كيف عبر المبتعدون عن الولايات المتحدة عن موقفهم؟
تتزايد يوماً بعد يوم جمهرة المبتعدين عن السياسة الأميركية إن كان علناً أو بطريقة خجولة وغير متيقنة من مآلات تغير التوازنات الدولية التي تتحرك اليوم.
وليس أبلغ من قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي اعتمدته في الثاني من شهر آذار الحالي، في جلستها الاستثنائية الطارئة، وكان مشروع قرار غير ملزم قدمته أوكرانيا، يطالب روسيا بوقف عمليتها العسكرية في أوكرانيا وسحب قواتها من هناك. هذا القرار الذي رفضه المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا مؤكداً أن هناك ضغوطاً على الأعضاء للموافقة عليه، حيث إنّ دولاً غربية لجأت إلى توجيه تهديدات مباشرة لبعض وفود الأمم المتحدة للتصويت لصالح إدانة العملية الروسية في أوكرانيا، إذ صوّت ممثّلو 141 دولة لصالح القرار، مقابل 5 أصوات ضد القرار، فيما امتنعت 35 دولة عن التصويت.
ويبدو أنّ حلفاء الولايات المتحدة الفعليين لم يبق منهم سوى الاتحاد الأوروبي وكندا واليابان والكيان الصهيوني، رغم أن العديد من الدول خرجت من تحت عباءة النفوذ الأمريكي، لكن بعضها ما زال يحاول الخروج.
ومن الدول من كانت أساساً تعلن عدم خضوعها؛ أيْ الدول التي صوتت ضد القرار وهي روسيا وسورية وبيلاروسيا وإرتريا وكوريا الشمالية.
أما الدول التي امتنعت عن التصويت فمنها الدول العربية كالجزائر والعراق والسودان، والأفريقية مثل جنوب أفريقيا، جنوب السودان، أنغولا، غينيا الاستوائية، تنزانيا، مدغشقر، زمبابوي، مالي، موزامبيق، السنغال، والآسيوية مثل الصين، إيران، الهند، باكستان، منغوليا، جمهورية لاوس وسريلانكا، فيتنام، والأمريكية اللاتينية مثل كوبا، بوليفيا، السلفادور، نيكاراغوا، ودول الاتحاد السوفييتي السابق مثل أرمينيا، كازاخستان، قرغيزستان، طاجكستان.
أما الدول التي غابت عن جلسة التصويت فهي المغرب، أذربيجان، تركمانستان، أوزبكستان، أسواتيني، إثيوبيا، غينيا، غينيا بيساو، توغو، الكاميرون وفنزويلا.
هذا بالإضافة إلى أن بعض الدول الأوروبية أبدت امتعاضها من الضغوطات التي مورست عليها من أجل التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة إن كان بشكل مباشر أو غير مباشر، مثل ألمانيا وفرنسا وهنغاريا ورومانيا وصربيا، ناهيك عن بعض الدول العربية مثل السعودية والإمارات.
إذ أكد الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش أن معظم مواطني صربيا لم يؤيدوا تصويت بلغراد لصالح قرار إدانة العملية الروسية في أوكرانيا في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
فيما كان الكيان الصهيوني قد ضغط على الإمارات لتأييد قرار أممي يدين العملية الروسية في أوكرانيا.
هذا وقد انتقد رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان بشدة الاتحاد الأوروبي على مطالبته إسلام آباد بالتصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح قرار يدين العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وقد كشفت الحكومة الإثيوبية عن سبب تغيبها عن جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخراً لبحث الأزمة الأوكرانية، إذ قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية دينا مفتي: إن قرار بلاده بعدم حضور الجلسة كان قراراً دبلوماسياً ناضجاً، ويتوافق مع سياستها في الوقوف على الحياد.
أما الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فأعرب عن اعتقاده بأن الأزمة في أوكرانيا كشفت عن فشل مجلس الأمن وأنه لا بد من إصلاح نظام الأمم المتحدة الحالي الذي وصفه بـ"غير العادل" و"غير المقبول".
هذا وقد صرح ممثل مصر في الجمعية العامة بأن القاهرة ترفض منهج توظيف العقوبات الاقتصادية خارج إطار آليات النظام الدولي متعدد الأطراف، وضرورة عدم غض الطرف عن البحث في جذور ومسببات الأزمة الراهنة، وتجديد التحذير من مغبة الآثار الاقتصادية والاجتماعية للأزمة الراهنة على الاقتصاد العالمي برمته.
ومن الظاهر أن آثار هذه الأزمة السياسية في استفحال الأزمة اقتصادياً لن تترك للولايات المتحدة من صديق سوى حلفائها التقليديين، ويبدو أنه ليس كلهم، بل بعضهم.