جامعة دمشق؛ قرارات غير مفهومة ؟؟!!
تعتبر بعض القرارات الصادرة مؤخراً عن وزارة التعليم العالي وبعض الجهات التابعة لها، أبعد ما تكون عن تحقيق أهداف هذه الوزارة والمنصوص عنها في المادة 12 السابقة الذكر، حيث إن هذه القرارات تعمل على عرقلة العملية التعليمية في البلاد والإساءة إليها بشكل فاضح، ومن أبرز هذه القرارات:
القرار 138، تاريخ 27/1/2013، الصادر عن مجلس التعليم العالي، والذي يتضمن تحديد عدد طلاب الدراسات العليا الذين يحقّ للأستاذ والأستاذ المساعد الإشراف عليهم. إذ حدد عدد طلاب الدكتوراه الذي يمكن الإشراف عليهم بطالبين فقط، بعد أن كان العدد غير محدد سابقاً.
القرار 441، تاريخ 6/11/2012، الصادر عن مجلس جامعة دمشق، والذي يتضمن آلية تسجيل الطلاب في مرحلة الدكتوراه في جامعة دمشق.
وتنطوي هذه الآلية الجديدة للتسجيل في الدكتوراه على عدد من الإشكاليات ومنها:
التفرغ العلمي وبنسبة لا تقل عن 50%، الأمر الذي يشكّل عائقاً أمام الطلاب؛ حيث إن معظمهم ليس بإمكانه التخلي عن عمله ومصدر رزقه من أجل التسجيل في الدكتوراه.
تحديد عدد طلاب الدكتوراه بما لا يتجاوز 10% من عدد أعضاء الهيئة التدريسية من أساتذة وأساتذة مساعدين، هو أمر غير معقول، وخصوصاً أن هنالك العديد من الأقسام (خصوصاً المُنشئة حديثاً) في مختلف الكليات لا يبلغ عدد الأساتذة والأساتذة المساعدين فيها العشرة أساتذة حتى يتم قبول طالب واحد على الأقل في الدكتوراه، أي أن الطلاب في هذه الأقسام غير قادرين على التسجيل في الدكتوراه، الأمر الذي سيؤثر سلباً في استمرارية هذه الأقسام.
اشتراط مستوى معيّن للّغات الأجنبية وفق اختبارات tofel أو ielts أو غيرها، يثقل كاهل الطلاب بتكاليف إضافية كبيرة نظراً لعدم توفرها حالياً في سورية.
إن نشر أبحاث في المجلات العالمية وحتى المحلية يواجهه صعوبات كبيرة، إذ يتطلّب مدة طويلة قد تتجاوز العام وحتى العامين، وفي النهاية قد لا ينجح الطالب في المفاضلة والتسجيل في الدكتوراه، ويكون قد أهدر كل ذلك الوقت سُداً.
تفتقر المفاضلة بين الطلاب الذين حققوا الشروط المذكورة في القرار إلى الكثير من العدالة، وفق ما يلي:
يشكل إدراج معدّل سنة المقررات كمعيار في التفاضل بين الطلاب الذين أنهوا سنة المقررات قبل صدور هذا القرار غبناً بحقهم؛ وذلك لعدم إخطارهم مسبقاً بأهمية هذا المعدل في التسجيل في الدكتوراه.
عدم مراعاة الزمن الذي يتطلّبه تحقيق هذه الشروط، والذي قد يمتد لأكثر من عام وحتى العامين، قد يخلق مشكلة تتعلق بعدم قدرة الطلاب على تأجيل خدمة العلم، حيث أن إلزاميّة الالتحاق بخدمة العلم سيؤجل التقدم للمفاضلة لعامين آخرين، وهنا ستصبح المدة حوالي 4 سنوات، وبالتالي تنخفض أو تنعدم فرص التسجيل لديهم. إذاً يعدُّ إعطاء نقاط للمدة الزمنية المنقضية على الحصول على شهادة الماجستير أمراً مجحفاً بحق الطلاب الذكور والملزمين بخدمة العلم.
يفتح معيار رسائل التوصية الباب واسعاً أمام المحسوبيات ومحاباة الأساتذة لطلاب على حساب أخرين.
وبالتالي تنطوي الآلية المنصوص عليها في هذا القرار على شروط ومعايير غير منطقية أو موضوعية بالإضافة إلى أنها غير عادلة، إذ تحابي الطلاب من ذوي الوضع المالي الجيد، الأمر الذي يؤثر سلباً في سعيها لانتقاء الطلاب الذين لديهم قدرات متميزة في البحث العلمي.
كما يؤديّ القرارين /138/ و/441/ إلى تحجيم عدد طلاب الدكتوراه في الجامعات السورية كافة، وبشكل كبير جداً، مما يؤدي إلى حرمان عدد هائل من الطلاب من الحصول على الشهادات العليا، ويشكّل ذلك دعوة مفتوحة للراغبين بإكمال دراساتهم للهجرة خارج البلد، وبالتالي إهدار للأموال والطاقات البشرية التي يذخر بها بلدنا. وهذا الأمر ليس له أي مبرّر، إذ إن سورية تندرج ضمن البلدان النامية، وبالتالي فإنها تحتاج إلى أكبر عدد ممكن من أصحاب الكفاءات العلمية من ذوي الشهادات العليا، لما لذلك من تأثير إيجابي في تحقيق التنمية الشاملة.
وبناءً على ما سبق تتجسّد مقترحات طلاب الدراسات العليا بما يلي:
إلغاء هذين القرارين، وإعادة العمل بقواعد القانون الخاص بتنظيم الجامعات التي تتولى تنظيم مسألة القيد بدرجة الدكتوراه.
تسهيل شروط الترفّع للمدرسين؛ أي حصول المدرسين على رتبة أستاذ مساعد، ليتمكنوا من المساعدة في الإشراف على رسائل الدكتوراه، وذلك لاستيعاب أكبر قدر ممكن من الطلاب في مرحلة الدكتوراه، لما في ذلك من تحقيق للمصلحة الوطنية.
اقتراح آلية للتسجيل في الدكتوراه تنطوي على أكبر قدر ممكن من العدالة، مع مراعاة التالي:
- أن يكون نشر الأبحاث شرطاً لمناقشة أطروحة الدكتوراه، وليس للتسجيل في الدكتوراه.
- تجنّب إدخال العامل المادي للطالب، كعامل مؤثر للتسجيل في الدكتوراه، حيث لا يستطيع أغلب الطلاب التفرغ للبحث العلمي بدون مقابل مالي. فاذا كان من الضروري أن يتفرغ الطالب للدراسة والبحث العلمي، فيجب أن يتم تعويضه مالياً مقابل ذلك، الأمر الذي يساهم في تحقيق العدالة بين الطلاب من الطبقة الفقيرة والطبقة الغنية.
- عدم إدراج معايير تؤثر فيها العوامل الشخصية والمحسوبيات، والتي قد تؤدي إلى محاباة الأساتذة لطلاب على حساب طلاب آخرين.
- أن تطبّق الآلية الجديدة على الطلاب الذين سيتقدمون للتسجيل في الدراسات العليا في السنة التالية لسنة صدور هذه الآلية.
- أن يتم إصدار هذه الألية بالطرق القانونية.
وقد أكّد العديد من القانونيين أنّ هذين القرارين مخالفين لقانون تنظيم الجامعات رقم 6 لعام 2006، ولائحته التنفيذية الصادرة بالمرسوم رقم 250 لعام 2006، إذ إنه لا يحق للجهات المصدرة لهذين القرارين أن تعدّل القانون أو اللائحة التنفيذية الصادرة عن السيد رئيس الجمهورية (وذلك لأن القانون والمرسوم أعلى درجة من القرار، ولا يمكن لقرار أن يعدّل مرسوم أو قانون).