قمة العشرين خطوة على طريق كسر هيمنة الغرب
رغم الغياب الشكلي لأعلى تمثيل صيني وروسي متمثلاً في غياب شي جين بينغ وفلاديمير بوتين رئيسي البلدين، حيث جرى تمثيل البلدين على مستوى أقل، إلا أن الحضور الصيني الروسي كان العنوان الأبرز في اجتماع قمة العشرين.
ورغم أن منطق الأحداث – على حد تعبير بعض المحللين- يحول مجموعة العشرين إلى صيغة مناهضة لمجموعة "بريكس" والعكس بالعكس إلا أن وقائع قمة نيودلهي أثبتت أن هذا المنطق قد يثبت أن مجموعة "بريكس" أصبحت قوة مؤثرة داخل مجموعة العشرين وأصبح بإمكانها تغيير مسارات قرارات المجموعة عبر وزنها المتزايد وخاصة مع انضمام الاتحاد الأفريقي.
وكان الاتحاد الأفريقي الذي يضم 55 دولة قد انضم إلى مجموعة العشرين بدعوة من رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، حيث انضم رئيس الاتحاد الإفريقي الحالي رئيس جزر القمر غزالي عثماني، للجلوس إلى جانب قادة دول مجموعة العشرين.
وكانت قمة مجموعة العشرين قد عقدت في نيودلهي في الفترة من 9 إلى 10 أيلول، وبالإضافة إلى أعضاء المجموعة تلقت تسع دول أخرى هي بنغلاديش ومصر وإسبانيا وموريشيوس ونيجيريا وهولندا والإمارات وسلطنة عمان وسنغافورة، دعوة لحضورها.
ومثل روسيا في هذه القمة وزير خارجيتها سيرغي لافروف الذي وصف القمة في ختامها، بأنها كانت ناجحة، وأضاف أن مجموعة العشرين تعيش الآن إصلاحاً داخلياً.
"إن القمة G20 تمثل نجاحاً دون أي شك، أولاً وقبل كل شيء للرئاسة الهندية، ولكن أيضاً لنا جميعاً". وتابع أن "مجموعة العشرين تشهد نوعاً من الإصلاح الداخلي، يتجلى بالدرجة الأولى في الزيادة الملموسة في نشاط أعضاء مجموعة العشرين من الجنوب العالمي الذين عملوا بوضوح وإصرار، مع الدور القيادي للهند، على أخذ مصالحهم بعين الاعتبار في الاتفاقيات التي بحثتها مجموعة العشرين، ونجحت في تضمينها بإعلان القمة".
موضحاً: كانت قمة مجموعة العشرين في نيودلهي بمثابة نقطة تحول فيما يتعلق بالتوجهات لضمان توازن المصالح في الاقتصاد العالمي، وستعطي القمة زخما جديا لإصلاح صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية، فيما لن يتمكن الغرب من مواصلة خط الهيمنة وبقاء قوة مهيمنة مع ظهور مراكز جديدة للتنمية العالمية. إن الموقف الموحد للجنوب العالمي في الدفاع عن مصالحه المشروعة، أسهم إلى حد بعيد في إفشال محاولة الغرب لـ"أوكرنة" جدول الأعمال بأكمله على حساب مناقشة المشكلات الملحة للبلدان النامية، وهناك فهم صحيح بين الدول النامية الأعضاء في مجموعة العشرين لما يحدث في أوكرانيا.
وتضمن إعلان مجموعة العشرين مبادئ مهمة للأمن الغذائي، ودعوة لوقف الهجمات ضد منشآت الطاقة تشمل أيضا الهجمات الإرهابية ضد خط الأنابيب "السيل الشمالي" واستهداف محطة زابوروجيه للطاقة النووية.
ما تضمن الإعلان المشترك، اعترافا بوجود وجهات نظر وتقييمات مختلفة لأحداث أوكرانيا بين الدول الأعضاء في المجموعة. وجاء في الوثيقة: "لقد لفتنا إلى المعاناة الإنسانية والآثار السلبية الإضافية للحرب في أوكرانيا على الأمن الغذائي وأمن الطاقة العالمي وسلاسل التوريد والاستقرار المالي الكلي والتضخم والنمو، مما أدى إلى تعقيد البيئة السياسية بالنسبة للبلدان، وخاصة البلدان النامية والأقل نموا، التي لا تزال جميعها تتعافى من جائحة كوفيد-19 والأزمة الاقتصادية التي قوضت التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وكانت هناك وجهات نظر وتقييمات مختلفة للوضع".
ومن الجدير بالذكر أن صحيفة فايننشال تايمز البريطانية تشارك لافروف الرأي حيث أفادت بأن البيان الختامي لقمة مجموعة العشرين في الهند كان بمثابة ضربة للدول الغربية بسبب عدم وجود إجماع عالمي على دعم أوكرانيا.
واعتبر رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي، مايكل ماكول، أن البيان الختامي لقمة مجموعة العشرين كان بمثابة صفعة على وجه الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي.
ومن جانبها، وصفت المرشحة الرئاسية الأمريكية نيكي هالي هذا القرار بأنه "انتصار لروسيا والصين" وانتقدت بايدن لفشله في إقناع مجموعة الـ 20 باتخاذ موقف أكثر صرامة.
قال جون جيمس عضو مجلس النواب الأمريكي عن ولاية ميشيغان، إن روسيا والصين تعملان على إخراج الولايات المتحدة من الجنوب العالمي في حين يبدي الرئيس جو بايدن "الضعف".
حيث يبدو للجميع اليوم أن القمة خطوة على طريق كسر هيمنة الغرب، ما يدعونا للتساؤل حول خيارات الدول الغربية أمام ظهور مراكز التنمية الجديدة وسط العالم متعدد الأقطاب.
ورغم أزمة الثقة التي يواجهها العالم على حد قول رئيس الوزراء الهندي /ناريندرا مودي/ التي دعا إلى تجاوزها فقد أعلن التوصل إلى توافق في الآراء بشأن الإعلان الختامي لقمة مجموعة العشرين.
ومن أبرز نقاط البيان الذي تضمن 34 صفحة:
- وتعارض مجموعة العشرين استخدام الأسلحة النووية أو التهديد بها
- وتدعو G20 إلى التنفيذ الكامل لاتفاق الحبوب لضمان إمدادات الغذاء والأسمدة من روسيا وأوكرانيا
- ودعا الزعماء إلى إصلاح منظمة التجارة العالمية
- أشار زعماء مجموعة العشرين إلى الأهمية الحاسمة لـ"(أسلوب) الحل السلمي للنزاعات والحوار".
- ودعا زعماء مجموعة العشرين جميع الدول إلى احترام مبادئ القانون الدولي، بما في ذلك "سلامة الأراضي والسيادة".
- قمة مجموعة العشرين ليست منصة لحل المشاكل الجيوسياسية.
- مجموعة العشرين ترى أن "الأزمات المتتالية" تهدد النمو العالمي على المدى الطويل
- مجموعة العشرين تتعهد بـ"تسريع" العمل لمكافحة تغير المناخ
- قادة مجموعة العشرين يدعمون جهود زيادة القدرة العالمية للطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول 2030
ويبدو أنه من المنجزات الأكثر أهمية طرح المهام المحددة لمصلحة دول الجنوب العالمي. وهي تتعلق بزيادة وزن الدول النامية في إدارة الاقتصاد العالمي وضرورة تنفيذ التزامات الدول المتطورة بشأن تمويل الجهود الدولية في مجال المناخ بحجم 100 مليار دولار سنوياُ".