إضراب العمال ينتصر في أكبر شركة مخابر بالعالم
انتهى الإضراب، ومضى سائقو الشاحنات والسيارات وبعض العمّال في شركة «Mondelez International»، وهي أكبر شركة مخابز في العالم، على رصيف الطريق يلوحون برايات إضرابهم منتصرين عائدين إلى منازلهم. قام بالإضراب ألف عامل منظّم نقابياً يعملون في نابيسكو وشركتها الأم Mondelez، بعد أن اضطرّ أرباب العمل – بعد أن عانوا من شلّ العمّال للمؤسسة لخمسة أسابيع متتالية – إلى الموافقة على العقود الجديدة الممتدة لأربعة أعوام.
وكما علّق دونالد وودز، رئيس فرع نقابة «BCTGM Local 1» في شيكاغو، وأحد المفاوضين عن العمّال، أثناء الهجوم على بيروقراطيي النقابة: «أرادت النقابة الحفاظ على ما لدينا، لكننا لم نكن نملك شيئاً لنخشى خسارته». حاز الاتفاق على موافقة 893 عامل، بينما وقف ضدّه 201.
كانت شروط الشركة هي فرض مناوبات دورية مدتها 12 ساعة، مع وجود ثلاثة أو أربعة عمّال في المواقع ذات الطلب المرتفع، لكنّها اضطرّت للموافقة على إنشاء مناوبات في أيام العطل، والأهم أنّ الاتفاق الجديد يسمح للعمّال بتقاضي أجور ساعات عمل إضافية وأجور أيام العطل، الأمر الذي لم يكن ليتحقق لولا الإضراب.
كما أنّ الاتفاق الجديد يمنع الشركة من فرض العمل أيّام العطلة على العمّال، فإمّا أن يعمل العمّال طواعية أيام العطل ونهايات الأسبوع، أو سيكون على الشركة استخدام عمّال جدد في هذه الأيام.
الأمر الآخر الذي كسبه العمّال أثناء إضرابهم هو سدّ الطريق أمام محاولات شركةMondelēz اقتطاع تأمين العمّال الصحي من أجور العمّال، فرضخت الشركة ووافقت على الاستمرار بدفع 95% من تغطية الرعاية الصحية للعمّال المنظمين نقابياً.
لا يزال بإمكان نابيسكو أن تجبر العمّال على أداء نوبات عمل تصل إلى 16 ساعة، لكن مع الاتفاقيات الجديدة التي فرضها العمّال عبر الإضراب، لم يعد بإمكانها فعل ذلك أيام العطل، وبات عليها أن تدفع مالاً أكثر مقابل تشغيل العمّال لوقت أطول.
عودة للانتصارات
بدءاً من 2016، وجهت شركة Mondelēz ضربات متتالية للعمّال النقابيين، عبر تحويلها للكثير من أعمالها من شيكاغو إلى مصنعها الجديد في المكسيك، حيث أدّى ذلك من بين نتائج أخرى إلى تراجع الشركة عن خطط التقاعد التي كانت تضمنها للعمّال.
حاولت نقابة BCTGM أن تقف في وجه الشركة عبر تنظيم حملة مقاطعة منتجاتها، وتنظيم السائقين في معملها في المكسيك بهدف تكبيد الشركة الخسائر، لكنّها فشلت في ذلك.
لكنّ ما حققه العمّال في إضرابهم الأخير كان بمثابة تذكير معنوي لما يمكن للعمل المنظّم أن يحققه، وذلك على الرغم من الإحصاءات المثيرة للتشاؤم التي قالت بأنّ عام 2020 لم يشهد سوى ثمانية فقط من النزاعات العمالية، أي ثالث أدنى نسبة له منذ الحرب العالمية الثانية.
وهو تذكير بمبادئ الإضراب أيضاً، حيث ينجح الإضراب بشكل أفضل عندما تشلّ قدرة ربّ العمل على القيام بعمله كالمعتاد.
تمكّن هذا الإضراب من تحقيق تضامن واسع، سواء على نطاق المجتمع المحلي، أو على نطاق النقابات الأخرى، أو في وسائل الإعلام المحلية المستقلة. كمثال: جاءت لاعبات من فريق بورتلاند ثورنز ممّن يلعبن في الدوري الوطني لكرة السلة، إلى نابيسكو في بورتلاند لإظهار تضامنهنّ مع عمّال المخابز.
لا يزال العمّال في حالة ترقّب لما يمكن أن تقوم به شركة Mondelēz ، فرغم أنّ الشركة أكدت بأنّها لن تنقل المزيد من العمل إلى الخارج في المكسيك، فمصانع نيوجيرسي وجورجيا مغلقان منذ مدّة طويلة هذا العام، علاوة على إغلاقها الكثير من مصانعها على مدى العقد الماضي.
كما أنّ التنظّم النقابي انخفض من 2000 عضو في 2016، إلى مجرّد ألف عامل في الشركة اليوم. يتماشى هذا مع انخفاض عدد المنتسبين إلى نقابة BCTGM من 117 ألف عضو في 2001 إلى 60 ألف في هذا العام.
لا تتوافق أرباح الشركة مع أجور عمالها الذين شهدوا نمو مداخيل الشركة وركود أجورهم. صافي دخل الشركة في الأشهر الستة الأولى هذا العام أعلى بقرابة 60% من صافي دخلها العام الماضي، كما تلقّى مديرها التنفيذي مبلغ 16.8 مليون دولار كتعويض عن عام 2020 بزيادة قدرها 12% عمّا تلقاه في 2018. يبلغ أجر المدير التنفيذي 544 ضعف وسطي الأجور لعمّال Mondelēz.
لكنّ العمّال الذين بلغ السيل الزبى بهم، قرروا البدء باستعادة حقوقهم، ولذلك وقفوا وقاتلوا وربحوا المعركة.