أرصفة العاصمة .. مغتصبة
قال أحد المواطنين: «يرحم أيام زمان، وقت كان الرصيف للمواطن».
في تعبير عن الاستياء لما وصل إليه حال أرصفة المدينة، حيث لم تعد مخصصة للمشاة، بل باتت مغتصبة من قبل الأكشاك والبسطات بتنوعها(غذائيات- ألبسة- خضار- وغيرها)، وبالإضافة طبعاً للسيارات ذات الحصة الأكبر، في احتجاز الأرصفة واغتصابها.
ناهيك عن الممارسات المستحدثة بعمليات الاغتصاب، من قبل بعض المطاعم والمقاهي، والتي بات بعضها يغتصب جزءاً من الشوارع أيضاً، بوضع طاولات وكراسي، لتقديم المأكولات أو الأركيلة والمشروبات، الباردة والساخنة.
مواطن آخر قال: «الرصيف من حقي كمواطن، وأنا أطالب المحافظة بجزء من الريع التي تجنيه لقاء الإشغالات»، ولعلها فكرة مفيدة، قد تمتص جزءاً من استياء المواطنين، خاصة وقد باتوا معرضين للأخطار، جراء استخدامهم للشوارع بدلاً من الأرصفة، بظل ذاك الازدحام والاختناق.
كثير من المواطنين، عبروا عن استيائهم من ذاك الاغتصاب المسكوت عنه، من قبل المحافظة والبلديات والشرطة، كما أشار البعض منهم إلى الجانب الصحي المتعلق بتلك الغذائيات والمأكولات المكشوفة، والمعروضة للبيع على الأرصفة وفي الشوارع، بغياب تام للرقابة الصحية، خاصة وأن جزءاً من تلك الأطعمة مخصص للأطفال.
أما القاطنون بأماكن الازدحام «البسطاتي»، فقد عبروا عن معاناتهم من مشكلة المخلفات والنفايات، التي يتركها بائعو الخضار والفواكه والألبان والأجبان على الأرصفة، والتي تجلب الحشرات والقارص والقوارض، حيث تغلغلت إلى داخل منازلهم، وبات التخلص منها مرتبطاً بالتخلص من البسطات المسببة لها.
قال أحدهم: «يا أخي الله يرزق العباد، والجيرة إلها حق، بس القطة بتنظف محلها»، في اشارة الى الاستهتار من قبل «البسطاطية» لحق الجوار، وإهمال البلدية.
في بعض الأماكن الراقية من دمشق، كانت المعاناة مختلفة بشأن الازدحام على الأرصفة، حيث عبر أحدهم عن استيائه من اغتصاب تلك الأرصفة من قبل مكاتب تجارة السيارات، حيث لم يعد يجد موقفاً لسيارته أو سيارات زائريه وأقربائه بموقع قريب من منزله، بسبب اجتياح السيارات المعروضة للبيع وإشغالها الأماكن المتاحة كافة، على الرصيف وفي الشارع، ورغم احتجاجه عدة مرات لأصحاب تلك المكاتب، إلا أنهم كانوا «أذن من طين وأذن من عجين»، ملمحاً إلى الحماية الحاصلين عليها من قبل بعض المتنفذين.
وإذا كان مفهوماً السكوت مؤقتاً عن بسطات الفقراء، من زاوية أنها مصدر دخل، ربما وحيد في ظل الأوضاع الراهنة، إلى حين توفير فرص عمل، فماذا عن اغتصاب الأرصفة في بعض الأحياء الراقية وإقامة الأكشاك، أو من قبل أصحاب محلات، ومطاعم، ذات دخول عالية، وصمت المحافظة والبلديات وشرطة المرور تجاهها؟
بقي أن نشير، إلى أن ما ينطبق على دمشق العاصمة بهذا المجال، ينطبق على سواها من المدن والمحافظات.