عمال النظافة ... حرمان وأجر هزيل

عمال النظافة ... حرمان وأجر هزيل

«القطاع الخاص حرامي ليس له أمان والقطاع العام أضمن رغم علله الكثيرة وهناته».  بلغة بسيطة قالها أحد عمال النظافة في القطاع الخاص مختصراً مرارة عمال هذا القطاع الخدمي. 

 

بفعل السياسيات الليبرالية التي طبقت في البلاد لم يبق شيء ولم يتعرض للخصخصة أو لمحاولات خصخصته وحتى الشوارع لم تسلم منهم، حيث افتتحت في سورية العديد من شركات النظافة العاملة ضمن عقود وتعهدات مع المحافظة، وتتعهد مناطق معينة بغية تنظيفها والإشراف على خدماتها وتنشر هذه الشركات فيها عمالها وآلياتها.

واقع العمال

 يعمل في هذه الشركات الكثير من العمال المفقرين، ضمن ظروف عمل سيئة جداً. حيث يكنس كل عامل من هؤلاء العمال الشوارع ولمساحات كبيرة في مختلف ظروف الطقس، بالإضافة إلى تفريغ حاويات القمامة الثابتة ونقلها إلى عرباتهم ويتم كل ذلك العمل بشكل مباشر دون وجود أية ملابس واقية أو أدوات صحية كالكمامات أو القفازات التي تقي هذا العامل من الاحتكاك بهذه المواد، والتي قد تحوي في الغالب على مواد سامة بفعل التخمر والتفسخ وتفاعل مواد غير متجانسة سواء أكانت عضوية أم كيميائية إضافة إلى المواد المنتهية الصلاحية والأواني المعدنية والحادة، مما يؤدي إلى ظهور عدة أمراض في صفوف هؤلاء العمال، مثل الحساسية الشديدة والجرب والربو وأمراض جلدية خطيرة وتسمم بالرصاص، وأمراض الكلى والعيون وأمراض أخرى أيضاً مجهولة، ومما يزيد الطين بلة أن هؤلاء محرومون من الضمان الصحي ومن تعويض طبيعة العمل ومن الوجبة الغذائية، وكون عملهم من الأعمال المصنفة بالخطرة يجب تسجيل هؤلاء العمال في الضمان الصحي، وأن تعمل هذه الشركات على إجراء فحوصات دورية وشاملة للعمال للكشف عن أمراض المهنة قبل حصولها، لأن هؤلاء العمال لا يستطيعون برواتبهم الهزيلة تأمين الأدوية ومصاريف العلاج إن حصل وأصابهم أي مرض.

شروط عمل سيئة 

ضمن هذه الظروف يعمل عمال النظافة في القطاع الخاص وكما ذكرنا أعلاه، فهم لا يحصلون على أي حق من حقوقهم التي يحصل عليها أقرانهم من العمال الموظفين في المحافظة، إنهم غير مسجلين أيضاً في التأمينات الاجتماعية وليس لديهم تأمين طبابة ولا يحصلون على حصتهم الغذائية التي من المفترض أن يأخذها كل من يعمل بهذه الأعمال التي تصنف بالخطرة وتعرض من يعمل بها للأمراض.

أجور عمال النظافة 

يعمل عمال النظافة في القطاع الخاص 8 ساعات في اليوم ويتقاضون راتباً شهري مقداره 12000 ل.س مع العلم أن رواتبهم كانت قبل الزيادة الأخيرة «تعويض على المعيشة 10000 «ل.س ويخصم كل شهر من رواتبهم 700 ل.س أجار وسيلة نقل تقلهم إلى أماكن عملهم وفي نهاية المطاف يحصل هذا العامل على 11300 ل.س كراتب ثابت لقاء جهده المبذول، أما زيادة 2000 ل.س التي حصلوا عليها فهي أقل من الزيادة التي جاءت لعمال القطاع العام كتعويض معيشي أوائل هذا العام والتي بلغت 4000 ل.س ما يجعله غبناً قاسياً يتعرض له أولئك العمال، وتمييزاً في الحقوق ما يوجب المساواة بين عمال القطاعين في الأجور والزيادات، «حيث يقوم أرباب العمل في القطاع الخاص بشفط الزيادات لأسباب لا نعلمها» بحسب تعبير أحد العاملين. 

إن هذا الراتب الهزيل لا يرقى إلى أن يصنف كحد أدنى للأجور ولا يستطيع أن يؤمن لهذا العامل الفقير حياة كريمة ومن المستحيل أيضاً أن يغطي هذا الراتب للعامل وأسرته متطلبات الحياة من غذاء ومسكن وملبس في ظل الأسعار المستعرة.

«كرامة الوطن من كرامة عماله»

 لولا هؤلاء العمال ودورهم في تنظيف مدننا وشوارعنا من القمامة لأصبحنا نعاني من تراكم القمامة في الشوارع، مثل بعض البلدان التي تعاني من هذه الأزمة والتي تمخضت عنها تحركات شعبية، ما يوجب صون كرامة وحقوق هؤلاء العمال ومتابعة أحوالهم من قبل نقابة عمال الدولة والبلديات، حتى تستطيع مساعدتهم ورفع الغبن عنهم فهم أمانة في أعناق النقابيين.