الشباب الجامعي مشتت والحكومة تتفرج
لا تستغرب ان قدم لك طالب الحقوق فنجان الشاي في المقهى الذي ترداده, ولا إن باعتك طالبة الاقتصاد بنطالاً أو قميصاً, فالغالبية العظمى من الشباب الجامعي منخرطون في سوق العمل, وها هو أحد عمال البسطات يتلقى التهاني من زملائه (البسطاطية) فقد رفع مواده وأنقذ سنته الجامعية الثالثة
تزايدت عمالة الشباب الجامعي مع ازدياد الوضع الاقتصادي تدهورا حتى وصلت لما نراه اليوم من هذه الظاهرة ويكفي أن ننظر للأرقام التي أصدرتها الأمم المتحدة عبر صندوقها المختص بالسكان والتي أشارت إلى أن 42% من الشباب السوري هم بحاجة لفرصة عمل على اختلاف تحصيلهم العلمي لكن الحكومة ما زالت تتغافل عنها واكتفت بتقديم بعض فرص العمل الموسمي هنا أو هناك بعقد 3 أشهر غير قابلة للتمديد ووفق الحد الأدنى من الأجور الذي لا يتجاوز 17 الف ليرة شهريا.
لقد فرض هذا الواقع نفسه على الجامعيين من الجنسيين حتى أصبح اختيار الاختصاص الجامعي يتحكم به الوضع المعيشي المخيف فيلجأ الكثيرون منهم للتسجيل في الفروع النظرية كونها لا تحتاج لدوام كبير وتكاليفها اقل ويمكن دراستها من النوت والملخصات ورغم ذلك يعتبر التوفيق بين الدراسة الجامعية والعمل أمر صعبا للغاية وعلى الأرجح سيتأثر أحدهما إن لم يكن الاثنين معاً خاصة ان كان العمل بدوام كامل كما هو الأمر مع بائعي الألبسة وموظفي المولات التجارية.
لا تبدو الحكومة مكترثة بهذه الظاهرة رغم أن الحل الوحيد لها ملك يمينها فالحلول الفردية لهكذا مسألة غير واقعية وغير مجدية بل تحتاج لتغيرات جذرية بالسياسات الاقتصادية المفقرة للغالبية العظمى من السوريين العاملين بأجر ويفيد التذكير هنا بأن الشاب التونسي البوعزيزي الذي أشعل النار بنفسه فكان شرارة التتحركات اللاحقة في تونس وخارجها لم يكن سوى شاب جامعي يبيع الخضرة على أحد أرصفة السوق وعلى أرصفة الفقر وانغلاق الأفق.
مادة موسعة عن الموضوع في جريدة قاسيون: إضغط هنا