أزمة سكن: الولد سرّ أبيه!
قاسيون بتصرّف عن: هاملتون نولان قاسيون بتصرّف عن: هاملتون نولان

أزمة سكن: الولد سرّ أبيه!

ألا يمكنك إيجاد منزل يؤويك مع عائلتك بما يناسب دخلك؟ إن كان الإيجار هكذا، فماذا عن امتلاك منزل؟ ربّما أزاح واحدة من المستحيلات وجلس مكانها... لكن هل نحن الوحيدون الذين نعاني من هذه الحال؟ أم أنّه مقتصر على «البلدان المتخلفة» بينما تحلّق البلدان المتقدمة بعيداً عن مشاكلنا؟

في الحقيقة لسنا الوحيدين، والأهم أنّ الأمر لا يقتصر على «عالمنا الثالث» بل هي مشكلة يعاني منها كامل العالم الغربي وصولاً إلى قطبه الأكبر: الولايات المتحدة. لدينا هنا طريقان لفهم الأمر: الطريق «الكسول» الذي يقول: طالما أنّ المشكلة عامّة، فهذا يعني بأنّها مشكلة «طبيعية» شائعة. وهناك الطريق «العقلاني» الذي ينظر إلى الأمر ببعض التبصّر، والذي يصل إلى نتيجة أكثر منطقية: طالما أنّ نظامنا الإسكاني، والاقتصادي عموماً، مأخوذ «قصّ ولصق» عن النظام الرأسمالي الغربي-الأمريكي بجوهره: تحويل الإسكان إلى سوق وسلعة، فمن الطبيعي أن نعاني مثلما يعاني الأمريكيون، وأن يعانوا مثلما نعاني، فكما يقولون: الولد سرّ أبيه.

لنرى ما يقوله هاملتون نولان في هذا الصدد:

بعد التعافي من الوباء: الأخبار الجيدة أنّ فرص العمل تزداد وكسب الأجور يزيد، والخبر السيّئ أنّ عليك أن تعطي هذه الأجور لمالك المنزل. رغم ضخّ ترليونات الدولارات للتعافي من الكارثة، سنتعثّر من جديد لتكرارنا الأخطاء نفسها التي ارتكبناها من قبل.

يواجه ثلث الأمريكيين المستأجرين اليوم ارتفاعاً حاداً في أسعار الإيجارات في جميع أنحاء البلاد. من كان يحلم من قبل بامتلاك منزله الخاص بات يكافح فقط ليتمكن من سداد مدفوعات الإيجار، وسيخسرون كفاحهم هذا بشكل متزايد مع الارتفاع المستمر في أسعار العقارات.

يعيش الملّاك التجاريين للعقارات اليوم أحد أحلامهم، فالجمع بين ارتفاع الأسعار ونقص المساكن يعني بأنّه يمكنهم زيادة الإيجارات بشكل مستمر حتّى يعيدوا توجيه آخر ما تبقى من مدفوعات تحفيز اقتصادي إلى جيوبهم. أصحاب العقارات التجاريين عادوا للانضمام إلى أصحاب المليارات والشركات العالمية التي لا روح لها.

يمكن لأسرار التمويل المرتفع والتهرب الضريبي أن تجعل أعين الناس تذهل، لكن يمكن للجميع التغاضي عن الهروب إلى امتلاك العقارات. تعالوا نتخيّل قدرة مالك العقارات المتاجر بها على رمي شخصٍ مسنّ في الشارع، ليس الأمر مرتبطاً بمدى سوء المالك، فهذا مجرّد وجه آخر للفشل البنيوي العميق. أمريكا لا تؤمن مساكن تكفي سكانها. غالباً ما يكون من الصعب على الناس التصديق بأنّ شيئاً بسيطاً مثل العرض والطلب هو في صميم ما يقرر إن كانوا سيتمكنون من إيجاد سقف يؤويهم. لكنّ الأمر صحيح، وهي مشكلة وطنية ولا تقتصر على مناطق بعينها فقط. ففي مدينة كبيرة شديدة الأهمية كنيويورك مثلاً، سيتطلب الأمر مئات آلاف الوحدات السكنية الجديدة لجعل «الإسكان ميسور التكلفة» مدركاً.

حتّى لو تمكنا من التغلّب بشكل سحري على اللوجستيات الهائلة والعقبات الاقتصادية، فسنبقى أمام مواجهة القوة السياسية الهائلة لملّاك العقارات ولسلسلة المنتفعين من إبقاء العقارات كسوق. إنشاء مساكن يمكن تحمل تكلفتها شعار جميل يمكنه جذب جميع المحتاجين لمساكن، لكنّه لا يجذب ملّاك الأراضي والعقارات والمرتبطين بهم الساعين لحماية استثماراتهم. لكن طبقاً لقواعد السوق: ليس لذوي الاحتياجات تأثير سياسي لكونهم لا يملكون المال، بينما يبقى التأثير مرتبطاً بمن يملكه.

المشكلة في جوهرها بسيطة وليست لغزاً: التعامل مع الإسكان بوصفه مجرّد عمل تجاري بدلاً من اعتباره حاجةً وحقاً بشريّاً. ينطبق الأمر ذاته على الرعاية الصحية والتعليم وكلّ ما سلّعته الرأسمالية.

يمكننا شتم ملّاك العقارات قدر ما نشاء، ويمكننا في لحظة انفعال رمي البيض والفضلات على مبنى سكني طردنا منه. لكن الحقيقة أنّ هؤلاء الملّاك لا يفعلون أكثر من المضي في المسار الذي حددته لهم الرأسمالية الأمريكية. ولهذا وكي يكون لغضبنا قيمة أن نصبّه في المكان الصحيح.

بتصرّف: Landlords Are Going to Take Away All Your Wage Gains

آخر تعديل على الثلاثاء, 20 تموز/يوليو 2021 20:54