصحيفة «قاسيون»، من قيام أصحاب السرافيس العاملة في دمشق وبعد صدور التسعيرة الجديدة لأجور النقل، بتقسيم الخط الواحد إلى 3 أو 4 أجزاء، يؤخذ في كل جزء منه كامل التسعيرة المحددة للخط، وقام السائقون بحسب الشكاوى، بنقل الركاب من موقف إلى موقف آخر ضمن الخط الواحد، ليقوموا بإنزال الركاب هناك، ونقل ركاب آخرين إلى موقف آخر وهكذا، حتى ينتهي الخط ليحقق السائق بذلك مردوداً كبيراً وفقاً للتسعيرة الجديدة.
التعرفة الجديدة من 15 إلى 60 ليرة!
ومن هذه السرافيس، كان خط ركن الدين- الشيخ خالد، حيث يقوم السائقون على هذا الخط بالاشتراط على الركاب بأن الموقف الأخير من الشيخ خالد هو ساحة شمدين، ومن الساحة يتم تبديل الركاب بركاب جدد على أن تكون نهاية الخط عند موقف جسر الرئيس بحجة أن المحافظة مَنْ حدد ذلك كنهاية للخط، ومن جسر الرئيس يبدل الركاب بشرط أن يكون الموقف الأخير هو ساحة شمدين رغم أن نهاية الخط المقررة هي الشيخ خالد، ومن ساحة شمدين يقومون بتبديل الركاب باتجاه الشيخ خالد وهكذا، وكل جزء من الخط تكون الأجرة 15 ليرة سورية كما حددت المحافظة، وبهذا تكون كلفة تخديم كامل الخط 60 ليرة سورية بدلاً من 15 ليرة كما هو مقرر لهذا الخط.
وقال مصدر في محافظة دمشق لصحيفة «قاسيون» إنه بعد صدور «قرار رفع سعر مادة المازوت عقدت مباشرة عدة اجتماعات في المحافظة مع كافة الجهات المعنية، وتم التوصل إلى تعديل تعرفة الركوب وصدور قرار بذلك، ينص على رفع تعرفة الخطوط القصيرة المسعرة بـ10 ل.س إلى 15 ل.س، ورفع تعرفة الخطوط الطويلة المسعرة بـ15 ل.س إلى 20 ل.س، ورفع تعرفة أجزاء الخطوط الطويلة المسعرة بـ10 ل.س إلى 15 ل.س وتعرفة كامل الخط إلى 20 ل.س».
وأضاف إن «قرار تحديد تعرفة الخطوط، صدر بناء على اجتماع أعضاء مجلس المحافظة الذي يضم ممثلين عن كافة شرائح المجتمع، ويأخذ بعين الاعتبار كافة العوامل لتحديد التعرفة، ابتداء بقيمة المركبة واهتلاكها وأجور الصيانة وقطع التبديل واستهلاك الزيوت والشحوم وأجور التنظيف كذلك، لذلك يعتبر القرار الصادر عن اجتماع المجلس يتماشى مع مصلحة الراكب والسائق معاً».
ويوجد في محافظة دمشق حوالي 3 آلاف ميكرو باص «سرفيس»، وحوالي 700 باص نقل داخلي فقط، بحسب المصدر.
«هرشو» الأعلى أجراً!
القضية لم تتوقف عند جشع سائقي السرافيس، بل وصلت إلى متنفذي القطاع الخاص في النقل الداخلي، حيث اشتكى العديد من المواطنين من عدم اكتراث باصات «هرشو» بحسب الشكاوى، بالتسعيرة الجديدة، وكانت هذه الباصات الأعلى أجراً في دمشق بعد أن التزمت باقي شركات النقل الداخلي بالتسعيرة الجديدة لكامل الخط رغم إهمالها للتجزئة، وبقيت باصات شركة «هرشو» بعيدةً عن قرار المحافظة الأخير، واعتمدت التسعيرة التي حددتها بـ25 ليرة، رغم تأكيد أحد المعنين في محافظة دمشق لصحيفة «قاسيون» بأن «أعلى تسعيرة وسيلة نقل جماعي في دمشق هي 20 ليرة سورية لكامل الخط، وفي الأجزاء هي 15 ليرة».
وجاء قرار محافظة دمشق بتعديل أجور النقل، بحسب المصدر، بناء على الجداول الموجودة لدى المحافظة التي تبيّن مسارات كافة الخطوط وأجزاءها، حيث تم تحديد أعلى سعر للنقل داخل مدينة دمشق للسرافيس والباصات بـ20 ل.س، وكل ما هو أعلى من ذلك يعتبر مخالفة تستوجب العقاب.
وعلى هذا، تعتبر جميع باصات «هرشو» التي تتقاضى 25 ليرة على الراكب الواحد لخطوط شارع الثورة ابن النفيس، وجوبر مزة استراد، مخالفة للقوانين، إلا أن المصدر أرجع مخالفة هذه الشركة للتسعيرة المحددة إلى المواطن ذاته، حيث قال إن «المواطن يدفع ما يطلبه سائقو هذه الباصات دون شكوى، ويجب عليهم عدم دفع ما يطلب منهم فوق التسعيرة المحددة، والشكوى لأقرب شرطي مرور».
وأضاف إن «جميع خطوط باصات النقل الداخلي مجزأة، وتسعيرة الأجزاء هي 15 ليرة، إلا أن الشركات الخاصة لا تلتزم بذلك، وتأخذ تسعيرة الخط كاملاً مهما قصرت رحلة المواطن، ونتيجة الازدحام الكبير وعدم قدرة السائق على مراقبة وتحديد المسافة التي يريد أن يقطعها المواطن، يتم التغاضي عن هذه الباصات بخصوص تجزئة الخط»، وعلى الرغم من ذلك أشار المصدر إلى أن «قيام بعض الشركات بتقاضي أجرة كاملة للخط المجزأ أكثر من ما هو محدد، يعتبر مخالفة كبيرة توجب العقاب».
وعن مخالفات باصات شركة «هرشو» قال المصدر إن «معظم الشكاوى على باصات النقل الداخلي التي تتقاضى زيادة على التعرفة، تعود لباصات «هرشو»، وهناك خمس باصات تابعة له بالحجز، ونظمت بحق الشركة عدة مخالفات كبيرة».
للتكاسي أسلوب أخرى
ولسيارات الأجرة السياحية العامة «التكاسي»، طريقة أخرى في استغلال المواطن، وبحسب الشكاوي، فإن أغلب هذه السيارات لم تلتزم بالتسعيرة الجديدة التي ألزمت الزبون بدفع ضعف ما يظهر على شاشة العداد الذي ما زال يظهر الأجرة بناء على سعر 50 ليرة لليتر البنزين، إلا أن أغلب سائقي التكاسي يقومون بإخفاء العدادات، أو لا يقومون بتشغيلها ويعتمدون على الاتفاق مع الزبون، أو يتلاعبون بالعداد، في حين يلجأ البعض إلى نقل أكثر من راكب في السيارة الواحدة وتقاضي «دبل العداد» من كل شخص.
وعلى هذا، قال المصدر إن «آخر تعديل للعدادات كان على أساس سعر ليتر البنزين بـ50 ل.س، وكما العادة، يمنح السائقون مدة خمسة أشهر لتعديل عداداتهم على أن يضعوا لصاقة تبيّن مقدار الزيادة المقررة على تعرفة الركوب، إلا أنه وخلال الخمسة أشهر الممنوحة لتعديل العدادات على أساس سعر البنزين 50 ل.س، طرأت عدة ارتفاعات متتالية لسعر الليتر الواحد، ما دفعنا لإصدار قرار بتعديل التعرفة إلى ضعف ما يظهر على الشاشة في حال لم يكن العداد معدلاً».
وعن كيفية معرفة الزبون إن كان العداد متلاعباً به أم لا، قال المصدر إن «جميع العدادات مختومة بالشمع الأحمر، حيث يتم تشميعها بعد كل عملية تعديل، وكل عداد غير مختوم يكون هو مخالف ويستوجب صاحبه الغرامة والسجن».
وتوجد في مدينة دمشق 25 ألف سيارة تكسي، و10 آلاف سيارة إضافية كانت تعمل في ريف دمشق سمح لها بالعمل في المدينة مؤخراً، إلا أنه ونتيجة لتضخم أعداد سيارات الأجرة السياحة العامة بدمشق، أوقفت دمشق منح اللوحات العامة داخل المدنية، ومنعت نقل أي لوحة عامة من أي محافظة أخرى للعمل فيها.