ندوة حوارية.. الأزمة وتأثيراتها على الوضع المعاشي

ندوة حوارية.. الأزمة وتأثيراتها على الوضع المعاشي

تحديات الأزمة وتأثيراتها على الوضع المعيشي للمواطن كانت العناوين الأساسية للندوة الحوارية التي أقامها الاتحاد العام لنقابات العمال صباح الأربعاء الماضي وحضرها حشد من النقابيين والباحثين الاقتصاديين، وطرحت في الندوة العديد من الآراء تنشر قاسيون جزءاً منها نقلاً عن  موقع الاتحاد العام لنقابات العمال، بتصرف.

أشار نائب رئيس الاتحاد عزت الكنج إلى أن تراجع الوضع المعيشي للمواطن يتمثّل بشكل مباشر بانخفاض القوة الشرائية للدخل أو للعملة ويتأثر بهذا الانخفاض على الأخص الفقراء وذوي الدخل المنخفض والمحدود، لذا يعد هذا الموضوع من أصعب التحديات التي تواجه الاقتصاد والمجتمع السوري في ظل الأزمة لأن في ذلك مسّاً بمستوى معيشة وقوت الشرائح الأعرض والأوسع والأضعف من المواطنين، وأضاف الكنج : إن ثالوث انخفاض قيمة الليرة السورية وارتفاع الأسعار والتضخم ناتج بشكل أساسي عن ارتفاع التكلفة وتراجع الكتلة السلعية.
وقال الكنج : إن الحصار والعقوبات الاقتصادية أصبحا يشكلان الهاجس الأهم للمواطن السوري في ظل المصاعب والتحديات التي خلقتها الأزمة الحالية وخاصة مع استمرارها وامتدادها وتفاقمها وتعقّد متغيراتها وتشابك مؤشراتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية والأمنية.
وتساءل الكنج: هل كانت السياسات الاقتصادية التي سادت سنوات ما قبل هذه الحرب تؤسس لبناء اقتصاد مقاوم يتماشى مع القرار السياسي لسورية ونهجها المشرف في دعم المقاومة؟
ولماذا قُدمت شهادات حسن سلوك من المؤسسات المالية الدولية لمن خطط ونفذ تلك السياسات؟ والجواب بالتأكيد لأنها لم تكن لتبني اقتصاداً مقاوماً ومجتمعاً مقاوماً.


البرشة: تفعيل دور النقابات شأن خاص لن نتعاون به لا مع الحكومة ولا مع غيرها

فايز البرشة أمين الشؤون القانونية في الاتحاد العام تساءل في مداخلته عن تصريح رئيس هيئة تخطيط الدولة في غرفة تجارة دمشق بأن كل الإجراءات الحكومية التي اتخذت هي اجراءات مؤقتة وآنية، مترحماً على هيئة تخطيط الدولة وعلى القيادات التي تخطط لها إذا كان هذا الكلام صحيحاً، متسائلاً في الوقت نفسه هل الفكر الاقتصادي والقائمون عليه باتوا يؤمنون بالمثل القائل بأنها عنزة ولو طارت.
وعبّر البرشة عن خشيته بأن يكون هذا واقع الحال داعياً رئيس هيئة تخطيط الدولة للإيضاح، وهل فعلاً إجراءات الحكومة آنية ومؤقتة لتمرير الوقت أم ان هناك تحولاً تفرضه طبيعة الوضع اليوم اتجاه أننا نعيش وضعا حرجاً ويتطلب اقتصاداً حراً ويتطلب إجراءات اقتصادية تتناسب وطبيعة المرحلة الاستثنائية، أي العودة إلى السياسات الليبرالية التي نُفذّت خلال الخطة الخمسية العاشرة والتي مازالت مفاعيلها قائمة وخاصة في المجال النقدي وما أدت إليه من فقر ومزيد من البطالة وتردي الأوضاع المعيشية.
ورأى البرشة أن ظروف الحرب والسياسات الاقتصادية المطلوبة تستدعي وقف مفاعيل السياسات التي كانت سارية سابقاً، وخاصة موضوع تحرير التجارة لافتاً إلى أن الحديث عن إعادة إعمار النفوس والنسيج الوطني يحتاج إلى آخرين ليتحدثوا به، والمقصود بإعادة الإعمار هو إعادة الإعمار الاقتصادي وإعادة ما دُمّر وما هُدّم على يد العصابات الإرهابية المسلحة مشدداً على ضرورة أن لا يأتي هذا الإعمار وفقاً لسيناريوهات ووصفات الصناديق الدولية وإنما يجب أن يكون الإعمار بأيدي وطنية قائمة ولم تهرب وإن إعادة الإعمار يجب أن تكون من أجل إعادة الإعمار.
وانتقد البرشة الدعوة إلى إعادة هيكلة التنظيم النقابي بالقول إن الدستور السوري ضمن للنقابات ولمنظمات المجتمع الحرية والاستقلالية ومشاركتها في الحياة العامة على أن تضمن الدولة هذه المشاركة وهذه الاستقلالية، وأن تفعيل دور النقابات وعملها هو شأن خاص بالحركة النقابية لن تتعاون به لا مع الحكومة ولا مع غيرها، وبأن الحركة النقابية أقدر من غيرها على تحديد كيف يكون دورها وكيف هو اليوم، مؤكداً أن الشعب الذي صمد عامين ونصف قوامه العمال الموجودون على الأرض.

شدد جمال القادري رئيس اتحاد عمال دمشق على أن إعادة بناء القطاع العام والتوسع به أفقياً وعمودياً لايمثل خياراً بل هو ضرورة وطنية ملحة مؤكداً أن الظروف الاستثنائية التي  مرت بها سورية خلال العامين الماضيين أثبتت أنه يمثل بما تبقى منه أحد دعائم ومرتكزات الصمود.
وأشار القادري إلى أن المنظمة النقابية بنضجها ووعيها كانت السبّاقة في الدفاع عن هذا القطاع وطرح الحلول والمعالجات الكفيلة بتخليصه من قيوده والارتقاء به وكذلك الإشارة والكشف عن أخطاء السياسة الاقتصادية السابقة لكن لم تلق أصوات نقابييها أية استجابة.
وشدد رئيس اتحاد عمال دمشق على أهمية وجود خلية أزمة على المستوى الاقتصادي تضم ممثلين عن مختلف الفعاليات الاقتصادية إضافة إلى ممثلين عن الصوت الشعبي الذي يضمن إيصال أوجاع الوطن ومعاناته مؤكداً أن غياب مثل هذه الخلية يعد أحد الأسباب الفاعلة والمؤثرة في التخبط الاقتصادي الذي تعيشه سورية جراء هذه الحرب الكونية التي تشن عليها.
وقال القادري: ليس المهم أن نستغرق كل الوقت ونكتفي فقط في دراسة الأسباب التي أدت إلى الازمة التي كان لها منعكسات سلبية كبيرة على مختلف جوانب الحياة السياسية والاقتصادية، لكن الأهم هو السعي الجاد لإيجاد الحلول وهو ماغاب عن المحاضرين الذين قدموا مشكورين رؤى تستحق الاحترام..

منصور: إعادة هيكلة القوانين والأنظمة المفصلة على مقاس التجار

دعا حسام منصور رئيس نقابة المصارف بدمشق إلى ضرورة إعادة هيكلة مجموعة الأنظمة والقوانين التي فصلت على مقاس بعض التجار والمتنفذين مشدداً على أن المواطن ليس بحاجة لفريق ليحدد الأسباب لأنه حدد سبب الغلاء بالحكومة وإنما يريد قراراً يحاسب الحكومة لافتاً إلى أهمية تفعيل دور القضاء لأن الحكومة كانت جزءاً لا يتجزأ من هذه الأزمة مذكراً المحاضرين بالكميات الكبيرة من العملة الوطنية التي هُرّبت خارج القطر وأصبح من خارج القطر أكبر تأثيراً من تهريب الدولار.

المصري: المنظمة تصدت للخلل وعرّت السياسات الاقتصادية الليبرالية

الرفيقة إنعام المصري أمينة الثقافة والإعلام باتحاد عمال دمشق أكدت أن المنظمة النقابية تصدّت وقدمت مقترحات وحلولاً للوضع الاقتصادي مشيرة إلى أن المطلوب بعد أن شخصنا أبعاد المؤامرة الوقوف في وجه المشروع الليبرالي للاقتصاد الذي أدخل الفساد والبيروقراطية إلى مفاصل الدولة.
وقالت المصري : ليس العمال والفقراء فقط هم المتضررون من الأزمة بل أيضا البورجوازية الوطنية التي نؤمن كنقابات بأهمية التشاركية بيننا وبين أرباب العمل للوصول إلى نموذج اقتصادي وطني يحمي شرائح المجتمع المختلفة ويأخذ بعين الاعتبار حقوق العمال ومصالحهم.
وشددت المصري على أهمية هذه الندوة في التصدي للمشروع الليبرالي والاقتصادي الذي كان له انعكاسات سلبية على الجانب الاجتماعي داعية إلى الاستمرار بعقد مثل هذه الندوات مؤكدة بهذا الخصوص على أهمية الحوار بين جميع مكونات المجتمع للوصول إلى أفضل صيغة تحمي شرائح المجتمع المختلفة.