معاناة مادية وقصور بالتحضيرات... مدارس خارج الخدمة ووزارة التربية تحدد 15 أيلول..
اقترب العام الدراسي، وكما العام السابق، طفت على السطح قضايا عدة، انطلاقاً من عدد المدارس القادرة على استيعاب الطلاب وخاصة مع تزايد عدد الوافدين إلى دمشق مقارنة مع العام الماضي، إلى قضية الدوام الجزئي، وبُعد المدارس عن أماكن سكن البعض، وتعطل مدارس إثر تعرضها للاعتداء أو لاحتوائها الأسر النازحة، وصولاً إلى ارتفاع أسعار المستلزمات الدراسية.
وزارة التربية السورية، وبحسب تصريحاتها، اتخذت عدة وسائل كي تحد من المشاكل التي يمكن أن تتعرض لها العملية الدراسية مع بداية العام الدراسي الحالي، في حين مازال أهالي الطلاب يترقبون الظروف التي ستحيط بأطفالهم وفترة دوامهم، وكيف ستكون الحال داخل الصفوف من أعداد كبيرة قد تؤثر على تحصيلهم العلمي، وعدة مخاوف أخرى.
مطالب بتأجيل العام الدراسي
وبحسب الشكاوى التي وردت إلى صحيفة «قاسيون» فإنه هناك «مخاوف من الدوام الجزئي المسائي وخاصة فصل الشتاء مع اقتراب حلول الظلام في ظل الظروف الأمنية الصعبة، وخاصة على الطلاب الذين تبعد مدارسهم عن أماكن سكنهم، ومنهم طلاب الشهادات الأحرار».
لم يكتف البعض بالإعراب عن مخاوفهم فقط، بل ناشدوا وزارة التربية بتأجيل العام الدراسي الحالي حتى تستتب الأمور الأمنية، ومنهم من ذهب إلى الحد المطالبة بإلغائه.
مخاوف من تقطع أوصال العام
وقال «س.ش»، طالب في مدرسة المحاسبة بمنطقة البرامكة «عمر شخاشيرو»، إن «المدرسة تعرضت العام الماضي لقذائف هاون أكثر من مرة، ما دفعني إلى قطع العام الدراسي من منتصفه، ولا أعلم إن كنت قادراً فعلاً على الاستمرار بالدوام هذا العام، عدا عن كون مدرستي بعيدة عن مكان سكني وليست هناك مدرسة بديلة في المنطقة».
وبحسب الشكاوى أيضاً، فإن «مدرسة عبد القادر الخرسا في باب شرقي، موقعها غير آمن وعانى طلابها العام الماضي من الالتزام بالدوام، حيث لم يتجاوز عدد التلاميذ في الصف الواحد حينها 17 تلميذاً»، ودعا المشتكون وزارة التربية إلى «ايجاد بيئة مدرسية سليمة وآمنة».
وكانت هناك مخاوف من توقف بعض المدارس وعدم القدرة على إعادة افتتاحها من جديد، حيث اشتكى البعض في محافظة درعا من وجود مدارس مغلقة، مثل «مدرسة الفالوجي» الثانوية، وأنهم لا يعلمون كيف سيكون الحل في حال عدم افتتاحها من جديد، في حين ذهبت مخاوف البعض في محافظة حلب بأن لا تتم العملية التدريسية بعد أن أصيبت «بالشلل» العام الماضي بحسب الشكاوى.
1000 مدرسة حُولت إلى مراكز إيواء
وعدا عن هذه الأمور، أشعل بدء العام الدراسي الحالي، مخاوف العام الماضي ذاتها حول مصير الأسر النازحة التي تم إيواؤها في بعض المدارس، ومصير طلاب هذه المدارس بعد تخصيص بعضها كمراكز إيواء دائمة.
وعلى هذا، أكد وزير التربية هزوان الوز أن «المدارس ستفتح أبوابها في موعدها 15 الشهر الجاري»، نافياً ما يشاع حول تأجيل موعد افتتاحها، لافتاً في لقاء مع التلفزيون السوري إلى أن «هناك 18 ألف مدرسة جاهزة تماماً لاستقبال الطلاب فيما خرجت نحو 3600 مدرسة من الخدمة، وأنه تم ترميم 600 مدرسة منها إضافة إلى أن نحو 1000 أخرى خرجت من الخدمة لأنها مراكز إيواء للمهجرين».
وحول اضطرار البعض للنقل بين المدارس نتيجة نزوحهم أو أية أمور طارئة، أوضح الوز أنه «أوعز لكافة مديريات التربية بقبول الطلاب الذين يرغبون التسجيل في مرحلة التعليم الثانوي (العام أو المهني) ولم يكن لديهم أي ثبوتيات من خلال إجراء امتحان لهم خلال الشهر الأول من بداية العام الدراسي 2013 - 2014 واعتماد نتيجته محصلة لهم وقبولهم من خلالها وذلك حسب تعليمات القيد والقبول لعام حصولهم على الشهادة».
وتابع الوزير إن «طلاب المرحلة الثانوية وبخاصة طلاب الصفين الحادي عشر والثاني عشر مطلوب منهم تقديم وثيقة التعليم الأساسي من المحافظة التي حصلوا عليها منها كي يتم قبولهم إما في التعليم العام أو المهني، أما بالنسبة لطلاب الصف العاشر الذين نجحوا في دورة امتحانات هذا العام فيفترض أن تكون وثائق النجاح بحوزتهم، وإن لم تتوفر فيمكنهم الحصول عليها من دائرة الامتحانات».
التسجيل دون وثائق
الوز أكد بأن «التعليمات التي صدرت لمديري التربية في المحافظات تتضمن إجراء امتحانات للطلاب الراغبين في التسجيل بصفوف المرحلة الثانوية بعيداً عن أي وثائق غير وثيقة التعليم الأساسي التي يتطلب تقديمها عند تقديمهم لامتحان الصف الذين كانوا فيه والانتقال إلى الصفوف الأعلى إن كانت تعليماً عاماً أو مهنياً».
وفي هذا السياق نشرت مديرية التربية اعلانات طرقية لتشجيع الطلاب والأسر على الالتزام بالمدارس والعملية التعليمية، وجاء في بعضها أنه يتوجب على الأسرة التي ترغب بتسجيل أطفالها بالمدارس، التوجه إلى أقرب مدرسة حتى لو فقدت الوثائق اللازمة.
وبخصوص الدوام النصفي، أكد مدير تربية دمشق محمد مارديني، أن «المديرية قامت بتطبيق الدوام النصفي في عدد من المناطق الآمنة في المدينة، حيث تم تحويل 120 مدرسة إلى الدوام النصفي، وذلك لاستيعاب أكبر عدد ممكن من الطلاب، وأنه تم افتتاح مدرسة ثانية للمتفوقين في منطقة المزة».
وعن محافظة درعا، أكد معاون مدير التربية لشؤون التعليم الثانوي في المحافظة ابراهيم التمر، أن «المديرية أنهت استعداداتها لبدء العام الدراسي الجديد رغم تضرر عشرات المدارس وتعرضها للتخريب وعمليات السطو والسرقة، وأن المديرية تعمل بشكل دوري على إعادة تأهيل المدارس وتوزيع الثانويات ضمن المدينة حسب الاحتياج العام».
100ألف ليرة لتجهيز 4 طلاب من أسرة واحدة!
ولم تكن هذه المشاكل الوحيدة التي واجهت الأسرة السورية مع اقتراب بدء العام الدراسي، وأغلب الشكاوى كانت حول ارتفاع أسعار المستلزمات المدرسية في مقدمتها اللباس الموحد، ومن ثم القرطاسية والحقائب، وبحسب الشكاوى فإنه «من الضروري عدم التشديد على اللباس المدرسي هذا العام، وكان من المفترض أن تصدر تصريحات مبكرة بهذا الخصوص قبل أن تثقل الأسر كاهلها بهذه الملابس التي وصل البدلة الواحدة منها إلى 11 ألف ليرة».
وطالب البعض «بإصدار تعليمات صارمة لمديري المدارس بخصوص عدم التشديد على اللباس المدرسي، فهناك أسر غير قادرة على دفع هذه المبالغ الضخمة نهائياً» مشيرين إلى أن «مديري بعض المدارس لم يتقيّدوا العام الماضي بتوجيهات عدم التشديد، وقاموا بمعاقبة الطلاب غير الملتزمين».
وكشف تقرير صحفي مؤخراً نشر في إحدى الصحف المحلية، أن كلفة تجهيز طالب مدرسي واحد تبلغ 25 ألف ليرة سورية للطالب الواحد في المراحل الثانوية ونحو 20 ألفاً للمراحل الأدنى، ما يعني أن التكلفة تصل في أسرة تتضمن 4 طلاب إلى نحو 100 ألف ليرة.
وكانت أسعار القرطاسية في الأسواق: القلم الناشف الذي كان سعره 10 ليرات أصبح بـ50 ليرة، والدفتر العادي وصل سعره إلى 200 ليرة، ودفتر 100 سلك بـ 350 ليرة، ودفتر 200 سلك بـ 600 ليرة، وبالنسبة للباس المدرسي، فقد تراوح سعر المريول للمراحل الدراسية الأولى ما بين (800 ـــ 1500 ليرة)، والبدلات ما بين 5 آلاف و11 ألفاً وللمراحل الثانوية وصل سعرها إلى 12 ألفاً.
وعود بتوزيع مليون حقيبة مدرسية مع القرطاسية
وبهذا الخصوص لفت مدير تربية دمشق إلى أن «المساعدات الواردة إلى وزارة التربية من منظمة اليونيسيف، تضمنت مليون حقيبة مدرسية مع القرطاسية، وكانت حصة دمشق منها 75 ألف حقيبة».
ومن جهته لفت وزير التربية إلى أن «الوزارة وبالتعاون مع منظمة اليونيسيف وبعض منظمات المجتمع المحلي أطلقت مشروعاً بعنوان (من حقي أن أتعلم) لتلبية حاجة المناطق الأكثر تضرراً واحتياجاً وستوزع فيه مليون حقيبة مدرسية على جميع المحافظات دون استثناء وفق جداول معدة مسبقاً في كل محافظة».
40% من الطلاب حتى 15 عاماً توقفوا عن الدراسة
أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف» مؤخراً، أن نحو40% من التلاميذ بين 6 و15 عاماً في سورية توقفوا عن ارتياد المدرسة، إلا أن المؤسسات التعليمية في دمشق لا تزال تعمل بمعظمها، وان كان عدد كبير منها تم تحويله إلى مراكز إيواء للنازحين.
وبحسب اليونيسيف، فإن أكثر من ثلاثة آلاف مدرسة، دمرت أو تضررت في سورية منذ بداية الأزمة عام 2011، ونحو 900 مدرسة تقطنها عائلات نازحة.