حق التعبير مكفول بالدستور!
تنطلق الاتفاقيات الدولية جميعها المتعلقة بالحريات النقابية والديمقراطية من حق العمال بتأسيس نقاباتهم الخاصة بهم من أجل التعبير عن مواقفهم والدفاع عن حقوقهم ومصالحهم وهذا الحق يُكفل بالدساتير والقوانين طالما الدول تصادق على تلك الاتفاقيات حيث تصبح جزءاً من قوانين البلد الموقع عليها.
الحركة النقابية والعمالية في بلادنا استطاعت عبر نضالها الطبقي والوطني أن تنتزع استقلالية قرارها بالعمل المستقل بعيداً عن تدخل القوى المختلفة في شؤونها مع أن هناك في صفوفها الكثير من أعضاء الأحزاب الوطنية التي كان لها دور في تطور نضالها بمواجهة القوى الرجعية التي حاولت الهيمنة عليها وتسخيرها في صراعاتها المختلفة بعد أن كونت الحركة النقابية والعمالية ذلك الوزن السياسي والاجتماعي الذي لا يمكن تجاهله أو تجاوزه.
الحركة النقابية والعمالية مرت بتطورات كثيرة من حيث الدور والفاعلية وذلك تبعاً للظروف السياسية وموازين القوى والتحالفات السياسية التي تحكم العمل بشكل عام وبالتالي تلك الظروف تعكس نفسها بالضرورة على قدرة الحركة على العمل بما تتطلبه مصالح الطبقة العاملة والقدرة على تحصيل حقوقها بما فيها حقها الطبيعي في انتخاب ممثليها بما يعبر عن إرادتها في اختيار من تراه مناسباً في حمل مهمة الدفاع معها عن مطالبها.
الدستور السوري الجديد الذي تم الاستفتاء عليه يعكس ويؤكد في العديد من مواده قضايا هامة لم تتمكن الحركة النقابية والعمالية من تفعيلها في سياق ممانعتها للسياسات الاقتصادية الليبرالية التي استشعرت بمخاطرها مبكراً الكثير من الكوادر النقابية ورفعت صوتها في مواجهتها وأعاقت إلى حد ما إمكانية تطبيق توجهاتها المتعلقة بقطاع الدولة الصناعي والزراعي وفقاً لتعليمات صندوق النقد والبنك الدوليين وهذا الدور الوطني يسجل لها ولكنها لم تتمكن من إسقاط تلك السياسات لأسباب عدة منها: استمرار بقاء المادة الثامنة بحكم العادة وقوة الأمر الواقع مع أن الدستور قد تجاوزها؟ واستمرارها بالشكل القائم يعيق تطور الحركة ويجعلها مقيدة بأمورها كافة بما فيها تعزيز الديمقراطية النقابية وفي مقدمتها حق التعبير والانتخاب الحر على أساس السمات النضالية لمن سيمثل مصالح العمال في المواقع والتجمعات كافة باختيار العمال أنفسهم دون وصاية على إرادتهم.