حراك الأسرى في طليعة النضال التحرري وشرارةٌ لتصعيده
فيديل قره باغي فيديل قره باغي

حراك الأسرى في طليعة النضال التحرري وشرارةٌ لتصعيده

يتصاعد نضال الحركة الفلسطينيّة الأسيرة مؤخراً، وبشرارةٍ من عملية نفق الحرية البطولية، ليتصدّر مشهد النضال التحرري للشعب الفلسطيني، كنقلة مهمة تأتي تراكماً غير منفصل وغير تصادفي بالنسبة لما سبقها من الانتصار في غزة بفرض معادلات ردعٍ نوعية جديدة كان أبرزها تهديد صواريخ المقاومة لأي هدف في الجغرافية المحتلة دون استثناء بما فيها «تل أبيب» نفسها، وما تلاها ورافقها من هبّة شعبية انتفاضيّة ليس في القدس المحتلة والضفة فحسب، بل وكذلك الأراضي المحتلة منذ 1948، لتفتح على العدو عدة جبهات وبأشكال نضالية متنوّعة، تترافق مع تصاعد الاحتجاج والغضب ضد سلطة أوسلو وقمعها وتنسيقها الأمني مع العدوّ، والذي شكّل اغتيال المناضل نزار بنات مفصلاً رمزياً لنتائجه التي ما زالت تتفاعل حتى اليوم. إنّ أكثر الآراء والتقييمات سطحيةً وخطأ ووهماً هي تلك القائلة بأنّ إعادة اعتقال الأسرى الستة يقلّل من شأن الإنجاز أو ينهي مفاعيله، في الوقت الذي تدلّ الأحداث واتجاهاتها على عكس ذلك تماماً، ليس فقط لارتفاع احتمال أن يمرّغ أنف الاحتلال بالوحل أكثر إذا أعيد تحرير الستة كجزء من صفقة تبادل، بل ولأنّ العدو رغم عدوانيّته التي تدفعه لمزيد من الانتهاكات يعرف بالوقت نفسه أنه «يلعب بالنار» كما أقرّت بذلك حَرفياً صحيفة «هآرتس».

الاحتلال يعترف باهتزاز أمنه

امتلأت جميع وسائل الإعلام «الإسرائيلية» بتقارير وتصريحات مسؤولي العدو وخبرائه التي تبرز حجم الإخفاق الأمني لمنظومته الأمنية والقمعية وخطورة الخرق الذي مثّلته عملية (نفق الحرية) على هيبة «إسرائيل» حتى بعد إعادة اعتقال جميع الأسرى الستة.

على سبيل المثال قالت صحيفة «جيروزاليم بوست» إنه على الرغم من إعادة اعتقال أسرى نفق «جلبوع» الستة، إلا أن التساؤلات ما زالت تثار حول الإخفاقات الأمنية «الإسرائيلية» التي أدت لنجاحهم بانتزاع حريتهم. وتوضح الصحيفة، أنّ العملية كشفت عن سلسلة من الإخفاقات، بما في ذلك أنّ مصلحة السجون «لم تتعلم دروسًا من محاولات هروب سابقة»، بالإضافة إلى العديد من القضايا الرئيسة الأخرى، وتشمل الحرّاس النائمين وأبراج المراقبة غير المأهولة بسبب نقص الموظفين وشعور «الأسرى الأمنيّين» بالجرأة العالية، وهي قضية رئيسية تم بحثها بالفعل في تقرير اللجنة الخاصة لعام 2018.

وأضافت: يجب أن يكشف التحقيق في إخفاقات سجن جلبوع جميع القضايا الأخرى التي لم ترَ النور بعد، لأن أمن «إسرائيل» على المحك، ويجب إغلاق الثغرات بين الضفة المحتلة وفلسطين 48 والتي انتقل من خلالها اثنان من الأسرى الهاربين إلى الضفة المحتلة.

in9098

الاحتلال يعترف باهتزاز أمنه

امتلأت جميع وسائل الإعلام «الإسرائيلية» بتقارير وتصريحات مسؤولي العدو وخبرائه التي تبرز حجم الإخفاق الأمني لمنظومته الأمنية والقمعية وخطورة الخرق الذي مثّلته عملية (نفق الحرية) على هيبة «إسرائيل» حتى بعد إعادة اعتقال جميع الأسرى الستة.

على سبيل المثال قالت صحيفة «جيروزاليم بوست» إنه على الرغم من إعادة اعتقال أسرى نفق «جلبوع» الستة، إلا أن التساؤلات ما زالت تثار حول الإخفاقات الأمنية «الإسرائيلية» التي أدت لنجاحهم بانتزاع حريتهم. وتوضح الصحيفة، أنّ العملية كشفت عن سلسلة من الإخفاقات، بما في ذلك أنّ مصلحة السجون «لم تتعلم دروسًا من محاولات هروب سابقة»، بالإضافة إلى العديد من القضايا الرئيسة الأخرى، وتشمل الحرّاس النائمين وأبراج المراقبة غير المأهولة بسبب نقص الموظفين وشعور «الأسرى الأمنيّين» بالجرأة العالية، وهي قضية رئيسية تم بحثها بالفعل في تقرير اللجنة الخاصة لعام 2018.

وأضافت: يجب أن يكشف التحقيق في إخفاقات سجن جلبوع جميع القضايا الأخرى التي لم ترَ النور بعد، لأن أمن «إسرائيل» على المحك، ويجب إغلاق الثغرات بين الضفة المحتلة وفلسطين 48 والتي انتقل من خلالها اثنان من الأسرى الهاربين إلى الضفة المحتلة.

in9076

 

وحدة الحركة الأسيرة وطليعيّتها

من التبعات ذات الدلالة لأحداث نفق الحرية، برز اتحاد عدد كبير من الأسرى داخل السجون على اختلاف فصائلهم وتشكيلهم قوةً استطاعت تهديد إدارة سجون الاحتلال بالإضراب احتجاجاً على الهجمة القمعية الشرسة التي جاءت كردّ فعل هستيريّ من العدو الذي انكسرت هيبة منظومته الأمنية وسجونه. وقد مرّ حراك الأسرى الجماعي هذا بمرحلة انتصار وصفت من مراقبين فلسطينيين وعارفين بتاريخ الحركة الأسيرة بأنّه الأول من نوعه من حيث استطاعته انتزاع تنازلات من العدو بعد أيام قليلة فقط بواسطة مجرد تلويح الأسرى بالإضراب وحتى قبل ودون تنفيذه فعلياً، حيث أجبر الأسرى إدارة سجون العدو على نوع من «هدنة» أو اتفاقية معهم يتوقف بموجبها السجانون عن إجراءات كانوا قد باشروا بها تتعلق بتفريق أسرى عن بعضهم وانتقائية بتشديد قمع فصيل دون آخر وما إلى ذلك.

وتبرز أهمية تنسيق ووحدة الحركة الأسيرة بشكل خاص لمواجهة سياسة «فرّق تسُدْ» التي يمارسها الاحتلال، حيث من المعروف أساساً ومنذ زمن طويل بأنّه يمارس سياسة التقسيم المكاني لزنازين الأسرى على أساسٍ فصائلي، وفي الفترة الأخيرة بعد عملية نفق الحرية حاول تشديد سياسة الاستفراد بفصيل بعينه، فقام بنقل ما لا يقل عن 400 أسير من حركة الجهاد الإسلامي وتشتيتهم وزج قياداتهم في العزل الانفرادي، فضلاً عن التعذيب والضرب وحرمان عام للأسرى من الخروج لساحات التنفس «الفورة» وشراء الحاجيات والأطعمة والأشربة من «كانتينا» السجن. وفي التهديد الأخير بالإضراب الجماعي استطاع الأسرى انتزاع تراجع إدارة السجون عن جزء من هذه الإجراءات فتم تعليق الإضراب (لا إلغاءه) لإتاحة مزيد من المفاوضات لاسترجاع باقي الحقوق وإعادة الوضع إلى ما قبل 6 أيلول (تاريخ فرار الأسرى الستة).

ولكن يبدو أن المستوى السياسي الفصائلي ولا سيّما خارج السجون لم يستطع أن يرتقي إلى مستوى تقدّمية وحدة موقف الأسرى وطليعيّته، فظهر تشتت وضعف التنسيق، وتقصير الضغط السياسي والقانوني للحفاظ على نتائج التهديد بالإضراب وتثبيتها، مما ساهم على الأقل كأحد العوامل التي سمحت لإدارة السجون بنكث وعودها والتنصل من الاتفاقية والعودة لاستئناف إجراءاتها القمعية التي بدأتها.

وكما لاحظ مسؤول ملف الأسرى في الجبهة الشعبية، علام الكعبي في النقاش الحواري المذكور: «على صعيد انتخاب الهيئات القيادية داخل السجون التي تمثل الأسرى، أكاد أجزم بأنّ أكثر عملية ديمقراطية شفافة في العالَم تجري في داخل السجون، من حيث الترتيب والتنظيم وتداول المواقع القيادية داخل السجون» وذلك بفضل الوعي الوطني والسياسي العالي الذي تتمتع به الحركة الأسيرة.

وهذا ليس غريباً إذا تذكّرنا بأنّ هؤلاء من خيرة مناضلي الشعب الفلسطيني ومقاوميه وقياداته والأكثر خطراً على الاحتلال وإلا لما كان اعتقلهم وبهذه الأحكام الطويلة والمؤبدات.

وهناك داخل سجون العدو، كما يوضح علّام الكعبي، هيئة يطلق عليها الأسرى اسم «اللجنة الوطنية النضالية العليا» وتتمثل فيها كل الفصائل الموجودة وهي على تواصل وتنسيق دائم فيما بينها بكل الشؤون والتفاصيل التي تهمّ الأسرى، وهي التي تحدد الخطوط العريضة بالتعامل مع إدارة السجون الصهيونية، وخاصة أنّ الظروف الصعبة تحتاج إلى موقف ميداني سريع وموحّد، وتتميز اللجنة بهامش مهمّ من الاستقلال النسبي عن فصائلها خارج السجون رغم حفاظها على التنسيق الخارجي معها.

in9054

 

وحدة الحركة الأسيرة وطليعيّتها

من التبعات ذات الدلالة لأحداث نفق الحرية، برز اتحاد عدد كبير من الأسرى داخل السجون على اختلاف فصائلهم وتشكيلهم قوةً استطاعت تهديد إدارة سجون الاحتلال بالإضراب احتجاجاً على الهجمة القمعية الشرسة التي جاءت كردّ فعل هستيريّ من العدو الذي انكسرت هيبة منظومته الأمنية وسجونه. وقد مرّ حراك الأسرى الجماعي هذا بمرحلة انتصار وصفت من مراقبين فلسطينيين وعارفين بتاريخ الحركة الأسيرة بأنّه الأول من نوعه من حيث استطاعته انتزاع تنازلات من العدو بعد أيام قليلة فقط بواسطة مجرد تلويح الأسرى بالإضراب وحتى قبل ودون تنفيذه فعلياً، حيث أجبر الأسرى إدارة سجون العدو على نوع من «هدنة» أو اتفاقية معهم يتوقف بموجبها السجانون عن إجراءات كانوا قد باشروا بها تتعلق بتفريق أسرى عن بعضهم وانتقائية بتشديد قمع فصيل دون آخر وما إلى ذلك.

وتبرز أهمية تنسيق ووحدة الحركة الأسيرة بشكل خاص لمواجهة سياسة «فرّق تسُدْ» التي يمارسها الاحتلال، حيث من المعروف أساساً ومنذ زمن طويل بأنّه يمارس سياسة التقسيم المكاني لزنازين الأسرى على أساسٍ فصائلي، وفي الفترة الأخيرة بعد عملية نفق الحرية حاول تشديد سياسة الاستفراد بفصيل بعينه، فقام بنقل ما لا يقل عن 400 أسير من حركة الجهاد الإسلامي وتشتيتهم وزج قياداتهم في العزل الانفرادي، فضلاً عن التعذيب والضرب وحرمان عام للأسرى من الخروج لساحات التنفس «الفورة» وشراء الحاجيات والأطعمة والأشربة من «كانتينا» السجن. وفي التهديد الأخير بالإضراب الجماعي استطاع الأسرى انتزاع تراجع إدارة السجون عن جزء من هذه الإجراءات فتم تعليق الإضراب (لا إلغاءه) لإتاحة مزيد من المفاوضات لاسترجاع باقي الحقوق وإعادة الوضع إلى ما قبل 6 أيلول (تاريخ فرار الأسرى الستة).

ولكن يبدو أن المستوى السياسي الفصائلي ولا سيّما خارج السجون لم يستطع أن يرتقي إلى مستوى تقدّمية وحدة موقف الأسرى وطليعيّته، فظهر تشتت وضعف التنسيق، وتقصير الضغط السياسي والقانوني للحفاظ على نتائج التهديد بالإضراب وتثبيتها، مما ساهم على الأقل كأحد العوامل التي سمحت لإدارة السجون بنكث وعودها والتنصل من الاتفاقية والعودة لاستئناف إجراءاتها القمعية التي بدأتها.

وكما لاحظ مسؤول ملف الأسرى في الجبهة الشعبية، علام الكعبي في النقاش الحواري المذكور: «على صعيد انتخاب الهيئات القيادية داخل السجون التي تمثل الأسرى، أكاد أجزم بأنّ أكثر عملية ديمقراطية شفافة في العالَم تجري في داخل السجون، من حيث الترتيب والتنظيم وتداول المواقع القيادية داخل السجون» وذلك بفضل الوعي الوطني والسياسي العالي الذي تتمتع به الحركة الأسيرة.

وهذا ليس غريباً إذا تذكّرنا بأنّ هؤلاء من خيرة مناضلي الشعب الفلسطيني ومقاوميه وقياداته والأكثر خطراً على الاحتلال وإلا لما كان اعتقلهم وبهذه الأحكام الطويلة والمؤبدات.

وهناك داخل سجون العدو، كما يوضح علّام الكعبي، هيئة يطلق عليها الأسرى اسم «اللجنة الوطنية النضالية العليا» وتتمثل فيها كل الفصائل الموجودة وهي على تواصل وتنسيق دائم فيما بينها بكل الشؤون والتفاصيل التي تهمّ الأسرى، وهي التي تحدد الخطوط العريضة بالتعامل مع إدارة السجون الصهيونية، وخاصة أنّ الظروف الصعبة تحتاج إلى موقف ميداني سريع وموحّد، وتتميز اللجنة بهامش مهمّ من الاستقلال النسبي عن فصائلها خارج السجون رغم حفاظها على التنسيق الخارجي معها.

in9043

جنين «عاصمة المقاومة» بالضفة

 تاريخ جنين ومخيّمها بشكل خاص معروف بعدة ميزات مهمّة: معقل للمقاومة المسلّحة ضد الاحتلال، حيث سبق لشارون أن وصفها بـ«عش الدبابير» واجتاحها الاحتلال وارتكب مجزرة فيها (من 1 إلى 11 نيسان 2002)، وتوجد فيها غرفة عمليات مشتركة للمقاومة تضمّ عدة فصائل وما لذلك من أهمية ورمزية في وحدة الشعب الفلسطيني ونضاله، كما وتتميز جنين بالتمرّد أيضاً على سلطة أوسلو.

وحدثت عدة اشتباكات مسلحة مع الاحتلال مؤخراً بعد العدوان على غزة وتزامناً مع الهبة الشعبية العامة في الضفة وأراضي 48. وكذلك تصاعد استهداف قوات الاحتلال قرب جنين بعد عملية نفق الحرية، ولا سيّما عدة عمليات إطلاق نار وإلقاء عبوات حارقة من المقاومين على «حاجز الجلمة» قرب جنين. وكانت غرفة العمليات المشتركة في جنين أكّدت في بيان صحفي، في 14 أيلول، أنها «لن تسمح للاحتلال بالمساس بالأسرى وسترد بقوة».

ومن المعروف أنّ أسرى نفق الحرية الفارين لهم عوائل وأهل في جنين ومخيّمها، وتوقّع الاحتلال أن تكون جنين وجهة قد يلجأون إليها، ولكن رغم التضييق والمحاصرة أحجم الاحتلال عن اقتحام مخيّم جنين، وذلك لأكثر من سبب وفق الكاتب والباحث الفلسطيني ساري عرابي، الذي أوضح بأنّ «دخول المخيم ربما يفقد قوات الاحتلال عنصر المفاجأة»، ولا سيما أنها «لا تدخل المخيم إلا وتُواجَه، وهذا قد يوفر فرصة للمطاردين للانسحاب إلى مكان آمن». وتابع بأنّ «الاحتلال يريد عملية نظيفة لا تتعرض لأيّ مشاكل، لأنه يريد تبييض صفحته الأمنية وتحقيق إنجاز، بعد الفضيحة الأخيرة. فالاشتباك مع أهالي المخيم قد يتسبب في عدم نجاح العملية بشكل كامل»، وبرأيه «قد يكون هناك» أيضاً «ترتيبات مع جهات إقليمية والسلطة الفلسطينية، لتجنب دخول المخيم، لتحقيق استقرار في المنطقة». وأضاف بأنّ مخيم جنين «مقلق لكل المنظومة في الضفة، لأنه قد يتحول لشرارة تمرّد أكبر قد تنتشر في الضفة كلها، ونحن نتحدث عن حالة مقاومة صحيح أنها ليست بقوة الحالة التي كانت موجودة في الانتفاضتين الثانية والأولى، لكنها قابلة للتمدد والاستمرار والتحول وأن ينبثق عنها فعل أكثر تأثيراً».in9021