من الذاكرة : حجر الزاوية

من الذاكرة : حجر الزاوية

كلما طرقت باب الذكرى، جادت بفيض من مخزونها لأستعيد أصداء- تبقى حية- من ألحان وطننا الغالي وشعبنا العظيم، يشدو بها الوطنيون حين يناديهم الواجب، فيزجلوا العطاء ويرخصوا الدم والأرواح لتبقى سورية البطلة قلعة للحرية والكرامة والعزة.
. وفي زاوية هذا العدد، سأسرد بعض المواقف لاثنين من أصدقاء حزبنا: الشيخ محمد الأشمر ابن حي الميدان بدمشق من أسرة كادحة معيلها يعمل بيطاراً. باكورة نضاله الوطني كانت تطوعه عام 1920 في صفوف رجال البطل يوسف العظمة الذين سطروا ملحمة ميسلون الخالدة. ومن ثم مشاركته في الثورة السورية الكبرى عام 1925 في غوطة دمشق وحوران، كما شارك عام 1936 في الثورة الفلسطينية، وكان في طليعة المؤيدين والعاملين لانتخاب الرفيق خالد بكداش الأمين العام للحزب عام 1954 لعضوية مجلس النواب، ثم أضحى ناشطاً كبيراً من أجل السلم العالمي ونال جائزة ستالين عام 1956 اعترافاً بدوره المميز في حركة أنصار السلم. وأذكر أني سمعته في إحدى زياراته لبيت الرفيق خالد بعد نيله الجائزة يقول: أنا من أنصار السلم، ولكنني لن أتردد لحظة في القتال دفاعاً عن الوطن. النقابي محمد خير بيازيد الذي بدأ نضاله النقابي منذ فاز بانتخابات نقابة عمال الحدادة عام 1935 وتولى أمانة سرها، وسطع نجمه كمناضل بارز من أجل إصدار قانون عمل يحفظ حقوق العمال ويعطيهم حق تشكيل نقاباتهم، وقد تم إصدار أول قانون للعمل السوري عام 1946، وكان بيازيد من منظمي العديد من الإضرابات العمالية. وقد سمعت منه شرحاً مفصّلاً لما دار بين العقيد عبد الحميد السراج رئيس الشعبة الثانية وعدد من النقابيين الذين استدعاهم ليهددهم إن لم يلغوا دعوتهم للإضراب عام 1957، مستنكراً توزيعهم منشورات تحرض على الإضراب، ومتذرعاً بأن الجو العام لا يحتمل إضراباً، وكان جواب النقابي محمد خير بيازيد: «إن ما وزعناه ليس منشوراً، بل هو بيان موقع من رئيس اتحاد عمال الكهرباء المسؤول عن كل كلمة فيه وأنا صاحب التوقيع، إننا نطالب بحقوقنا ولسنا مشاغبين أو مخربين، والاستجابة لطلبنا المحق تسهم في تعزيز الموقف الوطني لا في إضعافه». وقد تمت الاستجابة للمطلب وحُلّ الإضراب