«تحصيل الموارد».. وهامشية أسئلة «من أين» و«لماذا»!!
«كبير الخبراء معتكف»... فليبدأ التصفيق!
خاص قاسيون/ أحد وجوه الإعلام الاقتصادي السوري المرتبط بالتطبيل والتزمير.. «الموجّه» كان أحد المخلصين للنائب الدردري والمعترفين بأفضاله، وهو يعلن اليوم انطلاق أبواق التسويق «لإعادة الإعمار الليبرالي» وهو نغم سيشتد عوده خلال الفترة القادمة.. فتسويق بعض أبواق الفساد والليبرالية الإعلامية المحلية «للفريق الأممي» المعتكف على صياغة «الأجندة الوطنية» بقيادة كبير الخبراء الاقتصاديين عبد الله الدردري، هو أمر طبيعي ومطلوب، على الرغم من «الفصام» الذي يعانيه هؤلاء ما بين مواقفهم المؤيدة للتطرف والحسم والعنف المتوافق مع منطق الفساد، ومابين التمهيد للقبول بمنطق التوافق الليبرالي الذي يمثله الدردري.. لتكون النتيجة تأييد الدردري والهجوم على الموقف الروسي (باعتباره طرف الحل السياسي الدولي) وآخرها الهجوم على الدور الاقتصادي الروسي واعتبار الروس «مقصرين»...
تثبت الحكومة الحالية مع كل قرار تصدره، أن توازناتها المختلة حالياً لا تسمح إلا بمقدار ضئيل من قرارات السياسات الاقتصادية.. ولا تتناسب أبداً مع مستوى أزمة اقتصادية.
فما بين «السلبية» وعدم قدرة جهاز الدولة بمنطق «الإهمال الممنهج» على مواكبة الحدث الاقتصادي، وبين «فاعلية مرتفعة» لقوى الفساد والليبرالية التي تضع مهمات لها في وقت الأزمة على مستوى هدم مقدرات اقتصادية للاقتصاد السوري أعاقت السير الليبرالي المتطرف الذي وضعته الخطة الخمسية العاشرة وفريق «الدردري».
أمام الاتجاهين المكملين لبعضهما تقف ضرورات بقاء الاقتصاد السوري كعامل موضوعي يجعل كلاً من السلبية والفعل المدمر المقصود تتواجه مع مصالح العديد من القوى والفعاليات الاقتصادية.. تمنع بالمقابل السير بالاتجاه المتطرف فحصيلة الأداء الحكومي في قضية الدعم على سبيل المثال ردعت رفع الدعم بكامله ولكن بالمقابل تقلص أداء الحكومة ليصبح تحصيل الموارد هدف بحد ذاته بينما تغيب الاعتبارات الأساسية الأخرى ما يجعل سؤالين في غاية الأهمية هامشيين، وهما من أين تحصّل الموارد؟!.. وبماذا توظّف؟!
هدف تحصيل الموارد
حصيلة سياسات الحكومة في الأزمة تتلخص بمقولة: «كيف نحصّل موارد..» هذه المقولة هي أداة وذريعة رفع الدعم. طرح رفع الدعم اختصر بقوة الواقع الاقتصادي الصعب، وكارثية النتائج المتوقعة، إلى رفع البنزين بنسبة 23% بينما رفع الفيول بنسبة 270%، ليسعر بالسعر العالمي أو بسعر كلفة الاستيراد. مناقشة أثر رفع الدعم ينطلق من علاقة أسعار المشتقات بمستوى كلف الإنتاج العام، وبالتالي علاقتها بالرفع العام لمستوى الأسعار، وبالقيمة الشرائية لليرة السورية، وأياً كانت حصيلة الموارد التي ستجنيها الحكومة من الرفع فإنها ستسحب من المقدرة الشرائية للمواطنين والتي جعلتها الأزمة الاقتصادية بالحد الأدنى.
البنزين
البنزين من بين المشتقات هو أقلها تأثيراً على مستوى الأسعار نظراً لكونه الأقل تشابكاً مع الإنتاج الصناعي والزراعي ومع الاستهلاك المنزلي والمواصلات وبالتالي قد لا يحمل رفعه تأثيراً. فالبنزين الذي يستخدم بنسبة 100% في قطاع النقل والمواصلات، يؤثر على جزء من تكلفة النقل وتحديداً النقل الخاص.. ما يجعل تأثيره على شرائح استهلاك محددة نسبياً. حيث تشير دراسات حكومية إلى أن أثر البنزين على الشريحة الاولى (الاقل دخلاً) 1000 ل.س سنوياً، وعلى الشريحة السادسة 4300 ل.س، اما الشريحة العاشرة الأعلى دخلاً فيزيد الإنفاق بمعدل 28 ألف ل.س سنوياً. مقابل إيراد 25 مليار ل.س ستحصله الحكومة يقدر بناء على استهلاك عام 2013 المخطط بـ 1,7مليون متر مكعب.
المفارقة أن رفع السعر هو نتيجة لاستيراد البنزين في المرحلة الحالية، ما يعني أن الخطط توضع على أساس عدم القدرة على استعادة جزء من إنتاج النفط الخام الذي كان إنتاج البنزين كمشتق منه يغطي حاجة الاستهلاك المحلي ويشكل فائض تصديري ومورد هام ...
الفيول وعلاقته مع الصناعة
رئيس غرفة صناعة حلب الشهابي صرح بأن «زيادة أسعار الفيول إلى 50 ألف ل.س للطن بدلاً من 13500 ل.س قرار خاطئ وكارثي، وخطوة نحو إنهاء الصناعة الوطنية»..
وبحسبه فإن حوالي 40% من المعامل لا تزال قيد العمل، هذه المعامل جزء هام منها قد تحول لاستخدام الفيول كوقود بشكل رئيسي عوضاً عن المازوت مايزيد نسبة استهلاك الفيول الذي يقدر الاستهلاك الصناعي للفيول بنسبة 10-15% من مجمل استهلاك الفيول بينما كامل الاستهلاك المتبقي يعتبر استهلاك كهرباء. حتى الآن لم ترفع أسعار الكهرباءـ أي أن دعم الفيول الداخل بالكهرباء لم يرفع، ليتبقى أثر رفع الفيول على القطاع الصناعي والخاص تحديداً..
عملية الرفع الحالية لأسعار الفيول ستحصل ايرادات بمبلغ يقارب 140 مليار ل.س. بينما الصناعة السورية التي تئن في ظروف الأزمة، والتي تعتبر عملية الحفاظ عليها، وتخفيف وطأة سحبها لاسثماراتها ومنشآتها وخبرتها المتراكمة خلال عقود استحقاق هام، لا تكتفي الحكومة بعدم التجاوب معه، بل تقوم بتحصيل موارد على حساب هذه الفعاليات الاقتصادية، الهامة في اللحظة الراهنة..
رفع الفيول هو رفع للكلف الصناعية الذي لا يقتصر على التأثير على الصناعة فقط بل يتعداه ليؤثر على المستوى العام للأسعار عن طريق منتجات الصناعة المحلية وذلك وفق النسب التالية:
حيث تقدر نسبة مساهمة ارتفاع أسعار صناعة المواد الغذائية في الرقم القياسي لأسعار المستهلك بـ 5%، بينما يرفع ارتفاع أسعار المنتجات الكيماوية الأساسية الرقم القياسي للمستهلك بنسبة 3%.
حصيلة أداء
ستحصل الحكومة على ايرادات بمقدار 165 مليار ل.س تقريباً.. ولكنها ستزيد كلف الصناعة، ومتطلبات الصناعة من الحكومة، وستزيد من الأعباء الاستهلاكية.. إذا كانت هذه نتائج حصول الحكومة على الموارد فالسؤال.. لماذا تريد الحكومة الموارد إذا كانت لن تثمرها في دعم الاستهلاك ودعم الصناعة.. !