الحسكة من زيادة لأعداد العاطلين عن العمل إلى نقص في اليد العاملة!!
أكدت الإحصائيات الصادرة خلال سنوات الأزمة، أن نسبة البطالة في سورية وصلت لنسبٍ مخيفة جداً وصلت لحد الاستشراء مع الانتقال للدول المجاورة بسبب الهجرة والأوضاع الأمنيّة الصعبة التي تعيشها البلاد.
إن الأزمة التي أدّت إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي السوري إلى ما يقارب 40%، وإلى تقلّص في سوق العمل بنحو 60%، وهي تتقلص يومياً بسبب نزوح عدد كبير من الأيدي العاملة، كان أثرها مضاعفاً على أبناء محافظة الحسكة، وإن كان متوقعاً أن يبلغ معدل البطالة في سورية مستوى الخطر عند 60% إذا استمرت الأزمة حتى 2015، فإن نسب البطالة وصلت في المحافظة إلى ما يقارب 90%، الأمر الذي دفع بالجيل الشاب إلى الهجرة والنزوح ليس فقط إلى الدول المجاورة، وإنما إلى مختلف الدول الأوروبيّة، حتى أضحت المحافظة فارغة من اليد العاملة بعد أن كانت مشهورة بأعداد العاطلين عن العمل، إذ نخّرت البطالة أغلب الفئات الاجتماعية والعمرية والمستويات التعليمية وخاصة حاملي الشهادات العليا، وأصبح نصف سكان المحافظة بعيدين عن مقومات الحياة الكريمة.
تدابير مرتجلة
إن واقع التشغيل وتأمين فرص العمل اليوم كما الأمس القريب هو نتاج لتدابير مرتجلة عالجت البطالة بصفة سطحية وظرفية.
كان من أهم نتائجها إهدار الموارد البشريّة ورأس المال الاجتماعي والبشري، فالمحافظة التي هي الآن مقدمة على حصاد الموسم الزراعيّ وخاصة المادة الاستراتيجية الأهم الحبوب كأساس لأمننا الغذائيّ، باتت خاليّة من الأيدي العاملة والسواعد السمر التي كنّا نأكل من خيراتها!!. لقد عانت المحافظة طيلة الخطط الخمسيّة حسب مؤشّرات سوق العمل من قصور التنمية المعتمد على مدار السنوات الماضية، حيث لم تكن قادرة على استيعاب الداخلين الجدد لسوق العمل، وتقليص مخزون البطالة، وإن وضعنا بعين الاعتبار أن ارتفاع نسبة البطالة من أكثر الأزمات الهيكلية في انهيار الاقتصاد، فإن محافظة الحسكة جزء من الحالة السوريّة العامة التي تعاني من الويلات جراء الوضع الاقتصاديّ الاجتماعيّ الصعب لمعظم الشعب السوريّ، فبعد أربعة أعوام من الأزمة شهد الاقتصاد السوري ارتفاعًا غير مسبوق في معدلات البطالة ارتبطت بشكل كبير بالتضخم الحاد الذي يعيشه، مما أدخله في حالة لا يحسد عليها، والتي على ما يبدو أنها لن تتوقف مع انتهاء الأزمة، لما يتبعها من نتائج كارثية على الاقتصاد والمجتمع في المستقبل وحالة محافظة الحسكة خير دليلٍ على ذلك.
تسريح كيديّ
أشارت تقارير صادرة عن مؤسسة التأمينات الاجتماعية إلى ارتفاع عدد العمال المسرحين من القطاع الخاص من 70 ألف عامل خلال العام 2012، إلى ما يقارب من 130 ألف عامل حتى منتصف العام 2013. مع توقع مضاعفة هذا الرقم 2014، وقد تم تسريح هؤلاء العمال دون حصولهم على تعويض مناسب، لأن القانون الرقم 17 للعام 2010 الناظم لعلاقات العمل في القطاع الخاص «الذي هو الآن قيد التعديل»، قد أجاز لرب العمل فصل العمال بشكل تعسفيّ وكيديّ ودون أسباب. الغريب في الأمر أن الحكومة تدرك مدى تأثير ارتفاع نسبة البطالة في تسريع انهيار الاقتصاد السوري، فتقوم بإيهام العاطلين عن العمل أنها تبذل جهدها في توفير فرص جديدة لهم، وذلك عبر طرحها لمشاريع عدَّة بهدف توفير فرص عمل، ولكن سرعان ما تبين زيف هذه المشاريع عبر سياساتها الاقتصادية الجديدة المتمثلة في تخلي الدولة بشكل أو بآخر عن دورها الاقتصاديّ والاجتماعيّ.
لذلك يبقى السؤال: هل بإمكان الحكومة حل معضلات العمل قبل أن نبقى وطن بلا شباب؟.