الأزمة الرأسمالية والحراك العمالي
استطاعت الطبقة العاملة في المراكز الإمبريالية انتزاع الكثير من الحقوق التي انعكست بشكل واضح على مستوى معيشتها وهذه المرحلة كانت تسمى مرحلة الرفاه الاجتماعي، حيث لعبت موازين القوى العالمية التي كانت سائدة في ذلك الوقت - ما بعد الحرب العالمية الثانية وانتصار الاتحاد السوفيتي- دوراً مهماً في تمكن العمال والنقابات من فرض مطالبهم وانتزاع حقوقهم،
حيث كانت قوى الرأسمال مضطرة إلى تقديم تلك التنازلات للعمال والنقابات، في الوقت نفسه عملت على شق الحركات النقابية من خلال نقابات صفراء تم شراؤها بأشكال مختلفة، أسست لدور تخريبي في المراحل اللاحقة مع التغير الحاصل في موازين القوى وبدء مرحلة التراجع وتبني القوى الإمبريالية لنظام العولمة «الليبرالية الاقتصادية» الذي جرى من خلاله إعادة استلاب لمعظم الحقوق التي كانت سائدة في مرحلة الرفاه الاجتماعي، لصالح الرأسمال المالي المتوحش وهذا الواقع لم يكن في المراكز الإمبريالية فقط بل امتد إلى الأطراف التي رأسمالياتها ناشئة وتابعة لتلك المراكز ومنها البلاد العربية.
مع بدء الأزمة العامة للرأسمالية وتحولها إلى أزمة بنيوية أصابت الاقتصاد الحقيقي الصناعي واشتداد الصراع الطبقي، أخذت النقابات تعيد ترتيب بيتها الداخلي، وتعيد النظر بعمق بعلاقتها مع الطبقة العاملة التي هي رأس الحربة في الصراع الضاري مع قوى النهب الكبرى، وكذلك تحالفاتها مع القوى المجتمعية المتضررة مصالحها وحقوقها، كما هو حال المتقاعدين وأصحاب الضمان الصحي وأساتذة الجامعات وغيرهم من القوى الأخرى التي تساهم إلى جانب الطبقة العاملة في الحراك الجاري، الذي يعكس الموقف الثوري للطبقة العاملة واستعدادها للدفاع عن مصالحها وحقوقها الاقتصادية، ليمتد الحراك ويتصاعد ويطور من مطالبة بما فيها المطالب السياسية. وهذا يعمق من مستوى التناقضات في المصالح بين الناهبين والمنهوبين ويعجل الانهيار السريع للرأسمالية، الذي يتطلب إلى جانب الظرف الموضوعي وتطوره أن يكون العامل الذاتي للقوى الثورية المنظمة والواعية لدورها ومهامها في هذه اللحظة التاريخية، جاهزاً من حيث التعبئة والتوجيه والقيادة.
جاء في مشروع برنامج حزب الإرادة الشعبية أن «الأزمة الرأسمالية العظمى التي تنبأ بها منذ أيامها الأولى ستغلق الأفق التاريخي نهائياً أمام الرأسمالية العالمية، وبالمقابل ستفتح الأفق التاريخي واسعاً أمام الحركة الثورية»