«الكي» يصل إلى لحومنا الحمراء.. فهل هو آخر الدواء فعلاً؟!
أخرجت وزارة الاقتصاد من جعبتها مبادرة أطلقتها «بمعية» وزارة الزراعة، والتي تسمح باستيراد العجول بهدف التسمين، وتوفير مادة اللحوم في الأسواق المحلية، بالإضافة إلى تشكيل لجنة تختص بشراء عدد كبير من الأبقار المنتجة للحليب، وذلك بناءً على رغبة عدد كبير من مربي الأبقار في المحافظات على اعتبارها إبداعا حكومياً خالصاً
وستحقق فائدة كبرى للاقتصاد الوطني، ولسنا هنا بوارد الحديث عن المنفعة المفترضة التي سيجنيها الاقتصاد الوطني، إلا أن في جعبتنا أسئلة نسعى لإيجاد إجابات عليها، فهل نحن بحاجة لاستيراد هذه اللحوم فعلاً؟! وما هي الأسس التي اعتمدتها تلك المبادرة لاتخاذ هذا القرار؟! وهل سيضمن مُصدرو القرار الحالي عدم تهريبها لاحقاً إلى دول الجوار؟!
في مطلع شهر أب من عام 2013 أكد بسام درويش رئيس الجمعية الحرفية للحامين والقصابة أن هناك عدة أسباب رئيسية لغلاء أسعار اللحوم 90٪ منها تهريب المواشي بأسعار عالية إلى الدول المجاورة، وثانياً صعوبة نقل مادة اللحوم من الريف إلى المدينة"، مؤكداً في حينها ما وصلت إليه العديد من التقارير الإعلامية، والتي أشارت إلى أن التهريب هو من يتحمل مسؤولية ارتفاع أسعار اللحوم قبل أشهر طويلة، حيث وصل سعر كيلو لحم البقر إلى 1400 ل.س في حينها، و1600 ل.س لكيلو لحم العجل، فكيف باتت البلاد بين ليلة وضحاها بأمس الحاجة لاستيراد العجول لتلبية الحاجة المحلية من اللحوم الحمراء؟! وهي من كانت منذ شهر تعاني من تهريب المواشي «الجاري على قدم وساق» إلى دول الجوار! وباعتراف الجميع!!...
أسئلة برسم المعنيين؟!!
عندما قررت الحكومة استيراد بضعة آلاف من الفروج المجمد احتاج الأمر إلى دراسات، ومهمل زمنية لسبر السوق، ومعرفة حاجتها من مادة الفروج، ولهذا من حقنا أن نسأل: هل سبرت وزارة الاقتصاد أو الزراعة الأسواق لمعرفة الحاجة الفعلية من العجول والأبقار المستوردة؟! وما هي الإحصاءات والمعلومات التي استندوا إليها لتقدير عدد رؤوس الثروة الحيوانية في البلاد، لتقييم النقص، وتحديد الكميات التي نحتاج لاستيرادها؟! وإذا كانت حال الثروة الحيوانية مزرياً إلى هذه الدرجة، فمن الذي أوصل الثروة الحيوانية إلى ما هي عليه اليوم؟! ولمَ تجاهلت الجهات التنفيذية كل النداءات التي تحدثت عن التهريب المنظم للثروة الحيوانية؟!
المستهلك «مكسر عصا»
سيسمح القرار برفع أسعار اللحوم في الأسواق المحلية بموجات متلاحقة إذا ما دخل هذا القرار حيز التنفيذ، والحجج بين أيديهم، وما من ضوابط تقيدهم، فاللحوم الحمراء ستصبح مستوردة على الدولار، وستسعّر محلياً على هذا الأساس سواء استوردنا أم لم نستورد، فهل لأحد أن يضمن عدم حصول هذا السيناريو؟! أم أن المستهلك سيكون "مكسر عصا" كل القرارات الحكومية؟!
مؤامرة!!
التهريب الذي اعترفت به الجهات الرسمية يتحمل مسؤوليته كبار مربي الأبقار والعجول بالدرجة الأولى، وهم ذاتهم من توجه إليهم نداءات غرفة الزراعة ووزارتي الزراعة والاقتصاد، لتسجيل دورهم على الفور من أجل شراء الأبقار الحلوب وعجول التسمين، ولهذا نسأل: أليس في هذا الإجراء مؤامرة على الاقتصاد الوطني أولاً وعلى المستهلك ثانياً؟! فمن أضر بالثروة الحيوانية وأوصلها إلى حافة الهاوية، هو من سيستفيد من قرار السماح بالاستيراد.. كما أنه من حقنا التساؤل: من الذي سيضمن عدم تصدير الأبقار والعجول المستوردة مجدداً إلى دول الجوار بعد دفع قيمها من الاحتياطي النقدي؟! فمن فشل في مكافحة التهريب بداية حفاظاً على الثروة الحيوانية الأساسية، لا شك أنه سيفشل لاحقاً في مهمة الحفاظ على من سيستورد لاحقاً من رؤوس حيوانية؟! وهل من ضامن لعدم تهريبها لاحقاً؟! وبما يخدم المستهلك او الأسواق معاً، وبما لا يهدر الاحتياطي النقدي!! أم أن القرار سيعود بالنفع أولاً وأخيراً على «مافيات» تهريب الثروة الحيوانية؟! وما الفارق بين تهريب النفط السوري إلى تركيا وتهريب الثروة الحيوانية إلى دول الجوار؟! أليس الاثنان من ناهبي وسارقي المال العام والثروة الوطنية؟! فلماذا يكافأ مهربو الثروة الحيوانية باستيراد رؤوس الأبقار والعجول ليهربوها مرة أخرى إلى الدول المجاورة؟!