ما تبقى من عيد..! بورصة الأعياد.. بسطار السوق وحده يعمل...

ما تبقى من عيد..! بورصة الأعياد.. بسطار السوق وحده يعمل...

 

ربما يبدو الحديث عن طقوس العيد التقليدية، وأسعار اللحوم، وتكاليف ارتياد المطاعم والسهرات، في ظل المأساة الراهنة، نوعاً من الترف والفانتازيا، وقد يبدو استفزازاً لبعض السوريين ممن لا يستطع تأمين علبة دواء، أو حتى رغيف خبز، أو مأوى.. 

واقع الحال، إن السوريين في المناطق المستقرة نسبياً، يصرون على ممارسة طقوس العيد ما استطاعوا إليه سبيلاً، وذلك كثقافة متأصلة، وكشكل من أشكال التحدي غير المعلن للحرب. 

صُدم سكان العاصمة دمشق، في عيد الأضحى من استفحال عدة ظواهر ربما اعتادوا عليها مسبقاً، لكن ليس بهذا الحجم. وأغلب ما تم رصده من أمور استمرت بداية من يوم وقفة عيد الأضحى، وحتى اليوم الأخير منه على أقل تقدير، ليبدأ الفرق بعدها.

وقفة عيد الأضحى

 اعتاد السوريون على شراء مستلزماتهم كافة استعداداً لعطلة تستمر من 4 أيام لأسبوع، وهذه المستلزمات ليست بالضرورة أن تكون متعلقة بمواد العيد الاستهلاكية المتعارف عليها كالحلوى والقهوة مثلاً. أروى ربة منزل، تقع في أيام العيد بمشكلة، وهي عدم توفر الخضار والفواكه، أو اللحوم الطازجة وخاصة الدجاج، ولهذا، تقوم بشراء ما يلزم لأيام العطلة يوم الوقفة، وهنا كانت الصدمة.

بورصة في أسبوع

تقول أروى «وصل سعر شرحات الفروج يوم وقفة عيد الأضحى إلى 1450 ليرة سورية، وانقطعت المادة في العيد، إلا بعض المحلات التي رفعت السعر إلى 1600، لتعود المادة بعد انقضاء العطلة بسعر 1300، فماذا حدث؟».

وتضيف: «المشكلة هي أنه لا يستطيع أحد إجبار أصحاب المحلات التجارية على فتح متاجرهم خلال العطلة. لم أستطع شراء الدجاج يوم الوقفة لسعره المرتفع، وفي العيد اضطررت للبحث عن محل يبيع الفروج النيء، وبعد معاناة طويلة استطعت الوصول إلى أحد المحلات في ريف دمشق عبر أقاربي، لكنه يبيع الكيلو بـ1600 ليرة سورية».

أروى اعتمدت على الأطعمة الجاهزة في عطلة العيد كونها باتت أرخص بالسعر من طهي وجبة طعام في المنزل، نتيجة تلك الأسعار «الخيالية»، وهنا تضيف فادية أم لـ3 أطفال على حديث أروى :«يوم الوقفة ارتفع سعر البقدونس إلى 35 ليرة بعد أن كان قبل أيام بـ25 ليرة. أقوم بشراء هذه المادة غير القابلة للتخزين في متاجر الخضار قبل يوم العيد، ففي العيد الماضي لم أجد بقدونس نهائياً».

أزمة خضار

وتابعت «في العيد وصل سعر البقدونس (جرزة) إلى 50 ليرة سورية، وهي بحال غير جيد، أما الخيار فقد وصل سعره يوم الوقفة إلى 250 ليرة سورية، والبندورة 200، وبعد العيد مباشرة عاد سعر كيلو الخيار إلى 125 ليرة سورية فقط!».

فادية تقول، إن «العيد هو ذريعة للاستغلال لدى التجار والباعة جميعهم، ويحاولون من خلال رفع أسعارهم بشكل جنوني، تعويض ما قد يفوتهم من بيع عند إغلاق محلاتهم في عطلة العيد، وما على المواطن إلا أن يشتري في حال الضرورة، أو أن يشكي أمره لله كون وزارة التجارة غائبة دائماً، ولم أر أي دورية لها في حياتي، فكيف في هذه الحرب!». 

كل شيء دخل بورصة الأضحى

«تم رفع سعر كل شيء تقريباً قبل يوم من العيد، حتى قارورة المياه الصغيرة وصل سعرها إلى 100 ليرة سورية، وسندويشة الفلافل إلى 200 والشاورما 350، الفروج 1800 مشوي و1900 بروستد، حتى ملاهي الأطفال التي كانت موجودة في ساحة صلاح الدين بمنطقة ركن الدين بسعر 50 ليرة للعبة الواحدة في الأيام العادية، ارتفعت إلى 75 يوم الوقفة، و100 ليرة أول أيام العيد، لتعود مع انتهاء العيد إلى 50 ليرة، علماً أن مدة ركوب الطفل فيها لا تتجاوز الدقيقة فقط» بحسب أبو جهاد.

المخالفات جماعية والدوريات «غائبة»

ربما أكثر شكاوى العيد تتركز على قضايا تتعلق بالأسعار، وجميع ما ذكر، لوزارة التجارة الداخلية دور «غائب» في ضبطه، ليس في هذا العيد فحسب، بل في كل عيد، وحتى الأيام العادية، فمشكلة التلاعب بالأسعار باتت سمة عامة للسوق السورية، ما يؤكد أن قانون السوق المنفلت هو الذي يسود، وأن الرقابة ليست إلا مجرد اسم.   

وفي الأعياد خاصة، تكون المخالفات جماعية وواضحة ومن السهل ضبطها، لكن «عدم تواجد دوريات جوالة لوزارة التجارة الداخلية» بحسب الشكاوى، ساهم في استفحال الظاهرة وتمادي التجار والباعة.

فواتير المطاعم كانت شكوى قديمة جديدة في الوقت ذاته، هديل تقول «أيعقل أن تصل فاتورة مطعم في يعفور إلى 30 ألف ليرة سورية لأربعة أشخاص؟، أيعقل أن تكون الضرائب حوالي 15% من الفاتورة؟».

ساعة لوصول الدورية!

وتابعت «المطاعم في العيد المخالفة بشكل جماعي، ولا تطبع أية فواتير، وإن طبعتها لا تمنح الزبون نسخة، وتضيف ضرائب غير رسمية، وإن حاول الزبون التواصل مع دورية حماية المستهلك، فقد يستغرق وصولها حوالي الساعة، فما الحل؟ هل يجلس الزبون ويتشاجر صاحب المطعم ساعة كاملة؟. غالباً ما تنتهي القضية بمراعاة معينة من قبل المطعم إن اعترض الزبون، لكنه سيخرج الأخير في النهاية مغبوناً بالتأكيد ولو تمت مراعاته».

إباء شاب جامعي، يقول: «حتى الجلوس في المقاهي بات مكلفاً، الأركيلة من 250 إلى 350، وكوب القهوة من 150 إلى 250، وكوب الشاي 150، أي أن الجلوس حوالي الساعة قد يكلف الشخص الواحد أجرة عمل يوم كامل نظراً للرواتب في البلاد»، وهنا يتساءل «هل نحن سياح؟ وهل بات الترويح عن النفس وخاصة في عطلة العيد يحتاج إلى ميزانية خاصة؟».

ضريبة رفاهية!

عند النظر إلى الضرائب المفروضة في المطاعم والمقاهي، يلاحظ  وجود عدة ضرائب بتسميات مختلفة، إحداها تسمى: «الإنفاق الاستهلاكي»، ولطالما شكلت هذه الضريبة محل شك في جدواها ومعناها الحرفي، وتبين لاحقاً أنها اسم مجذب «لضريبة الرفاهية» بحسب مصدر في وزارة السياحة.

المصدر قال إن «رسم الإنفاق الاستهلاكي هو ضريبة تبلغ في المنشآت المصنفة بنجمتين وثلاث نجوم 5%، وفي المنشآت السياحية المصنفة بأربع وخمس نجوم تبلغ 10% من قيمة الفاتورة»، إلا أن حديث المصدر لا يطبق بحرفية، فهذه الضريبة تجبى حتى من المقاهي الشعبية والفنادق التي لا تملك أي تصنيف سياحي، ولا يخطر على بال الزبون احتساب نسبتها من قيمة الفاتورة، كون النسبة غير معلنة للمواطنين من قبل وزارة السياحة.

بمجرد جلوسك.. ستدفع ضريبة!

أما باقي الضرائب، فهي بحسب المصدر: رسم الإدارة المحلية على رسم الإنفاق الاستهلاكي ويبلغ 0.5%، رسم رواتب وأجور بقيمة 2.5% يحصل للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، وضريبة دخل على الفاتورة بقيمة 0.5%، إضافة لرسم إعادة الإعمار الذي يختلف بين المحافظات، ويبلغ في دمشق 2%.

تلك الضرائب، تدفع فوراً في حال جلوس الزبون على الطاولة، التي من المفترض أن تكون مجانية، إلا أن أغلب المطاعم وخاصة في الأعياد، يجبرون الزبائن على شراء عبوة مياه، ودفع أجرة الجلوس على الطاولة، عدا عن إجباره على الطلب كل نصف ساعة، إضافة إلى فرض ضريبة تتراوح من 25 إلى 50 ليرة لاستخدام الحمامات والمغاسل، تجبى مباشرة من قبل عامل مفروز اليها.

وبناء على ذلك، يدفع الزبون ما لا يقل عن 10.5 % من الفاتورة كضرائب، ترتفع كلما زادت الطلبات، وفي حال فرض المقهى أو المطعم على الزبون عبوة مياه التي يصل سعرها في المقاهي الشعبية إلى 150 ليرة وتختلف باختلاف نجوم المطعم، إضافة إلى 150 ليرة أجرة الطاولة، و50 ليرة لاستخدام الحمام، فإن الزبون سيدفع 350 ليرة بشكل إجباري، قبل طلب أي شيء، بمجرد جلوسه على الطاولة.