معارك شرسة في المليحة: صراع على بوابة الغوطة الشرقية
استمرّت المواجهات في مناطق عدّة من ريف دمشق خلال اليومين الماضيين، أكّثر تلك الجبهات حدّة كانت في بلدة المليحة في الغوطة الشرقية، في وقت تجدّدت فيه الاشتباكات في مخيّم اليرموك جنوبي دمشق.تصاعدت حدّة المواجهات العسكرية في ريف دمشق في اليومين الماضيين، وخصوصاً في الغوطة الشرقية، في بلدات المليحة وجوبر وحرستا ودوما. إضافة الى نقاط متصلة بتلك المحاور في عمق الغوطة كزبدين وجسرين وحمورية وزملكا ووادي عين ترما وعدرا البلد.
وفي موازاة ذلك، شهدت بعض مناطق الغوطة الغربية والريف الجنوبي، كخان الشيح وداريا، معارك جديدة، في وقت لا يزال فيه الجيش يستهدف جيوب المسلّحين في المناطق الغربية من قرية الصرخة وفي بخعة ومزارع رنكوس في القلمون.
الاشتباكات العنيفة أدّت الى مقتل العشرات من مسلّحي المعارضة. وتصدّرت جبهة المليحة مشهد المواجهات. فبعدما تمكّن الجيش من تحقيق إصابات بالغة في صفوف المسلّحين، منذ مطلع الشهر الجاري وتقدّم براً في البلدة، حسمت فصائل المعارضة خيارها بمؤازرة مسلّحي المليحة الذين يتوزّعون بين «فيلق الرحمن» و«جبهة النصرة». وبدأ مسلّحو الغوطة صباح أول من أمس، بالتدفّق إلى البلدة من محاور عدة لوقف تقدّم الجيش. وقال مصدر عسكري لـ«الأخبار»: «أيقن قادة المسلّحين أن المليحة تمثّل بالنسبة للجيش بوابة العبور إلى بقية مناطق الغوطة الشرقية، وتأكّدوا من أن هزيمة مسلّحي المليحة ستعني هزيمتهم مجتمعين، فاتخذوا قرارهم بالمؤازرة». وأكد أن «قيادة الجيش كانت مستعدّة لذلك». فقد نفّذ الجيش أول من أمس كميناً محكماً على أطراف زبدين، في عمق الغوطة، قتل فيه 24 مسلحاً حاولوا التسلّل إلى المليحة. وبالتوازي، واصل سلاح الطيران طلعاته الجوّية مستهدفاً تجمّعات المسلّحين في كل مناطق الغوطة، وتمكن الجيش من قتل العديد من المسلّحين وجرح العشرات في منطقة حمورية وفي وادي عين ترما. وبين القتلى في المليحة قائد لواء «فجر الإسلام» التابع لـ«جبهة النصرة»، وقائد «الجيش الحرّ» في حرستا. واستهدفت وحدات الجيش تجمّعات المسلّحين في مزارع عالية في دوما، وعلى محاور عدّة من حي جوبر. أما في الغوطة الغربية، فتمكنت وحدات الجيش، أول من أمس، من قتل العديد من المسلّحين في خان الشيح أثناء محاولتهم التسلّل إلى إحدى النقاط العسكرية، وقصف مواقع لمسلّحين في داريا بالمدفعية الثقيلة، محققة إصابات في صفوفهم.
وفي القلمون، شهد محيط قرية الصرخة اشتباكات قتل خلالها العديد من المسلّحين. وقصفت وحدات الجيش تجمّعات لهؤلاء في قرية بخعة ومزارع رنكوس.
تجدّد الاشتباكات في اليرموك
في سياق آخر، تجدّدت أمس المواجهات في مخيم اليرموك، جنوبي دمشق، بين عناصر «جبهة النصرة» ومقاتلي «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـــ القيادة العامة» وبقية الفصائل الفلسطينية ومسلّحي «القوة الفلسطينية المشتركة». الاشتباكات بدأت على محور شارع فلسطين، وترافقت مع قصف المسلّحين حي التضامن المجاور، شرقاً، بخمس قذائف هاون. ويعد هذا الحدث خرقاً لاتفاق وقف النار الذي بدأ سريانه منذ أسبوعين. وفي السياق، قالت مصادر فلسطينية لـ«الأخبار» إن «مفاوضي «جبهة النصرة» و«أكناف بيت المقدس» تذرّعوا برفض تولّي الشرطة السورية أمن المخيّم وبرفع العلم السوري على نقاط مختلفة فيه، للتحلّل من اتفاق وقف النار». وقال أحد القادة الميدانيين في «القوة المشتركة» لـ«الأخبار» إن «تقدّم الجيش في المليحة هو سبب وراء رفض هؤلاء لتسوية المخيّم، وهم يسعون من خلال خرقهم للاتفاق إلى الضغط على الجيش، ولكن من دون إعلان».
المعارضة تتقدم في القنيطرة
وفي محافظة القنيطرة الجنوبية، لم تهدأ حدّة المعارك في القطاعين الأوسط والشمالي، بعد يومين من الكرّ والفرّ بين وحدات الجيش واللجان الشعبية من جهة، ومسلحين من «النصرة» وكتائب معارضة أخرى. وأول من أمس، احتل المسلحون انطلاقاً من بلدة بيت جن بلدة مغر المير الصغيرة في جبل الشيخ، والفاصلة بين بيت جن وسعسع، وهم يحتجزون حتى الآن من تبقى من الأهالي في منزل واحد، بعدما هجرها معظم سكانها خلال هذا العام. كذلك فرض المسلحون حصاراً على بلدة المقروصة القريبة. وتمكن الطيران الحربي من استهداف تجمع كبير للمسلحين على مدخل بيت جن، ما أدى إلى مقتل وجرح نحو 100 منهم، على ما تؤكد المصادر الميدانية. وتشهد بلدات حضر وعرنة وحينا وحرفا وقرى جبل الشيخ الأخرى استنفاراً من قبل اللجان الشعبية، وتحشيداً لصدّ هجومات المسلحين، واستعادة المواقع السابقة. وتمكّن المسلحون مساء أول من أمس، من التسلل إلى أوتوستراد القنيطرة ـــ دمشق الدولي، وأقاموا حاجزاً لبعض الوقت بعد سيطرتهم على نقطة للجيش على أطراف مخيم خان الشيح، قبل أن يستعيد الجيش السيطرة على الموقع وتأمين الطريق مع ساعات الفجر. وفي القطاع الأوسط، لا تزال حصيلة المعارك غير معلومة، في ظلّ تبدّل السيطرة بين الحين والآخر بين الجيش والمسلحين في الدواية الصغرى وغدير البستان. وفي كوم الباشا، قتل الجيش في كمين عدداً من عناصر «النصرة»، بينهم قائد كتيبة «الحمزة» طارق الأحمد.
على صعيد آخر، كثّف الجيش في اليومين الماضيين غاراته الجوية على تجمعات المسلحين في ريف حلب. واستهدف أول من أمس تجمّعاً قرب صالات الليرمون غرب المدينة، قتل فيه العشرات بحسب ما ذكرت وكالة «سانا» الإخبارية، إضافة الى قصف تجمعات في مساكن هنانو وحي عندان. فيما بثّت مواقع معارضة صوراً لجثث أطفال مؤكدة أنهم قتلوا في غارات الطيران على مبانٍ في حلب.
55 قذيفة هاون في يومين!
في ما بدا ردّاً على تقدم الجيش في الغوطة الشرقية، ازداد معدّل سقوط قذائف الهاون على دمشق وضواحيها. وبلغ عدد القذائف يومي أمس وأول من أمس نحو 55 قذيفة في العديد من الأحياء الدمشقية، ولا سيما تلك المتاخمة لبلدة المليحة من جهة العاصمة، كدويلعة وجرمانا. وقال مصدر عسكري لـ«الأخبار» إن المسلّحين يهدفون إلى زيادة عدد ضحايا الحرب في دمشق وريفها، لتسليط الأضواء الخارجية على المواجهات التي يخسرون فيها تباعاً، وبالتالي ممارسة الضغط على الدولة السورية لثنيها عن مواجهة الإرهابيين».
المصدر: الأخبار