روسيا وإيران يحييان ممر «شمال - جنوب»
في أعقاب الاتفاقات التي تمّ التوصل إليها خلال الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، إلى موسكو في شهر كانون الثاني من العام الجاري، لمواصلة تطوير وتعميق العلاقات الثنائية بين إيران وروسيا، قررت الدولتان إحياء ممر النقل «شمال - جنوب» المعروف اختصاراً باسم INSTC بصورة مشتركة وهو المشروع الذي يجتاز الأراضي الروسية والإيرانية ليصل إلى الأسواق الآسيوية. الأمر الذي ربطه العديد من الخبراء برغبة إيرانية روسية مشتركة لتجاوز منظومة العقوبات الأمريكية ولإنشاء مسارات تجارية غير خاضعة للتهديد والابتزاز الغربي.
وبحسب وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية، فمن أجل تنفيذ المشروع، بدأت الخطوط الملاحية الإيرانية في تمرير البضائع من روسيا إلى الهند أو إلى جنوب آسيا، باستخدام مذكرة شحن واحدة فقط لطريق العبور بأكمله، ما يعني تخفيض تكاليف النقل (مثل رسوم الموانئ والجمارك)، وتقليص فترات انتظار الحاويات، وتسليم البضائع على نحو أسرع، والقضاء على مخاطر عملية نقل الحاويات، ودفع المعاملات المصرفية لتكون أسرع.
ووفقاً للمعلومات التي تمّ الكشف عنها، ستتكون أول عملية عبور روسية إيرانية تجريبية اقترحتها إيران من حاويتين تزنان 41 طناً من البلاستيك الرقيق. والمرسل موجود في مدينة سان بطرسبرغ الروسية وميناء العبور هو أستراخان، وسيتم بعد ذلك نقل الشحنة عن طريق بحر قزوين إلى ميناء أنزلي الإيراني الشمالي، ثم براً عبر الأراضي الإيرانية إلى ميناء بندر عباس الجنوبي، ثم عن طريق البحر إلى ميناء نهافا شيفا الهندي. وكل ذلك بوقتٍ مقدّر للتسليم هو 25 يوماً.
ويمكن أن يذهب ممر النقل هذا إلى أفغانستان عبر محافظتي سيستان وبلوشستان الإيرانيتين. وفوق ذلك، فإن خطة الاستخدام المشترك لممر النقل هذا تشمل بناء خط سكة حديد يمكن أن تنقل البضائع التي تصل إلى الموانئ الإيرانية المطلة على بحر قزوين إلى ميناء شابهار الجنوبي الشرقي. وبالإضافة إلى ذلك، يجري النظر أيضاً في بناء خط للسكك الحديدية من تشابهار إلى منجم هاجيجاك لخام الحديد في أفغانستان، حيث قامت الهند باستثمارات كبيرة.
وكانت صحيفة طهران تايمز نقلت عن وزارة الطرق والتنمية الحضرية الإيرانية قولها إنه وكجزء من اندفاع طهران نحو تعزيز العمل على هذا الممر، فإنها تدرس توسيع التعاون الدولي في مجال النقل البري مع الدول المشاركة في برنامج ممر النقل بين أوروبا والقوقاز وآسيا (TRACECA)، وهو البرنامج الذي أنشئ في بروكسل في أيار العام 1993 ويشارك فيه الآن الاتحاد الأوروبي و12 دولة من أوروبا الشرقية وجنوب القوقاز وآسيا الوسطى. أما الهدف من البرنامج فهو تعزيز الروابط الاقتصادية والتجارة والنقل.
وما لا شك فيه أن واحد من أكبر التغييرات المقبلة في السياسة الإقليمية هو احتمال إبرام اتفاقية كاملة لمنطقة التجارة الحرة بين دول الاتحاد الاقتصادي الأوراسي. حيث من المتوقع أن يتم التوقيع عليها بحلول خريف هذا العام لتحل محل اتفاقية التجارة الحرة المؤقتة التي دخلت حيز التنفيذ في 27 أكتوبر 2019، والتي كان لها تأثير إيجابي على التجارة الثنائية بين روسيا وإيران.