هل سيستعيد الدولار الأسود مواقعه مجدداً؟
أثار قرار المصرف المركزي الجديد رقم 1304/ل تاريخ 28/10/2017، الكثير من التساؤلات حول جدوى التعديلات الواردة بمتنه بشأن عمليات بيع الدولار بالشكل النظامي، وخاصة ما يتعلق بالحوالات وتأثيرها على المواطنين.
القرار السابق رقم 1295/ل تاريخ 12/10/2017 تضمن آليات عمليات بيع الدولار وتسليم الحوالات، حيث كانت شريحة الـ 1000 دولار وما دون تسلم مباشرة بما يقابلها بالليرة السورية، وإذا تجاوز المبلغ هذه الشريحة يصار إلى اعتبارها وديعة لمدة شهر واحد، وبحال رغبة المتعامل باستلامها مباشرة يقتطع نسبة 1% عمولة عليها وتسلم بالليرة السورية، كاملة أو مجزأة حسب رغبة المتعامل، بالإضافة لبعض الفقرات الخاصة بالتعامل مع شريحة التجار.
القرار الجديد عدل الشريحة بحيث أصبحت 500 دولار وما دون بدلاً من 1000 دولار وما دون، بالإضافة لمنع التصريف للشخص الواحد لأكثر من مرة واحدة شهرياً فقط، نقداً أو حوالة، كما عدل مدة الوديعة بحيث أصبحت 3 أشهر بدلاً من شهر واحد، بالإضافة لتعديل نسبة الاقتطاع بحال رغبة العميل بالاستلام المباشر كعمولة بحيث أصبحت 10% بدلاً من 1%، وهذه التعديلات بمجملها تمس شريحة المواطنين العاديين، أما على مستوى شريحة التجار فلا تعديلات جوهرية طرأت على تعاملاتهم، وبكل الأحوال فهؤلاء قادرين على تجاوز واستيعاب أي تعديلات بحكم الملاءة المالية لديهم.
مما لا شك فيه أن القرار السابق، قبل التعديل، مع الاجراءات الأخرى التي اتبعها المصرف المركزي، كان فيها ايجابيات سواء على المستوى الفردي للمتعاملين من المواطنين العاديين، أو على المستوى الاقتصادي العام بشأن التعامل بالدولار في السوق النظامي والحد من دور السوق السوداء في المضاربة بالعملة، بما في ذلك نسبة الـ 1%، والتي كما صرح بوقتها حاكم المصرف المركزي بأنها أقل من الفارق السعري للدولار بحال التعامل مع السوق السوداء.
وقد استعاد المصرف المركزي بعض من دوره على مستوى هذه العمليات، وكان لها نتائج ايجابية ملموسة أكد عليها حاكم المصرف المركزي أكثر من مرة، عبر الفارق السعري لسعر الصرف المعتمد من قبله بمقابل سعر السوق السوداء، على الرغم من استمرار مساعي المضاربين للاستفادة من هذا الفارق لمصلحتهم.
قراءة سريعة للتعديل الجديد يتبين فيه بعض القيود الإضافية على عمليات بيع الدولار الداخلي والوارد عبر الحوالات، فإذا كانت الحوالات مقيدة أصلاً وممكن التحكم بها بموجب هذه التعديلات قسراً وعلى حساب المتعاملين من المواطنين، وخاصة مع نسبة الـ 10% المفروضة، والتي يمكن أن تؤثر سلباً على حجم التحويلات المالية القادمة من الخارج بالشكل النظامي لاحقاً، وخاصة مع وضع سقف للتصريف بمرة واحدة في الشهر للشخص فقط، فإن البيع الداخلي سوف يعاد توجهه للسوق السوداء مجدداً بعد أن استقطب المركزي هذه العملية خلال الشهور الماضية، ما يعني بالنتيجة احتمال تراجع سلبي بحصاده النهائي، وهو عودة السوق السوداء للعملة (دولار وليرة) والمضاربة بها للانتعاش مجدداً، على حساب المتعاملين، وخاصة شريحة المواطنين العاديين، كما على حساب المركزي والاقتصاد الوطني عموماً.
فهل هناك نقص بالليرة السورية أم فائض بالدولار لدى المصرف المركزي، لتعديل قراره بهذا الشكل؟.
وهل نتوقع معاودة نشاط السوق السوداء على أثر التعديل أعلاه، على حساب المواطنين خاصة، كما على حساب المصرف المركزي والاقتصاد الوطني مجدداً؟.
وهل سيشهد الدولار بناء على ما سبق تحسناً بسعره مقابل الليرة السورية وعلى حسابها؟
أسئلة فيها خشية مشروعة برسم الرسميين وأصحاب الشأن من الاقتصاديين!.