السلة الغذائية نموذجاً: قرارات متأخرة.. وتنفيذ مترهل

السلة الغذائية نموذجاً: قرارات متأخرة.. وتنفيذ مترهل

أقرت الحكومة إذاً زيادة المواد الغذائية المدعومة التي تقدم للأسر السورية، وبناء على ذلك شكلت لجنة لإعادة هيكلة الدعم التي توجهت بدورها بكتب إلى كافة الوزارات لموافاتها بمقترحاتهم حول مضمون وكميات السلة الاستهلاكية المقترحة، لكن نتيجة الأوضاع السيئة تقرر اختيار مواد مستعجلة لتوزيعها بشكل مدعوم للمواطنين هي (البرغل والشاي والسمن والزيت النباتي)، على أن تستكمل محتويات السلة لدى وصول الإجابات من الوزارات..

بالشكل العام الحكومة قامت بخطوة إيجابية تسجل لصالحها، لكن الإشكالية تكمن في آلية اختيار هذه المواد لتكون مدعومة كخطوة أولى، دون الوقوف على مدى توفر هذه المواد بكميات مناسبة، ضمن الاحتياطي الاستراتيجي ومخازين المؤسسات المعنية بذلك التابعة لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك كونها المسؤول عن توزيع هذه المواد.. 

خطوة الحكومة المتسرعة هذه،  زجت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في متاهة جديدة تضعها في مواجهة المواطن مباشرة لتحميلها اللوم مجدداً واتهامها بالتقصير في أداء واجبها ضمن حملة جياشة شهدتها الوزارة للنيل من مصداقية عملها في الفترة السابقة، دون مراعاة الوضع الاقتصاد المتردي قسراً نتيجة حصار خانق قطع سبل الاستيراد والإنتاج أيضاً، من جهة ونتيجة القوانين التي أطلقت اليد للسوق وقيدت حركة مؤسسات الدولة في عملية الاستيراد والتوزيع..

الجدير ذكره، هو مطالبات وزارة التجارة الداخلية سابقاً ومنذ فترة مبكرة من الأزمة الاقتصادية، بتشكيل واعتماد سلة غذائية استهلاكية للمواطنين توزع عليهم بسعر مدعوم، دون أن تلقى هذه المطالبات أذاناً صاغية، لتقوم الحكومة بين ليلة وضحاها بحصر وزارة التجارة الداخلية بخانة اليك.

 

الكميات.. بلا منهج 

ومن جهة ثانية، عند النظر إلى الكميات المدعومة التي أقرتها الحكومة مقارنة باستهلاك الفرد فإن بعضها قد تم تقليصه وبعضها الآخر قدر بكميات أكبر تجعل تنفيذ القرار أكثر صعوبة.. خاصة فيما يتعلق بمادة البرغل التي تقررت كميتها بـ1 كغ لكل فرد شهرياً، يلاحظ  وجود فجوة كبيرة بينها وبين ما قدمته دراسات للمكتب المركزي، والتي أفادت بأن استهلاك الفرد السوري من البرغل شهرياً لا يتجاوز 450 غ شهرياً، وهذا بدوره يؤدي إلى ارباك قد يصيب وزارة التجارة الداخلية في تأمين كميات كبيرة خلال فترة قصيرة، وأن يؤدي بدوره إلى فتح باب فساد جديد، فالحاجة الماسة لتأمين كميات كبيرة بفترة قصيرة من هذه المواد لا تحتمل انتظار العمل وفق مبدأ المناقصة والعروض وغيرها، ليتم اللجوء إلى العمل بعقود التراضي التي غالباً ما تكون أسعارها مرتفعة تؤدي بشكل تلقائي إلى تحمّل الحكومة لعبئ إضافي بسبب الفرق بين سعر تأمين المواد عبر استيرادها وبين بيعها بالسعر المدعوم وإرهاق الخزينة العامة في حال إقرار سلة غذائية كاملة لاحقاً ينتج عنها كارثة على مستوى الدولة مع اتباع نفس النمط من العمل.. بينما لا تضم السلة الكمية الكافية من الزيت والسمن والتي لا تتجاوز 2 كغ لكل أسرة.

 

السلة المرتقبة

وبحسب ما أقرته الحكومة مؤخراً لجزء السلة الغذائية المقترحة، فقد تم تخصيص لكل فرد كيلو برغل شهرياً بسعر 60 ل.س، وـ100 غ من الشاي بسعر 60 ل.س، كما تم تخصيص كل عائلة بـ2 كغ سمن نباتي بسعر 750 ل.س، و2 ليتر زيت نباتي بسعر 600 ل.س شهرياً.