فوق الموتة عصة قبر .. مهجري القنيطرة تهجير وشطب من قوائم المعونات

فوق الموتة عصة قبر .. مهجري القنيطرة تهجير وشطب من قوائم المعونات

 

فوجئ عدد من أبناء قريتي «طرنجة» و«جباتا الخشب» و«أوفانيا» بشطب أسمائهم من قوائم توزيع المعونات التي يقدمها برنامج الغذاء العالمي عبر شركائه في سورية منظمتي الهلال الأحمر والصليب الأحمر.

العائلات التي شطبت أسمائها من قوائم تسليم المعونات جميعها هي عائلات هجرت من منازلها بسبب الأوضاع الأمنية. وتقيم في مناطق تحت سيطرة الجيش العربي السوري مثل مدينة خان أرنبة ومدينة البعث وغيرها من المدن الثانية التي استقبلت المهجرين


هل يحملون وزر المسلحين؟!

خالد.ع. موظف في إحدى الدوائر الحكومية يقول: أنا أعمل كموظف، كنت أسكن في قرية من قرى القطاع الشمالي من ريف القنيطرة، وعندما ساءت الأوضاع الأمنية في المنطقة انتقلت للعيش مع عائلتي في مدينة البعث، على أمل أن تكون عودتنا إلى منازلنا قريبة، ولكننا هذا الصيف ندخل عامنا الثالث ونحن خارج قرانا. فقدنا أراضينا ومنازلنا وكل مدخراتنا ولم يتبق لنا سوى الراتب وهذه المعونة، التي تفاجئت هذا الشهر بشطب اسمي من القوائم وعندما استفسرنا عن الموضوع قال لنا المسؤول لا دخل لنا بعملية الشطب. ولكن أحد القائمين على عملية التوزيع  أخبرنا بأن هناك توجيهات صدرت بأن تشطب أسماء من لهم أهالي أو أقارب في القرى التي ما زالت تحت سيطرة المسلحين، يضيف خالد أنا خرجت من أجل أبنائي ومن أجل وظيفتي وأيضا لأني غير مقتنع بالعمل الذي يقوم به المسلحون، ولا أملك أي سلطة على أحدهم، نعم لدي أخ فضل البقاء في القرية. فهل أعاقب أنا بدلاً عنه، ويتم التضييق علينا بهذه الطرق ؟! 
بعد انتظار دام أكثر من الساعة على دور الانتظار عاد ماجد إلى منزله دون الحصول على معونته هذا الشهر.
 يقول ماجد: خرجت مع زوجتي وأبنائي من القرية منذ الأيام الأولى للأحداث في القنيطرة. و لم أعد إلى قريتي إلا مرة واحدة  كانت منذ سنة عندما كنا نحاول أن نعقد اتفاقية مصالحة. ومنذ ذلك اليوم لم اعد إلى قريتي. ويتابع ماجد: لدي شقيقان بقيا في القرية وأنا لا أملك أي سلطة عليهم ولم يستجيبا لطلبي بالخروج من القرية والقيام بتسوية وضعهم. واليوم يخبرني أحد الأشخاص المشرفين على عملية التوزيع أنه تم شطب اسم عائلتي من قائمة التوزيع بسبب بقاء إخوتي في القرية. يضيف ماجد أنا أعمل خياطاً والعمل بات قليل جدا ولدي أربعة أطفال ويتوجب علي دفع إيجار منزل ومصاريف أخرى للأولاد وكانت المعونة تسد جزء بسيط من احتياجاتنا.


أينبغي أن نحمل السلاح؟!

أم برجس شطب اسمها من قائمة توزيع المعونات. تقول: رفض زوجي الخروج من القرية رغم الأحداث الأمنية التي وقعت فهو غير موظف ولا يملك سوى قطعة أرض صغيرة وعدد من المواشي. وخشي زوجي في حال خرجنا أن تحرق الأرض وتسرق المواشي. كنا فيما مضى نخرج ونعود للقرية إلى أن اشتد الحصار علينا ولم نعد نتمكن من إدخال سوى كمية قليلة من المواد الغذائية وفي فصل الشتاء يقل عمل زوجي والأولاد بحاجة إلى مصروف وكونه لم يحمل السلاح فهو لا يحصل على مرتب من المجموعات المسلحة مثل البعض. فكنا نعتمد على المعونة التي كنا نستلمها من الهلال الأحمر وكنا ندخلها على دفعات. ولكن هذا الشهر تفاجأت بشطب اسم عائلتي من القوائم ونحن حاليا بأمس الحاجة للمعونة. وتتابع لا أدري ما الذي كان يتوجب علينا القيام به؟؟ هل كان يجب على زوجي أن يحمل السلاح كي نحصل على طعام ؟؟ المسلحون يضيقون علينا كي ينتسب زوجي إليهم. وهنا يمنعوننا من حقنا؟! 
ينشط في ريف القنيطرة عدد من المجموعات المسلحة التي قامت بتهجير المواطنين من منازلهم. حيث مضى أكثر من عامين على خروج مئات العائلات من قرى طرنجة وجباتا الخشب وأوفانيا وبريقة وبئرعجم من قراهم. وتوزعت هذه العائلات على تجمعات المهجرين أبرزها مدينة خان أرنبة ومدينة البعث على أرض محافظة القنيطرة. لتأت بعدها بلدة جديدة عرطوز الفضل التي تحتضن أكبر عدد من المهجرين من محافظة القنيطرة ومن ثم بلدة جرمانا وبلدة عرطوز. 
ويتلقى أبناء محافظة القنيطرة المعونة التي يقدمها برنامج الغذائي العالمي والتي تحوي على مواد غذائية وأحيانا مواد للتنظيف. 
يقول أحد المسؤولين عن عملية توزيع المعونات في محافظة القنيطرة فضل عدم ذكر اسمه: لدينا تعليمات بشطب أسماء من لديهم أقارب من صفة أب أو أخ ما زالوا في القرى التي تقع تحت سيطرة المسلحين.
يصل عدد العائلات التي شطبت أسماءها من قوائم التوزيع  في مركز خان أرنبة إلى ما يقارب الخمسين عائلة بمعدل ستة أشخاص لكل عائلة.


مفارقة مرة

ما يجري مع هؤلاء المواطنين السوريين درج خلال سنوات تحت ما يمكن تسميته بالعقاب الجماعي لأبناء بعض المناطق، حيث أن مجرد الإنتماء إلى إحدى المناطق الساخنة بمعنى محل الولادة وقيد النفوس يعتبر شبهة، وليست قليلة تلك الحالات التي تعرض لها المواطنون إلى الإهانة والاتهام المباشر من قبل بعض الحواجز. حتى وإن كان هذا المواطن قد نزح لأنه كان مستهدفاً من قبل الجماعات المسلحة في منطقته، وإن هذه الممارسات تدفع المواطن دفعاً للبقاء تحت سطوة الجماعات المسلحة وأرهابهم وابتزازهم ويخلق مزيداً من الاحتقان والقلق