السويداء... «كثر شاكوك وقلّ شاكروك»!

السؤال الكبير المطروح اليوم في محافظة السويداء أين وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك مما يحدث من ارتفاعات أسعار شملت كل مواد الاستهلاك الشعبي والدخان والمازوت والغاز؟ وأين هي من انتشار تجارة التهريب من الأردن ولبنان وتركيا لكثير من البضائع التي توجد بدائلها الوطنية ولكن بأسعار مرتفعة؟ وقبل أن يتسرع البعض في الرد علينا بأنها حالة ارتفاع أسعار عالمية أو سورية نقول بأن هنالك مواد كالدخان مثلاً تباع بأسعار مرتفعة جداً بالمقارنة بالمحافظات الساخنة مثل درعا أو ريف دمشق أو حمص، وأسعار الخضروات أصبحت بورصة يومية والمواد الاستهلاكية تباع بزيادة 5 – 10 ليرات عن التسعير الموجود عليها.

أجور النقل للسرافيس والتاكسي تخضع كذلك لمزاجية السائقين دون تعرفة صادرة من فرع المرور في السويداء، وهنا يجب ملاحظة أن المتهم ليس هم السائقين فقط فجزء كبير من أصحاب سيارات النقل العام، بنزين ومازوت، يعانون الأمرين نتيجة فلتان الإدارة الحكومية... في السويداء توجد السيارات التي تبيع المازوت للناس  بالسعر النظامي -  5200 ل.س للبرميل - وعلى الدور الصحيح، وهناك المزاج  وأسعار المازوت الحر التي تصل إلى أربعين ليرة سورية وأسطوانة الغاز تباع بالسعر الحر 800 – 1000 ل.س وذلك تحت أعين وبعلم الجهات الرقابية والفرق الحزبية التي كانت وحتى اليوم عملياً المسؤول الأول في المدينة على الأقل عن توزيع هاتين المادتين، مادة السكر في المؤسسات الاستهلاكية لم توزع على دفاتر التموين منذ أكثر من شهر ونصف والسعر الحر وصل لحدود الـ 80 ل.س...

وقائمة التجاوزات المعروفة لدى الجميع في المحافظة تطول وتطول ..

أليس من حقنا أن نسأل كيف تستطيع طيور الظلام احتكار المواد الضرورية للناس وإفراغ السوق منها لحظة ما تشاء بذريعة الطرق المقطعة غير الآمنة بين المحافظة وغيرها من المحافظات؟  ثم كيف يمكنها إعادة طرح تلك المواد ذاتها في الأسواق بأسعار مرتفعة؟ أوليس من حقنا نحن الفقراء والمحتاجين ومعدومي ومحدودي الدخل في السويداء أن نسأل إلى متى تحكمنا شلة من حيتان المال وكبّار التجّار وهم معروفون لجميع سكان المحافظة بالتعاون مع أجهزة الدولة التي تحمي معظمهم علناً وتتذرع بأنها لا تريد ممارسة ضغط إضافي على الناس حتى لا يفسحوا المجال لاحتمال تفجير الأمور في المحافظة «الهادئة»؟...
ألا يحق لنا أن نسأل من الذي يريد أن يخيّر أبناء السويداء بين البقاء على الهدوء والأمان والاستقرار وجنون الأسعار لحيتان المال وكبّار التجّار، وبين تلقي المصير الدامي الذي حظيت به محافظات أخرى من قتل وتدمير وتشريد وتهجير...؟
من هذا البعض المتآمر على وجع الفقراء ودمائهم ولقمة عيشهم، والذي يحاول أن يكون سلطة محلية بديلة عن الدولة؟ هذه السلطة البديلة مكوّنة من تجار أزمات و زعران ولاعبي السيرك ذوي الدراجات النارية أصحاب المهمات الليلية المشبوهة...؟!
لمصلحة من تمر المواد المهربة من لبنان والأردن وتركيا من غذائيات ومشروبات كحولية ودخان، رغم أننا في حالة أزمة وطنية استثنائية والحدود من المفترض أنها في حالة حرب واستنفار....؟!
الدخان الوطني ذاته لم تدخل في صناعته إحدى المشتقات النفطية ولم يدخل سوق المضاربات والبورصة حتى يرتفع سعره ويحلق ويتغلب على معظم الأنواع والماركات في سرعة ارتفاع سعره وعدم وجود أي آلية ضبط أو أي جهة يمكن لها أن تقول للمواطنين لمَ ترتفع أسعار الدخان الوطني حسب مزاج التجّار وليس وفق تسعيرة رسمية؟!...
والمواد الاستهلاكية التي تباع زيادة عن التسعيرة النظامية لم يضف لها لا رصاص ولا ذهب ولا بنزين حتى تلعب عداداتها، وفواتير الكهرباء المضاف عليها كل هابوب ودابوب لا يمكن أن تؤخذ بقوة السلاح وبتصريحات نارية، وتعامل مؤسسة الكهرباء في إحدى النواحي مع المواطنين على أنهم أولاد البطة السوداء وتهان كرامات الناس من المسؤولين الذين هم مسؤولون أولاً عن خدمة أولئك ذاتهم...

ألا يكلّف وزراؤنا المعينون أنفسهم بالقدوم إلينا لنتعرف عليهم أولاً، ومن باب إثبات أن الحكومة وجدت لخدمة مصالح الناس والدفاع عنهم ثانياَ؟ فالناس لا يملأ أمعاءها الخاوية التصريحات والنوايا الحسنة، والحقوق لا تعود إلا بالأفعال والنتائج على الأرض...!
المحافظ الجديد في السويداء، الذي استبشرنا به خيراً نتيجة مؤشرات إيجابية ووعود أطلقت في لقاءات عديدة إضافة لحضوره المتكرر إلى الأسواق، وهو الخلف لمحافظ سابق كثرت حوله الإشارات والانتقادات على أدائه وتصرفاته وتصريحاته الصحفية غير المدروسة، نسأل المحافظ الجديد بكل إيجابية وتعاون أينه من ضبط الأسواق، وفلتان لاعبي السيرك أصحاب الدرّاجات النارية، وقضايا المخطوفين في السويداء ودفع المبالغ الطائلة عبر وسطاء تؤمن حصتهم قبل الجهة الخاطفة وخصوصاً أن الأمر تعدى الحدود حتى وصل مدينة طرابلس في الشمال اللبناني...؟

نعم يصر علينا البعض أن هناك خطوطاً حمراء يجب ألا نقربها حين ننقل معاناة وهموم أبناء البلد أينما كانوا، ونصر بدورنا أن خطوطنا الحمراء هي كرامة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار، نلتزم بها ونناضل لأجلها مهما كانت التضحيات والمضايقات الأمنية، ورغم المقالات والتحقيقات التي نشرت وتنشر – نشرت مادة بعنوان «السويداء تريد» في عدد سابق بجريدة قاسيون وتكلمت المادة بالتفصيل والتحليل عن معاناة أهالي المحافظة المعيشية والسياسية – في العديد من وسائل الإعلام المرئي والمقروء، لكن  يبدو أن هناك من المسؤولين من لاتزال أذناه وعيناه من «طين»...

لأؤلئك « البعض » نقول وبكل بساطة و وضوح:
«كثر شاكوك وقلّ شاكروك.. فإما اعتدل وإما اعتزل»..