استهداف الكفاءات والكوادر العلمية
لقد لعبت السياسات الاقتصادية الاجتماعية والتعليمية التي طبقت في هذه البلدان والتعاون بينها في منتصف القرن العشرين دوراً مهماً في نمو الكادرات العلمية وازدياد عدد المبدعين بمتوالياتٍ هندسية..ففي سورية كان للسياسات الاقتصادية الاجتماعية دوراً مهماً في ذلك.. كالسياسات التنموية والتعليمية في المدن ..!
والأرياف وافتتاح الجامعات وسياسة وتعريب المناهج العلمية والاستيعاب للطلاب والالتزام بتوفير العمل للخريجين وتوفير الكوادر ولو بشكلٍ نسبي رغم السلبيات الناجمة عن سوء تطبيقها..
لكن التراجع عن هذه السياسات ونمو الفساد والمحسوبية والتمييز على أساس الانتماء السياسي وتوسع الهيمنة والقمع وانخفاض المستوى المعيشي أدى إلى مشاكل كبيرة ومتعددة، محلية وعلى مستوى الوطن، حيث نجم عنها هجرة داخلية من الريف إلى المدينة وهجرة خارجية إلى دول الخليج وإلى البلدان الرأسمالية نتيجة الإغراءات المادية والمعنوية..
واليوم في ظل الأزمة الوطنية الشاملة التي تشهدها سورية منذ أكثر من سنتين والقمع والعنف وبروز الفكر المتطرف أصبحت الهجرة أضعافاً مضاعفة.. فقد شمل النهب التخريب المتعمد الجامعات والمعاهد والمدارس، وخلت معظم المدن والبلدات والقرى في مناطق التوتر من الكوادر الطبية والعلمية والتعليمية التي هاجرت إلى المدن والمناطق الآمنة وشبه الآمنة وهذا أدى إلى كوارث بانتشار الأمية وحرمان مئات الآلاف من التلاميذ والطلاب من الدراسة..كما أدّى إلى انتشار الأمراض التنفسية والجلدية..بل وعودة ظهور بعض الأمراض المنقرضة أو كادت تنقرض كالجرب والكوليرا والتهاب الكبد.
كما دفعت الأوضاع المعاشية الكوادر التي هاجرت إلى المدن إلى الهجرة إلى خارج الوطن بحثاً إلى لقمة العيش وبات ذلك يهدد بخسارة الوطن من غالبية كادراته التي احتاج إلى عشرات السنين لتكوينها وتوفيرها وهذا يعني خسارة أهم وأعظم ثروة وطنية.. تؤثر سلباً على التطور اللاحق للبلاد في مختلف المجالات، كإحدى انعكاسات الازمة التي تعصف بالبلاد.مما يعتبر سبباً إضافياً حتى تعمل كل القوى الوطنية الشريفة للدفع باتجاه الحل السياسي والحوار لإنقاذ ما تبقّى ثروات الوطن