في المدينة الجامعية «سنمسح بكنّ الأرض»!
فصل الشتاء أكثر برودة في المدينة الجامعية بدمشق عند دوار المواساة. «المعاناة كبيرة وكأننا في مركز ايواء للنازحين»، هكذا بدأت إحدى الطالبات شكواها لـ»قاسيون» عن حال المدينة الجامعية وغرفها، مؤكدةً أن «الحديث عن مشاكل المدينة يحتاج لصحيفة كاملة» على حد تعبيرها.
رغم موجة البرد الأخيرة، إلا أن «الشوفاجات» التي باتت عبارة عن قطعة لاقيمة لها على جدران الغرف، لم يتم تشغيلها، ولا توجد اي وسيلة أخرى للتدفئة وفقاً للطالبة التي فضلت عدم ذكر اسمها نتيجة سهولة الوصول إليها، ماقد يرتب عليها مشاكل ليست بصددها، على حد تعبيرها.
أين يذهب المازوت؟
طالبة أخرى أكدت بأن «الطلاب يشاهدون صهاريج المازوت تدخل وتخرج من المدينة، ولا أحد يعلم من المستفيد منها، فحتى اليوم من بدء فصل الشتاء، الطلاب لم يستفيدوا منها باي شيء».
مدير المدينة الجامعية، ابراهيم جمعة، كان قد قال سابقاً «مادة المازوت محددة وفقاً للمخصصات التي تصرف للمدينة من رئاسة الجامعة، وبالحقيقة نقوم بتوريد هذه الكميّة من وزارة النفط، ولذلك تم اتخاذ أولويات للاستفادة من هذه المادة، حيث كانت الأولوية للمولدات الكهرباء خلال فترة المساء حتى الثانية عشرة ليلاً»، بينما أكدت الطالبات اللواتي التقتهم «قاسيون» أن وضع الكهرباء أيضاً سيئ وليس كما يتم الترويج له.
طلاب على الأرض.. وآخرون في غرف خاصة
«السخانة ممنوعة، ومدفئة الكهرباء ممنوعة، أكثر من يمكن منح الطلاب الدفء هو الملابس والأغطية، لكن حتى تلك الوسائل لم تعد مفيدة، وخاصة لبعض الطلاب الذين ينامون على الأرض»، كما تقول الطالبة.
وتابعت «في الغرفة ينام حوالي 12 طالبة، علماً أنه لاتوجد سوى 6 أسرة، أي نصف الطلاب ينامون على الأرض رغم الجو البارد»، وفي المقابل هناك غرف لطالبة أو طالبيتن فقط، وقد تكونان متخرجتين منذ مدة وليس لهما علاقة بالجامعة».
امتيازات للمشرفات
وتضيف «إحدى الطالبات كانت تحمل ورقة موقعة من قبل مسؤول في المدينة، كي تحصل على سرير مستقل، فحتى الأسرة تتبع لنظام الواسطة».
الممنوع على هؤلاء الطلبة، كان مسموحاً لطالبات أخريات لهن امتيازات غير معروفة، وكل ماهو معروف عنهن أنهن «واسطات» كما درج الاسم هناك، ففي غرفهن تجد «الاركيلة والمدفئة والسخانة والغاز، وأيضاً يمكن أن تجد كل المخالفات جملة واحدة في غرف المشرفات»، وفقاً لحديث طالبة ثالثة التقتها قاسيون خارج المدينة الجامعية.
وتتابع «لاتوجد خصوصية للطالبات، المشرفات يتعاملن مع الطالبات وكأنهن موظفات لديهن، ولاسلطان على تصرفاتهن، حتى ادارة المدينة غير قادرة على ضبطهن، فقد تقتحم المشرفات الغرف دون استئذان لأسباب تافهة، كالتفتيش أو الدعوة لاجتماع نظافة أو اجتماع ما يتم ابتكاره وفقاً لأهوائهن، وقد يتم استخدام ألفاظ نابية، لايمكن الرد عليها خوفاً من الطرد»، مؤكدة أن إحدى المشرفات قالت لهن إحدى المرات «سنمسح بكن الأرض».
يستغلون «اتحاد الطلبة»
«س. ف»، طالبة أكدت على القضية السابقة ذاتها، وقالت إن «موضوع بعض مشرفات ومشرفي الوحدات، بات أمراً معروفاً للجميع، فهم يستغلون عضويتهم في هيئات اتحاد الطلبة، لممارسة إصدار الأوامر والتحكم بما يريدون، وجميع من في المدينة على علم بذلك، حتى الإدارة، وأتحدى أن ينكر أحدهم ذلك، فيمكن بزيارة واحدة لغرفهم، الإطلاع على حجم مخالفاتهم».
مياه صفراء
المياه مأساة أخرى، فهي «مائلة للصفرة، وذات رائحة كريهة، وغير صالحة حتى للجلي، أما مياه الاستحمام الساخنة فتقدم لمرة واحدة في الأسبوع فقط» بحسب إحدى الطالبات، التي أكدت أن الطلاب خصصوا جزءاً من مصروفهم لشراء مياه الشرب.
وتضيف «الحمامات متسخة ومعطلة أغلب الأحيان، الصراصير والحشرات منتشرة بكثرة، ورغم مناشدات الإصلاح إلا أنه لايوجد تجاوب، مايدفع الطلاب لإصلاح الأعطال بأنفسهم».
مكان مهجور!
وتتابع «لاتوجد نرابيش في الحمامات، وأكياس القمامة تراها مجتمعة هنا وهناك، والمياه تطوف في الممرات، فالحال أشبه بمكان مهجور، أو مركز إيواء مهمل».
وتؤكد الطالبات اللواتي التقتهن «قاسيون»، أن الحال «المزري» الذي وصوفوه، ليس جديداً، فرغم المناشدات التي تعود إلى أعوام سبقت هذا التقرير، إلا أن «الواقع مازال سيئاً وقد ازداد سوءاً مع بدء الأزمة السورية».