"أراكيل" وخدمة "نت" لـ«-18»
بات لافتاً زيادة عدد المقاهي والكافيهات التي تستقطب الفئات العمرية الشابة بخدماتها وديكوراتها، خاصة وأن غالبيتها اعتمدت توفير خدمة "النت" فيها، بالإضافة لتقديم المشروبات الساخنة والباردة، والـ "أراكيل" من أجل المزيد من استقطاب هذه الشريحة العمرية تحديداً.
الملفت بهذه المقاهي والكافيهات هو تزايد الطلب على "الأركيلة" من قبل الشريحة العمرية الشابة، بعد أن كانت حكراً على الكبار فيما مضى من الزمن، والمزعج المؤرق بآن، أن تقديم "الأركيلة" تجاوز موضوع العمر بشكل لافت، حيث أصبح الكثير من الشباب والشابات دون الـ 18 من العمر مستهلكين لهذا "المنتج" أكثر من سواهم ممن يرتادون هذه المقاهي، بعيداً عن أي قوننة أو رقابة، وصاحب المقهى أو مستثمره بالمقابل لا تعنيه القوانين كما يتهرب من الرقابة، باعتبار أن مصلحته مقتصرة على الجانب الربحي، بغض النظر عن أي شيء آخر.
غياب الملاذات الإيجابية
قد تكون ظاهرة انتشار المقاهي والكافيهات وتزايدها مقترن بغياب ومحدودية أماكن الاستقطاب الأخرى "الثقافية والرياضية والفنية والترفيهية وغيرها"، كملاذات أكثر إيجابية لشريحة الشباب على كافة المستويات، وذلك لضعف امكانات الاستقطاب في هذه المجالات، اعتباراً من التمويل مروراً بالخدمات وليس انتهاءً بالترويج والتسويق والجهات الراعية، خاصة وأن الدولة نفسها تراجعت على هذا المستوى، حيث باتت بعض المنشآت الرياضية نفسها، على سبيل المثال لا الحصر، تعمل وفق مبدأ الاستثمار والريعية بعيداً عن دورها التأهيلي والتوعوي والترفيهي، وكذلك حال بقية مجالات الاستقطاب الأخرى، بظل تغول وانتشار ظاهرة الاستهلاك والمزيد منه من أجل تحقيق أعلى معدل للربح للتجار والمستثمرين، على حساب المواطن وصحته ومستقبله، وخاصة شريحة الشباب، التي أغلقت أمامها الملاذات التي تطور إمكاناتها ومهاراتها وتعنى بمستقبلها، كما سدت أمامها مؤخراً إمكانات حرية الحركة والتنقل خلال السنين الماضية من عمر الحرب والأزمة، فوجدوا بمثل هذه الأماكن (المقاهي والكافيهات) متنفساً وملاذاً وحيداً أمامهم، مع كل سلبياته وآفاته.
عين الرقابة النائمة
عين الرقابة لم تكن غائبة على هذه المقاهي التي تقدم الـ"الأراكيل" للشباب والشابات دون سن الـ18 عاماً فقط، بل هي غائبة أيضاً عن الأسعار التي يتم تقاضيها مقابل الخدمات والسلع المقدمة عبرها، فسعر الأركيلة يترواح بين 400– 1000 ليرة، وسعر المشروب الساخن أو البارد يتراوح بين 500– 1000 ليرة، وذلك حسب الموقع والخدمات و"الرفاهية" المتوفرة، وقد تصل هذه المبالغ لأضعاف هذه الأرقام في بعض الأماكن التي تستقطب الشرائح ذات الملاءة المالية الكبيرة، بالإضافة طبعاً لغياب عين الرقابة عن مواعيد إغلاق هذه المقاهي، حيث يبقى البعض منها مشرعاً أبوابه لما بعد منتصف الليل وحتى ساعات الصباح الأولى أحياناً، مع كل ما تعكسه ساعات التشغيل والاستثمار تلك على القاطنين بالقرب منها من سلبيات، وخاصة على مستوى الأصوات المرتفعة ليلاً وروائح الدخان المنبعثة منها والتي تملأ الأجواء، وخاصة بوجود بعض النوعيات من "المعسل" شديد نفاذية الرائحة والمضر صحياً، وخاصة لمرضى الجهاز التنفسي والربو.
هذا الغياب للرقابة لم يعد من الممكن اعتباره قصوراً أو ضعفاً بالإمكانية والوجود، بظل هذا الانتشار والتوسع الكبير لهذه المقاهي مع مخالفاتها، بل يمكن القول أن الغياب مفتعل وشبه مقصود، والمستفيد طبعاً هم أصحاب ومستثمري هذه الأماكن، مع البعض من الفاسدين بهذه الأجهزة الرقابية التي أغمضت أعينها عن سلبيات هذه المقاهي ومخالفاتها، وكل ذلك على حساب شريحة الشباب المغرر بهم والمغلوب على أمرهم، مهما سيق من مبررات ومسوغات يمكن أن تقال بعكس ذلك.