مظاهرات أرمينيا والتعتيم الغربي
صرح رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان بأن علاقات أرمينيا مع روسيا تمر بأوقات عصيبة، وألمح إلى «مسؤولية موسكو» عن ذلك، لكنه أكد في الوقت نفسه أهمية هذه العلاقات لبلاده.
في العاشر من نيسان صرح رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان في اجتماع للحكومة: «العلاقات بين أرمينيا وروسيا تمر بأوقات عصيبة، لكن لا يجوز التقليل من أهميتها بالنسبة لكيان أرمينيا وسيادتها وأمنها».
وفي وقت سابق اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قيادة أرمينيا بأنها تسعى تحت ذرائع واهية إلى تدمير العلاقات مع روسيا.
وفي تعليق على الاجتماع الثلاثي بين أرمينيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الذي عقد في بروكسل نيسان الماضي -وحصلت يريفان فيه على وعد بتخصيص 270 مليون يورو كمساعدة تنموية على مدى السنوات الأربع المقبلة- قالت الخارجية الروسية إنّ ذلك يمثل محاولة جديد من قبل «الغرب الجماعي» لجر جنوب القوقاز إلى مواجهة جيوسياسية، من خلال تحويل أرمينيا إلى أداة لتحقيق خططه في المنطقة.
ودعت الخارجية الروسية أرمينيا إلى منع الغرب من خداعها وتوجيه البلاد على المسار الخاطئ المحفوف بظهور فراغ أمني ومشاكل خطيرة في اقتصاد البلاد، مشيرة إلى أنه «لا يمكن مقارنة أحجام المنح المعلَن عنها في بروكسل بمليارات الدولارات والتي تستمر أرمينيا في كسبها من التعاون مع موسكو وداخل الاتحاد الاقتصادي الأوراسي ورابطة الدول المستقلة».
وأكدت موسكو أنها على علم بأن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يسعيان إلى انسحاب أرمينيا من منظمة معاهدة الأمن الجماعي والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، فضلاً عن إخراج القاعدة العسكرية الروسية وحرس الحدود الروسي من أرمينيا.
أشارت متحدثة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا في الخامس عشر من أيار إلى أن وسائل الإعلام الغربية تروّج لمظاهرات جورجيا، لكنها تعتّم على احتجاجات الآلاف في أرمينيا، وتتغاضى عن الاعتقالات الجماعية هناك.
جاء ذلك في حديث زاخاروفا لوسائل الإعلام، حيث تابعت: «نحن نرى أن وسائل الإعلام الأمريكية والأوروبية، كما لو كانت بالأوامر المباشرة، تروّج للمظاهرات في جورجيا بكل الطرق الممكنة... في الوقت نفسه، وبالنسبة لتصرفات عدة آلاف في أرمينيا، يبدو أن التيار الغربي يحجبها حرفياً. ويبدو أنهم يتظاهرون بأنَّ لا شيء يحدث هناك، أو يتم تقديمهم في وسائل الإعلام الغربية بأنهم لا يعكسون إرادة الشعب الأرمني، ويُزعَم أنهم مدبّرون من الخارج».
وأشارت زاخاروفا إلى «صمت القبور» للغرب وسط الاعتقالات الجماعية للمتظاهرين في أرمينيا، الذين تُستخدَم ضدهم القوة الغاشمة، في الوقت الذي «تُهاجَمُ فيه السلطاتُ الجورجية حرفياً كل يوم بسبب معاملاتها القاسية للمتظاهرين» على حدّ تعبير وسائل الإعلام الغربية.
وقد أعلنت المعارضة الأرمنية العصيان المدني في البلاد اعتباراً من السابع والعشرين من أيّار الماضي بدعوةٍ من الأسقف باغرات غالستانيان، مطالبةً برحيل رئيس الحكومة نيكول باشينيان.
وأغلقَ المعتصمون الطريقَ السريع المؤدّي إلى إيران قربَ مدينة أشتاراك، وعدداً من الشوارع في العاصمة يريفان.
وتأتي هذه الحملة بعد أيام من تسليم أرمينيا 4 قرى حدودية إلى أذربيجان سيطرت عليها يريفان قبل عقود، في خطوة جديدة نحو التطبيع بين البلدين، واحتجاجاً على سياسة باشينيان التي تهدّد بتدهور العلاقات مع روسيا.
في الوقت الذي تحاول فيه روسيا زيادة أواصر التعاون بين دول الاتحاد الاقتصادي الأوراسي الذي يضمُّ كلّاً من روسيا وأرمينيا وبيلاروس وكازاخستان وقرغيزستان، ويقدّر سوق الاتحاد بنحو 190 مليون مستهلك حيث اعتمد مجلس النواب الروسي «الدوما» قانوناً للمصادقة على اتفاقية التجارة الحرّة المبرمة بين إيران والاتحاد الاقتصادي الأوراسي.
تحاول قوى الغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة عزل روسيا عن محيطها بإبعاد أرمينيا تحديداً عن دول الجوار وضمان سوء علاقاتها مع الجوار.
وعادت المَسيرات الاحتجاجية للتجدّد في الثلاثين من الشهر الماضي ضمن حملة العصيان المدني التي أعلنتها المعارضة الأرمنية بدعوة من المطران باغرات غالستانيان، رئيس أبرشية تافوش للكنيسة الرسولية الأرمنية وزعيم حركة «تافوش من أجل الوطن». الذي يقترح المشاركون في الحركة الاحتجاجية ترشيحه لمنصب رئيس حكومة أرمينيا.
ودخل المتظاهرون بالسيارات ساحة الجمهورية في وَسط المدينة قرب مقرّ الحكومة واعتصموا في الساحة، كما نظموا فعاليات احتجاجية في عدد من شوارع المدينة.
وحشدت الشرطة قوة كبيرة في منطقة ساحة الجمهورية وطوّقت الموقع وحاولت إزاحة المحتجّين إلى خارج الطريق.
وأعلنت الداخلية الأرمنية توقيف 9 مشاركين في احتجاجات العصيان في يريفان، بينهم اثنان في ساحة الجمهورية، مضيفة أن بعض المتظاهرين اعتدوا بالضرب على ضباط الشرطة.
وتشهد يريفان منذ 9 أيار احتجاجات تطالب باستقالة باشينيان وإنهاء عملية ترسيم الحدود مع أذربيجان في منطقة تافوش.
اعتقلت الشرطة الأرمينية في الحادي والثلاثين من أيار، 29 متظاهراً في إطار سلسلة الاحتجاجات تلك. وطالب المشاركون في الاحتجاج بعقد اجتماع مع ممثلي الوزارة.
ثم جمع زعيم حركة المعارضة أنصاره في كنيسة القديسة آن وسط يريفان في الثاني من حزيران لتلخيص نتائج الأسبوع الماضي وتقديم خطط مستقبلية.
حيث تطالب حركة «تافوش من أجل الوطن الأم» باستقالة رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، متهمةً إياه بتسليم الأراضي لأذربيجان من جانب واحد.