من يتحمل «ثورة جياع»؟
منذ أسبوعين، تحدث ممثل حزب الإدارة الشعبية في المركز الثقافي بطرطوس عن الوضع الاقتصادي والمعيشي الكارثي، وحذر من «ثورة جياع» ومما وصل إليه السوريون في محافظة هي «الأقل تأثراً» بتبعات الصراع العسكري.
تعيش طرطوس في الأزمة، لا بل هي في صلبها تماماً، كباقي السوريين الذين دخلوا العام الخامس من الأزمة السورية بين الأمل باقتراب الحل السياسي لهذه الكارثة التي أصابت الشعب السوري، وبين القلق من العنف المتزايد، والذي تغذيه جهات مختلفة لها مصالح ضيقة.
الوضع الاقتصادي والمعيشي للسوريين وصل إلى حافة الهاوية، ومن هنا، تتفاقم ظواهر خطيرة جداً تجتاح المجتمع السوري، من جرائم القتل وعصابات التشليح والسطو المسلح والسرقة التي فاقت الحدود.
في طرطوس مثلاً، أصبح هناك تفنن غريب عجيب بأنواع السرقات «المدروسة» حتى أصبحت في الشارع، علناً وفي عز النهار، ما يدفعنا للسؤال: لماذا وصلنا إلى هذا الحضيض؟ فيأتيك الجواب من الغالبية الساحقة، إنه الفساد المنتشر كالوباء في الكثير من دوائر الدولة، مثل مخافر الشرطة والمحكمة وغيرها من الجهات الحكومية المسؤولة عن أمن الوطن والمواطن، وكذلك النموذج الاقتصادي الرأسمالي الليبرالي الذي يغتنى فيه 10% من الطفيلين على حساب 90% من الشعب السوري.
وما زالت المصادر الحكومية وبعض الإعلاميين يتناولون مسألة الأزمة المعيشية الخانقة بالهروب، وإلقاء اللوم على الأزمة (بمعناها العسكري). لكن التساؤل المشروع هو: كيف يجمع بعض «السوريين» الثروات الطائلة خلال فترة قصيرة؟ ومن أين هذه الأموال التي تستطيع أن تقضي على الفقر في المجتمع السوري؟
إنهم حيتان المال والفساد الذين كانوا، وما زالوا، المسبب الرئيسي للأزمة السورية ومأساة السوريين. ولهذا، فإن ظلت الأمور تسير على هذا المنوال، فقد لا يبدو غريباً أن تنفجر «ثورة الجياع» بكل ما تحمله من مخاطر وكوارث.