لماذا حظي مسلسل لعبة الحبّار Squid Game بهذه الشعبية؟
تحوّل المسلسل الكوري لعبّة الحبّار Squid Game إلى ظاهرة عالمية. أعلنت شبكة نتفليكس بأنّه أصبح رسمياً أكثر مسلسل يتم حضوره على المنصة، بعدد مشاهدين فاق 111 مليون مشاهد حول العالم. نتفليكس تعرض في 90 دولة على الأقل، وقد حظي لعبة الحبّار بالصدارة عليها.
لمن لم يحضر المسلسل، فالحبكة بالمختصر تدور حول سلسلة لعب للأطفال يتنافس فيها مئات البالغين لفرصة الفوز بأموال لا يمكن تخيلها. وفي المقابل، يكون ثمن الخسارة هو الموت.
أمّا المتسابقون الذين يختارهم صانعوا اللعبة بشكل غامض، فيكونون من بين أكثر الأشخاص مديونية، وأكثرهم يأساً في الحياة. مجموعة صغيرة من المليارديرية يشاهدون المنافسات، ويقررون فيما بينهم من سينجح ومن سيفشل من بين المتنافسين.
لا شكّ أنّ هناك الكثير من العوامل وراء ردّ الفعل العالمي الهائل على المسلسل، ولكنّ أحد هذه العوامل الأكثر أهمية ومحورية هو ما يهمنا هنا: إنّه ببساطة تصويره للأفراد اليائسين في أوضاع يائسة، والعواقب التي تنجم عن مجتمع تقوده اللامساواة الاجتماعية، والطمع وإجرام الأثرياء.
إنّهم نحن بقالب درامي
الأشخاص الذين يتنافسون في اللعبة، مع بعض الاستثناءات، شخصيات تدفع للتعاطف. عبدول علي كمثال هو مهاجر من باكستان، يشعر بأنّه مجبر على المشاركة في اللعبة ليتمكن من إعالة عائلته بعد أن رفض أرباب عمله دفع أجوره لأشهر. أمّا الشخصية الرئيسية سيونغ غي-هون، فهو يكافح ليتمكن من إعالة شقيقته ومساعدة والدته المريضة، في الوقت الذي يكافح فيه للتخلّص من إدمانه على القمار.
إذا ما أردنا النظر إلى كوريا الجنوبية، موطن المسلسل، فقد كان نمو الاقتصاد الكوري سبباً في إثراء نخب البلاد والنخب الدولية. بينما الطبقة العاملة من جهة أخرى كانت هي من يتم تحميلها وزر الأزمات المالية، أولاً في 1997 و1998، ثمّ لاحقاً في 2008.
لدى كوريا الجنوبية أعلى معدلات الانتحار في العالم، خاصة بين الشباب. وصلت نسب البطالة بين الشباب في كوريا الجنوبية في 2020 إلى 22%. وقد تجاوزت ديون الأسر 1.5 ترليون دولار لتتخطى المخرجات الاقتصادية السنوية للبلاد.
لكنّ الجانب الأكثر قوّة في مسلسل لعبة الحبّار هي عدم اقتصاره على تمثيل الطبقة العاملة الكورية الجنوبية، بل عكسه القواسم المشتركة في حياة وظروف الطبقة العاملة في جميع أنحاء العالم.
ليس في كوريا، بل في العالم
لنأخذ مثالاً على ردّات فعل الإعلام السائد مقالاً حديثاً في النيويورك تايمز بعنوان «لم تشاهد لعبة الحبّار؟ إليك ما لم تفوته» على المسلسل، وكانت ناقدة له «ولتظاهره بأنّه يحمل رسالة اجتماعية معاصرة ذات أهمية».
لكننا نرى بأنّ مشكلة نيويورك تايمز ليست في هذه النقطة، وخاصة أنّها حاولت أن تظهر بأنّ المسلسل يقتصر في أحداثه على المجتمع الكوري الجنوبي، بل مشكلتها أنّه قادر على تمثيل المجتمع الرأسمالي حول العالم. جميع المتنافسين في المسلسل يعانون من أزمات مالية خانقة، ولا سبيل لديهم للخلاص مهما حاولوا جاهدين. لا تبدو أنّ هذه سمة خاصة بكوريا الجنوبية.
في إحدى لقطات المسلسل كمثال، تكون والدة الشخصيّة الرئيسية مجبرة على الذهاب إلى المستشفى. لكنّها تغادرها رغم التحذيرات الصارمة من الطبيب، والسبب هو أنّها غير قادرة على دفع تكاليف العلاج. لست بحاجة لتعيش في كوريا الجنوبية لتواجه مثل هذا الوضع، فكم من ملايين البشر العاملين غير القادرين على تحمّل تكاليف الرعاية الصحية حول العالم؟ في الولايات المتحدة كمثال، وصلت ديون التلاميذ إلى ترليون دولار. مبيع الأشخاص لدمائهم ارتفع ممّا قيمته 12 مليون سنوياً في 2006 إلى 38 مليون سنوياً في 2016.
لا نحاول في هذا المقال الترويج للمسلسل، ولا نقول بأنّه تمكّن من عرض كلّ ما يجب عرضه. نحن نبحث ببساطة عن سبب شعبيته: الفقراء والعاملون حول العالم يمكنهم أن يروا بسهولة بأنّ تجاربهم متشابهة، وبأنّ مستغلّيهم متشابهون أيضاً. الأمر بهذه البساطة.