الصناعة الدوائية قيد الاستحواذ الخاص
ليس مستغرباً أن تستقطب هذه الصناعة المزيد من ضخ الأموال الاستثمارية الخاصة إليها، من أجل إنشاء المزيد من المعامل الدوائية الحديثة

الصناعة الدوائية قيد الاستحواذ الخاص

تداولت وسائل الإعلام مؤخراً، خبراً مفاده الإعلان عن إنشاء معمل لصناعة الأدوية السرطانية في سورية من قبل إحدى شركات القطاع الخاص.

الخبر يقول بأن المعمل سيكون في مدينة عدرا الصناعية، وبأن كلفة المشروع ستصل إلى 28 مليون يورو، وبأن الإنتاج سيتم البدء به نهاية العام الحالي.
صناعة مربحة
مما لا شك فيه بأن الصناعة الدوائية تعتبر من الصناعات المربحة، بغض النظر عما تقدمه من خدمات على مستوى تأمين العديد من الأصناف الدوائية التي تحتاجها السوق المحلية والمواطنين، مع إمكانيات التصدير لهذه الأصناف أيضاً، بالإضافة لما تعنيه هذه الصناعة على المستوى الاقتصادي والتشغيلي، سواء على مستوى الاستثمار والربح المنشود منها، أو على مستوى تشغيل الأيدي العاملة، وخاصة تلك صاحبة الكفاءة العلمية والفنية، مع عدم إغفال أهمية التقنيات الحديثة المستخدمة بهذه الصناعة، وضرورة تطويرها بشكل دائم عبر ضخ الجديد منها على مستوى المزيد من الأصناف المصنعة محلياً، فكيف بصناعة الأدوية السرطانية، التي كانت وما زالت تعتبر من القضايا الشائكة على مستوى القطاع الصحي والطبي في سورية، وخاصة خلال سنين الحرب والأزمة، التي ترافقت مع فقدان أصناف هذه الأدوية أو ندرتها، مما فسح المجال أمام زيادة المهرب منها بعيداً عن الرقابة، سواء على مستوى المواصفة والجودة والمصدر، أو على مستوى السعر، والتي دفع ضريبتها المرضى المصابين بالسرطانات على أنواعها وتعدد مسمياتها، على حساب صحتهم ومعيشتهم.
على ذلك، فإنه ليس مستغرباً أن تستقطب هذه الصناعة المزيد من ضخ الأموال الاستثمارية الخاصة إليها، من أجل إنشاء المزيد من المعامل الدوائية الحديثة، وخاصة على مستوى إضافة أصناف دوائية غير متوافرة في السوق المحلي، كما عليها المزيد من الطلب في الأسواق الإقليمية والعالمية كذلك الأمر، مثل أدوية السرطان، أو غيرها من الأدوية النوعية الأخرى.
«تاميكو» مثالاً
بعد كل ذلك، ومع التأكيد على أهمية المشروع بحال انعكس إيجاباً على صحة وسلامة مرضى السرطان محلياً، لناحية المواصفة والجودة والسعر بالنسبة للأصناف من الأدوية المزمع إنتاجها، فإن ما يحز بالنفس هو غياب الدولة عن مثل هذه المشاريع، رغم أهميتها وضرورتها، وليس ذلك فقط، بل عدم إيلاء الاهتمام الكافي لما هو موجود من هذه الصناعة بيدها، من حيث تذليل صعوباتها وإمكانية تطويرها، مع ما يعنيه ذلك من استمرار التمويل الكافي لها، بالإضافة لضخ المزيد من الاختصاصيين والفنيين إليها، ولعل واقع الشركة الطبية العربية (تاميكو) مثالاً حياً على ذلك، علماً بأنها كانت رائدة على مستوى هذه الصناعة، محلياً وإقليمياً.
تصنيع هامشي رغم الأهمية
في تقرير صادر عن المؤسسة العامة للصناعات الكيميائية، في شهر شباط من هذا العام، فإن خطة عام 2017 هي العمل على متابعة تنفيذ مشروع السيرومات الجديد، والبدء بتنفيذ معمل جديد للأدوية البشرية بتكلفة إجمالية تصل إلى 8,2 مليارات ليرة، وكذلك البدء بتنفيذ معمل جديد لإنتاج القوارير الزجاجية، وتركيب خط متكامل جديد لإنتاج الأنابيب البلاستيكية، بتكلفة تصل الى 100 مليون ليرة.
وفيما يتعلق بالخطط البعيدة المدى فإن خطة عام 2018 تقتضي بمتابعة تنفيذ معمل الأدوية البشرية الجديد، ومتابعة تنفيذ معمل جديد لإنتاج القوارير أيضاً، وإقامة خط متكامل لإنتاج المراهم بتكلفة 250 مليون ليرة سورية، ورفع الطاقات الإنتاجية لشركة تاميكو بإضافة آلة للكبسول.‏
السياسات لب المشكلة
والنتيجة أن الخطط الموضوعة لـ«تاميكو» أصلاً يمكن اعتبارها متواضعة جداً، كما تعتبر ممهدة للاستحواذ على صناعة بعض الأدوية النوعية، والمزيد من غيرها من الأصناف، من قبل مستثمري القطاع الخاص، والسبب الأساسي في ذلك هو ضعف التمويل الاستثماري الحكومي لهذه الصناعة وهذا القطاع، كما غيره من القطاعات الصناعية والانتاجية الأخرى للدولة.
وعندما نقول بأن السياسات الحكومية الليبرالية المعتمدة محابية لمصالح المستثمرين على حساب مصالح قطاع الدولة، الذي لا تعيره الاهتمام الكافي، وتسير به نحو المزيد من الضعف، حاله كحال المواطن عموماً بظل هذه السياسات، هنالك من يعتب علينا، بل ويهاجمنا..!