طيارون «ع الرف» قيد انتهاء الصلاحية الفنية!
ما زالت معاناة الطيارين العاملين على طراز ATR، منذ توقف هذا الطراز عن العمل في مؤسسة الطيران العربية السورية، قائمة حتى تاريخه، علماً أن هذه المعاناة مستمرة منذ شهر تشرين الثاني 2015 تقريباً، وحتى الآن.
معاناة هؤلاء الطيارين لم تقف عند حدود العائدات المادية جراء هذا التوقف، بل والأهم من ذلك هو الوضع الفني لهم، من أجل المحافظة على أهلية الطيران.
تراجع الوضع الفني للطيارين
هؤلاء الطيارون متوقفون عن العمل تماماً منذ التاريخ المبين أعلاه، وعند مطالبتهم بالنظر بوضعهم وبمعاناتهم، وبضرورة استئنافهم لدورات الطيران التشبيهي من أجل المحافظة على أهليتهم للطيران، يكون الجواب الحاضر إن تكاليف هذه الدورات مرتفعة والمؤسسة غير قادرة على تحملها، وبأنهم يتقاضون مستحقاتهم دون عمل، وكأنهم المتسببون في هذا الأمر والمسؤولون عنه!.
هذا الحال من التوقف عن العمل أدى إلى تراجع الوضع الفني للطيارين على هذا الطراز جميعهم، نتيجة الانقطاع الطويل عن الطيران، المعتمد أساساً على الممارسة العملية، وعلى الرغم من التحذير من أن الوضع الفني لهؤلاء أصبح غير محقق لشروط التشغيل الآمن وسلامة الطيران، إلّا أن أحداً لم يحرك ساكناً من أجل حل هذه المشكلة وإنهاء تلك المعاناة بشكل جدي.
توجيهات وزارية لم تنفذ
هذا الواقع من المعاناة واللامبالاة، استدعى من هؤلاء أن يراجعوا وزير النقل في تشرين الثاني 2016، أي بعد عام تقريباً من بدء المشكلة، شارحين مشكلتهم، وتوجت مطالبهم بتوجيه من قبل الوزير في حينه إما بنقلهم إلى طراز «الإيرباص» A-320، أو البدء بإرسالهم لدورات الطيران التشبيهي على الطراز ATR، ولكن على الرغم من توجيه الوزير إلا أن واقعهم لم يتغير، وبقي حالهم على ما هو عليه!.
وفي شهر نيسان 2017 عاد هؤلاء وراجعوا وزير النقل مرة أخرى، حيث وجه بإرسالهم فوراً إلى دورات الطيران التشبيهي، وإن كلاً منهم بحاجة إلى تدريب لمدة 24 يوماً في مركز الطيران التشبيهي في مدريد، ثم بحاجة إلى تدريب كامل على الطيران العملي على الطائرة.
وبناءً عليه صدر قرارٌ بإيفاد 27 طياراً، على أن يتم إيفاد طاقم واحد (طيار قائد وطيار مساعد) في كل مرة، وذلك بسبب وجود مدرب واحد فقط هو من سيقوم بتدريب الطواقم جميعها في مدريد، ثم سيقوم بالتدريب العملي على الطائرة للطيارين جميعهم، وذلك يعني أن المدة الإجمالية لانتهاء عمليات التدريب التشبيهي ستستغرق مدة طويلة لحين الانتهاء منها.
كما تم بتوجيه من الوزير أيضاً إقرار تحويل ثمانية طيارين قادة، وثلاثة طيارين مساعدين من طراز ATR إلى طراز «الإيرباص» A-320، ولكن قرار الإيفاد صدر بثلاثة طيارين قادة وثلاثة مساعدين فقط، مع إهمال الخمسة الباقين مما تم إقراره بالتوجيه الوزاري، مع العلم أن قرار الإيفاد المذكور نفسه لم ينفذ كذلك الأمر أيضاً!.
توجيهات إدارية متناقضة
دراسة سابقة أعدتها المؤسسة قبيل رفدها بطائرة «الايرباص» A-340، قضت بأن يتم تحويل عدد من طياري الطراز «الايرباص» A-320 إلى طراز «الايرباص» A-340 الجديد، على أن يتم تعويض النقص بطراز «الايرباص» A-320 من طراز ATR المتوقف عن العمل، حيث تم اقتراح 12 طاقم (طيار قائد وطيار ومساعد)، وتم تخفيضه لاحقاً إلى ثمانية أطقم.
ولكن عند قدوم الطائرة «الايرباص» A-340 صدر قرار يجيز بموجبه لطياري طراز «الايرباص» A-340 بالاحتفاظ بشهادتهم على الطراز «الايرباص» A-320، والسبب هو امتناع هؤلاء عن ترشحهم على الطراز الجديد، وذلك لأسباب مادية، والذي أدى بالنتيجة إلى أن طياري طراز ATR بقوا مستمرين بالتكدس دون عمل.
القطاع الخاص وراء الأسباب المادية!
الأسباب المادية التي جعلت طياري الطراز «الايرباص» A-320 لا يرغبون بالترشح للعمل على الطراز «الايرباص» A-340، هو أن شركة أجنحة الشام الخاصة مالكة لطائرات من الطراز «الايرباص» A-320، وهؤلاء الطيار,ن يقومون بالمداورة الشهرية بتنفيذ رحلات على طائرات هذه الشركة الخاصة، ويتقاضون أجراً مادياً لقاء ذلك.
سابقة غير مبررة
المؤسف أن المؤسسة كأنها تهتم بمصلحة طياري طراز «الايرباص»A- 320 المادية والفنية، على حساب مصلحة طياري الطراز ATR، علماً أنهم جميعاً من ملاكها ولها، فلماذا تمنح هؤلاء ميزة الاحتفاظ بشهادتين للعمل على طرازات مختلفة، بينما تمنع مثل هذه الميزة عن طياري الطراز ATR، الذين بأمس الحاجة للنظر بوضعهم، وخاصة على المستوى الفني والأهلية للطيران.
علماً أن ميزة الاحتفاظ بطرازين سابقة لم تحدث بتاريخ المؤسسة، إلا على نطاق ضيق ولفترة محدودة ولأسباب موضوعية، وبأن مثل هذا الإجراء يتم عادة عند وجود نقص في عدد الطيارين، الأمر الذي لا ينطبق على طياري المؤسسة حالياً.
الآتي أعظم!
لعل ما سبق هو أحد أوجه معاناة السورية للطيران، المسطر والمدون بموجب كتب رسمية، والتي من المفترض أن تكون قيد المعالجة، بعيداً عن مبررات الحصار والوضع المادي والتمويلي، الذي بات شماعة تعلق عليها المسؤوليات، وتبعد الشبهات عن مواقع الترهل والمحسوبية.
ولكن بالمقابل يمكن القول إنه من المتوقع أن تزداد هذه المعاناة بمختلف بأوجهها وأشكالها، وعلى المستويات كافة، كلما تغول الاستثمار الخاص أكثر في هذا القطاع الحيوي والهام، وكلما تم المضي بعمليات إعادة الهيكلة لهذا القطاع تحت يافطات التشاركية، وغيرها من الإجراءات التشريعية والإدارية الأخرى، تنفيذاً للسياسات الليبرالية المحابية للقطاع الخاص والمستثمرين، على حساب مصلحة مؤسسات الدولة وشركاتها والعاملين فيها.
*مؤشرات رقمية تراجعية
حسب البيانات المعلنة عبر موقع وزارة النقل إن عدد العاملين في قطاع النقل الجوي بعام 2016 بلغ 5880 عاملاً، موزعين بين المؤسسة العامة للطيران المدني ومؤسسة الطيران العربية السورية، بواقع 3925 عاملاً في مؤسسة الطيران العربية السورية، و 1955 في المؤسسة العامة للطيران المدني، في حين كان العدد الاجمالي بعام 2012 يبلغ 8259 عاملاً، أي بانخفاض قدره 2376 عاملاً.
عدد الرحلات الدولية الطيران السورية (داخلي- خارجي) بلغ بعام 2016، 1276 رحلة خارجية، بمقابل 822 رحلة داخلية، وبإجمالي رحلات 2098 رحلة، في حين كانت بعام 2012 بواقع 3466 رحلة خارجية، بمقابل 2522 رحلة داخلية، وبإجمالي رحلات بلغ 5988 رحلة، أي بانخفاض إجمالي وقدره 1368 رحلة.