لا تتركوا «جو» وحيداً مع «فلاديمير»...
سعد صائب سعد صائب

لا تتركوا «جو» وحيداً مع «فلاديمير»...

برز اليوم وأمس مؤشران مهمان وطريفان في آن معاً، فيما يتعلق بالقمة الروسية الأمريكية التي تعقد اليوم في جنيف...

المؤشر الأول: ليس هنالك اجتماع (واحد إلى واحد) بين بوتين وبايدن.

المؤشر الثاني: ليس هنالك مؤتمر صحفي مشترك بين الرئيسين بعد القمة.

 الطريف والمضحك في المسألة هو التفسيرات الإعلامية الغربية و الأمريكية للمسألتين؛ حيث تطرق مقال في رويترز قبل ثلاثة أيام إلى هذا الموضوع، أي المؤتمر الصحفي المنفرد لبايدن؛ وفي الجملة الأولى من المقال، صوّرت رويترز الأمر على أنه خطوة من جانب بايدن لـ«حرمان بوتين من منصة دولية رفيعة لانتقاد الغرب وزرع الفتنة»... أي أنّ بوتين سيتم حرمانه من الوقوف إلى جانب الجد جو أمام الكاميرات لبث السموم الروسية... يا للخسارة.

 أما CNN فقد أشادت بمقالة رويترز قائلة إن «المسؤولون يقولون إن روسيا دفعت باتجاه عقد مؤتمر صحفي مشترك خلال المفاوضات حول القمة»، لكن بايدن قال في شرح سبب اختياره لعقد مؤتمر صحفي منفرد إن «هذه ليست مسابقة حول من يمكنه القيام بأداء أفضل أمام مؤتمر صحفي أو محاولة إحراج لبعضنا البعض».

 وإذاً فقد نطق بايدن بالحقيقة وإنْ مواربة: المسابقة إن جرت فهي خاسرة أمريكياً، وفوق ذلك سيحصل «إحراج»...

 التفسير...

التفسير الواقعي للمؤشرين الذين بدأنا بهما، هو أنّ فريق العمل الأمريكي يتجنب ترك الجد جو وحيداً مع فلاديمير، وهم محقون بذلك؛ فحتى ترامب المتنمر والمعتاد على الخروج عن اللياقات الدبلوماسية بشكل متكرر مع رؤساء ومسؤولي الدول، لم يستطع ممارسة ألعابه المعتادة خلال قمة 2018 مع بوتين.

 فكيف سيكون الأمر مع جو الذي أثبت خلال الأشهر الماضية أنّ عامل التقدم بالسن يلعب دوراً كبيراً يوماً وراء آخر في التأثير على أدائه... بما في ذلك قدرته على التركيز والتذكر؟؟ ولذا فإنّ حرجاً كبيراً يمكن أن يقع سواء وراء أبواب مغلقة أو في مؤتمر صحفي أمام العالم بأسره.

ولكن هذا ليس السبب الوحيد للمسألة، بل نعتقد أن هنالك ما هو أهم منه ربما؛ ونقصد ما يلي:

من يتابع حجم الجعجعة الإعلامية الضخمة التي استبق بها الأمريكان القمة، وبطولاتهم الكرتونية، ويتابع في الوقت نفسه حقيقة التراجع الأمريكي بالمؤشرات الاقتصادية والسياسية والعسكرية الكبرى أمام الصين وروسيا، يعلم أنّ الهدف الأساسي من الجعجعة ومحاولة حشد «الحلفاء» بأكبر قدر ممكن وراء الولايات المتحدة هو أمران: الأول هو التغطية بقنابل دخانية وصوتية إعلامية على التنازلات التي سيتم تقديمها، والثاني هو محاولة تحميل هؤلاء الحلفاء بالذات أكبر قسم ممكن من فاتورة التنازلات التي سيجري تقديمها...

وهذان الأمران معاً، يتناقضان مع عقد مؤتمر صحفي مشترك لبوتين وبايدن يظهر ضمنه حتى ولو إيحاء بحجم ونوع التوافقات التي سيجري التصديق عليها...

لذا فإنّ الجد جو سيكون مرتاحاً أكثر بهذه الطريقة، وكذلك الفريق الضخم الذي يعمل من خلفه... ولا مانع أن تستمر CNN وشبيهاتها، (التي لا تختلف في جوهر عملها عن الإعلام التطبيلي للأنظمة في منطقتنا)، بالقول إنّ البطل الأمريكي سيحرم بوتين من فرصة التوجه للجمهور الغربي، وغير ذلك من الطرائف المسلية...

(النسخة الانكليزية)

 
آخر تعديل على الأربعاء, 16 حزيران/يونيو 2021 13:10